البث المباشر

شمولية الشفاعة المحمدية حوار مع الشيخ محمد السند حول الإقتصاص من الظّلمة وجاهة المقام المحمديّ المحمود وأركان الصّراط المستقيم

السبت 6 إبريل 2019 - 09:39 بتوقيت طهران

الحلقة 108

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسّلام على شفعاء دار البقاء محمد وآله الطاهرين، السّلام عليكم ايها الأكارم ورحمة الله، أهلاً في لقاء جديد من هذا البرنامج، نأمل أن تقضوا وقتاً طيباً ومفيداً مع فقراته وهي:
- شمولية الشفاعة المحمدية
- الإقتصاص من الظّلمة
- وجاهة المقام المحمديّ المحمود
- وأركان الصّراط المستقيم

*******

نبدأ جولتنا أعزاءنا على بركته وبتوفيقه، وبرجاء الفوز بشفاعة نبيّ الرحمة (صلى الله عليه وآله)، نقدّم الفقرة الأولى من البرنامج وعنوانها هو: 

شمولية الشفاعة المحمدية

روي في كتاب روضة الواعظين وغيره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيان ماهية المقام المحمود المذكور في قوله تعالى «وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا».
فقال (صلى الله عليه وآله): (هو): المقام الذي أشفع فيه لأمتي. 
وفي أمالي الشيخ الطوسي مسنداً عن أنس بن مالك أنه رأى رسول الله يوماً مقبلاً على علي بن أبي طالب (عليه السّلام) وهو يتلو الآية المتقدّمة، ثم قال (صلى الله عليه وآله): يا علي، إنّ ربي عزّ وجلّ ملّكني الشفاعة في أهل التوحيد من أمتي وحظر ذلك عمّن ناصبك (العداء) وناصب ولدك بعدك.
وواضح من هذا الحديث الشريف أنّ حرمان أعداء آل محمد (صلى الله عليه وآله) من الشفاعة الالهية هو حكم إلهي صادر من الحضرة الرّبوبية مباشرة.
وإذا كانت الأحاديث الشريفة المتقدّمة تصرّح بأنّ الأمة المحمدية وأهل التوحيد منهم بالخصوص تشملهم شفاعة نبيّ الرحمة (صلى الله عليه وآله): فانّ المراد منها ذكر بعض المصاديق وليس الحصر، أجل أحباءنا إذ روت المصادر المعتبرة عدّة أحاديث تصّرح بسعة نطاق الشّفاعة المحمدية، فمثلاً روي في كتاب تفسير علي بن ابراهيم مسنداً عن مولانا الامام الباقر (عليه السّلام) أنه قال ضمن حديث: أما لو قد رأيت أفزاع القيامة لقد إحتجت الى شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله).
ثم قال (عليه السّلام): ما أحد من الأولين والآخرين إلا وهو محتاج الى شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله) يوم القيامة.
وكما هو واضح في صريح الحديث المتقدّم فإنّ الجميع بحاجة الى الشفاعة المحمدية، ولكن كل بحسبه، أي كلّ حسب حاجته، فبعضهم لدخول الجنة بغير حساب، وبعضهم لرفع درجاتهم في الجنة، وبعضهم لإنقاذهم من أهوال القيامة ومشاقها قبل دخول الجنة، ومنهم لغفران الذنوب التي إستوجبوا بها المكوث في النار مدّة معيّنة قبل الإنتقال الى الجنة.
ولكن من هم الذي يفوزون بالشّفاعة المحمدية بمختلف مصاديقها، وما هي الشروط الاساسية للفوز بها، وما هي أسباب الحرمان منها، هذه الأسئلة أجابت عنها الأحاديث الشريفة بوضوح، وهذا ما سنستعرضه في الحلقة المقبلة بأذن الله.

*******

أما الآن فالى خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند للإجابة عن أسئلتكم.

الإقتصاص من الظّلمة

المحاور: السلام عليكم احبائنا ورحمة الله وبركاته اهلاً بكم وبضيفنا الكريم خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند، سماحة الشيخ الاخت آمال بعثت برسالة عبر البريد الالكتروني تقول فيها كيف يقتص الله من الظالم يوم القيامة؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين، القصاص يكون للظالم الوان وانواع العذاب والعقوبات، مثلاً عرصات يوم القيامة لان للقيامة مشاهد عديدة وعقبات عديدة، محافل عديدة وليست هي مشهد واحد، بل عدة احداث عدة مراحل هو عالم برأسه في يوم القيامة والمحشر، فهناك انواع والوان من العذاب تؤخذ وتوقع على الظالم وبحسب انواع الظلم، وكما يحدثنا القرآن الكريم في دعاء الظالمين ثبوراً يدعون على انفسهم انهم لو كانوا ليسوا باحياء ولو كانوا تراباً وما شابه ذلك يسحقون تزجر لهم نيران حتى وهم بعد لم يدخلوا النار، والوان عديدة في الآيات الكريمة ذكرت بحسب انواع الظلم واختلافه، ومثلما اجروه على المظلومين يجرى عليهم سواء في دولة الرجعة التي هي القيامة الصغرى او في القيامة الكبرى يقتص منهم ويذخر لهم العذاب الاكبر في القيامة الكبرى.
المحاور: سماحة الشيخ الاخت الكريمة تشير ان هناك بعض الآراء تقول بان الظالم في يوم القيامة لا يعذبه احد، يعني المفهوم من آيات سورة الفجر «لا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ» و«لّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ»، مضمون الآية الكريمة يعني هو يعذب نفسه بنفسه من خلال آثار الاعمال التي ارتكبها، هل هذا المعنى يقتصر على العذاب الداخلي الذاتي ام ان هنالك عذاب خارجي ايضاً ينزل بالظالم يوم القيامة؟
الشيخ محمد السند: في الحقيقة المذكور في سورة الفجر اشارة الى عنصر خاص من الظالمين وهو ما لا يوثق باوثقة وقيود مكبلة احد غيره مثله، وبعض الروايات تقول ان هناك من الانس من يزيد في الشيطنة والعذاب على ابليس حتى ان ابليس يقول من هذا الذي حمل اوزار اكثر مني فيتعجب، فذلك هو المراد في الآية الكريمة، ليس المراد انه لكل الظالمين انه لا يتعذبون بتوسط آخرين، كيف والقرآن حافل بان زبانية وملائكة النيران يسحبون خذوه فاعتلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها كذا هذه تعابير كثيرة، تسحب وتزجر وكذا وفلان، فالمقصود لا يعذب عذابه احد غيره مثله، يعني لا يوثق وثاقه احد غيره يعني هذا الوثاق الذي يشار الى شخص خاص في عهد الامة الاسلامية وفي عهد القرآن يشير الى ان هناك من الانس من يكبل اوزار تفوق اوزار حتى ابليس، تفوق اوزار أي احد من الظالمين، هناك شخص يشير اليه القرآن الكريم انه هذا يفوق في القيود والسلاسل المكبلة له والوثاق التي يوثق ويكون مقمح به لا يضاهيه احد غيره هذا المعنى.
المحاور: يعني سماحة الشيخ المقدار المتيقن بان عذاب الظالم يوم القيامة يشمل كلا النوعين، يعني عذاب آثار الاعمال التكوينية والعذاب الخارجي؟
الشيخ محمد السند: طبعاً العذاب التكويني ليس كما قد يتخيل من بحوث جمهور الفلاسفة انه عذاب لا ارتباط له بشجرة الزقوم ولا ارتباط له بالخارج الصحيح من المحققين في المباحث والمعرفة من فلاسفة او غيرهم محللين او متكلمين او مفسرين ان العذاب في حين تجسم اعمال ونابع من النفس لانه له ارتباط بموجودات ملكوتية اخرى من شجرة الزقوم النار وما شابه ذلك، كما ورد في الخطبة الشعبانية ان النبي صلى الله عليه وآله يقول: انني ارى بعضكم متدلي بغصن من شجرة الزقوم والآخر مربوط باغصان اكثر من شجرة الزقوم تهوي به وتسحب اكثر فاكثر، فكون العذاب وتجسم الاعمال نابع من تجوهرات في النفس هذا لا يعني عدم ارتباط النفس بالموجودات الخارجية، كما ان النفس الآن الجزئية التي يملكها الانسان هي مرتبطة بالنفس الكلية مرتبطة بالعقل الكلي وان لم يكن ارتباط بمعنى وحدة الحقيقة والماهية والذات الكلي مع العقل الجزئي من الانسان ولكن هناك نوع ارتباط شعاع ونوع تفاعل تكويني بعبارة اخرى، فكذلك في تجسم اعمال الانسان في ارتباطه مع النار كحقيقة كونية ومع شجرة الزقوم ايضاً كحقيقة كونية وارتباط هذه النفس الجزئية باعمالها توجب روابط وعلائق ووصال مع تلك الموجودات الدركية.
المحاور: سماحة الشيخ محمد السند شكراً لكم، وشكراً لاحبائنا وهم يتابعون مشكورين ما تبقى من فقرات هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل.

*******

نتابع ايها الاعزاء تقديم هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل بتجديد الشكر لطيب إصغائكم لفقراته ونبقى في دائرة الشفاعة المحمدية ضمن فقرة روائية إخترنا لها العنوان التالي: 

وجاهة المقام المحمدي المحمود

روى الشيخ العياشي رضوان الله عليه في تفسيره الروائي القيّم بسنده عن مولانا باب الحوائج الامام موسى الكاظم (عليه السّلام): يقوم الناس يوم القيامة مقدار أربعين عاماً فيلجمهم العرق، فيأتون آدم فيتشفّعون منه، فيدلّهم على نوح (عليهما السّلام)، فيأتون نوحاً فيدلّهم على إبراهيم (عليهما السّلام)، ويأتون إبراهيم فيدلّهم على موسى (عليهما السّلام)، فيأتون موسى فيدلّهم على عيسى (عليهما السّلام)، فيأتون عيسى فيدلّهم على من يتشفّعون به فيقول لهم: عليكم بمحمد خاتم البشر.
فيقول محمد (صلى الله عليه وآله): أنا لها، فينطلق (صلى الله عليه وآله) حتى يأتي باب الجنة فيدقّ الباب.
فيقال: إفتحوا الباب.
فاذا فتح الباب إستقبل ربّه فيخرّ ساجداً فلا يرفع رأسه حتى يقال له: تكلّم وسل تعط وإشفع تشفّع.
فيرفع رأسه فيستقبل ربّه فيخرّ ساجداً فيقال له مثلها.
تكلّم وسل تعط وإشفع تشفّع.
فيرفع رأسه حتى أنه ليشفع فيمن قد أحرق بالنار.
ثم ختم مولانا الامام الكاظم (عليه السّلام) حديثه بالقول: فما أحد من الناس يوم القيامة في جميع الأمم أوجه من محمد (صلى الله عليه وآله) وهو قول الله تعالى: «عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا».
فصلى الله وسلّم على محمد وآله ورزقنا الله وإياكم أسنى مراتب شفاعة نبيّ الرحمة في الدنيا والآخرة، اللهمّ آمين آمين آمين.

*******

ونبقى معكم في برنامج عوالم ومنازل، ومع فقرة أدبية وعظيمة إخترنا لها العنوان التالي:

أركان الصراط المستقيم

من غرر القصائد الوعظية المبيّنة لسبل النجاة في عوالم الحياة هي القصيدة الهائية المنسوبة لمولى الموحّدين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام).
وقد بعثتها لنا مشكورة الأخت الكريمة فاطمة دشتي من البحرين، وهذه مقاطع منها، وفي بدايتها دعوة لإقناع النفس بحقيقة الدنيا والتحرر من أسرها حيث جاء فيها.

النفس تبكي على الدنيا وقد علمت

أنّ السّعادة فيها ترك ما فيها

لا دار للمرء بعد الموت يسكنها

إلاّ التي كان قبل الموت يبنيها

أموالنا لذوي الميراث نجمعها

ودورنا لخراب الدّهر نبنيها

ولا يخفى أعزاءنا أنّ المقصود هنا من ترك الدنيا هو التورّع عن الحرص عليها والبخل بها والخضوع لأسرها بما يجعل الانسان غافلاً عن آخرته وإعمارها، ثم عرض عليه السّلام مصاديق لعواقب عبّاد الدنيا، فقال: أين الملوك التي كانت مسلطنة حتى سقاها بكأس الموت ساقيها، فكم مدائن في الآفاق قد بنيت أمست خراباً وأفنى الموت أهليها، لا تركننّ الى الدّنيا وما فيها فالموت لا شكّ يفنينا ويفنيها، ثم يبيّن مولى الموحّدين وأمير المؤمنين (عليه السّلام) أركان الصراط المستقيم الموصل لسعادة الدارين فيقول: 

إنّ المكارم أخلاق مطهّرة

الدين أوّلها والعقل ثانيها

والعلم ثالثها والحلم رابعها

والجود خامسها والفضل ينميها

والبر سابعها والشكر ثامنها

والصّبر تاسعها واللين باقيها

ثم تشير الأبيات الختامية الى أنّ الخير في مجاهدة النفس الأمّارة بالسّوء، وآثار الجهاد الاكبر في السعادة السّرمدية حيث يقول:

وأعمل لدار غدا رضوان خازنها

والجار أحمد والرحمان ناشيها

قصورها ذهب والمسك طينتها

والزّعفران حشيش ثابت فيها

أنهارها لبن محض ومن

عسل يجري رحيقاً في مجاريها

والّطير تجري على الأغصان عاكفة

تسبّح الله جهراً في مغانيها

من يشتري الدار في الفردوس يعمرها

بركعة في ظلام الليل يحييها

كونوا في الحلقة المقبلة مشكورين نستودعكم الله والسّلام عليكم.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة