البث المباشر

لزوم التوبة قبل الموت والاستعداد له عند حضور علاماته

الثلاثاء 26 مارس 2019 - 14:40 بتوقيت طهران
لزوم التوبة قبل الموت والاستعداد له عند حضور علاماته

الحلقة 5

موضوع الحلقة:
• مقابلة مع الشيخ محمد السند عن الرؤية القرآنية لمراتب العوالم التي سبقت وجود الانسان في الحياة الدنيا 
• من رواية مسيرة الارواح بعد الموت (القسم الخامس) 
• آثار الاخلاق الذميمة في ايجاد العذاب البرزخي

*******

بسم الله والحمد لله غافر الذنب وقابل التوب المبدئ المعيد سبحانه وتعالى رب العالمين. والصلاة والسلام على المستبشرين بأمره وتراجمة وحيه وهداة خلقه اليه محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته، اهلاً بكم في الحلقة الخامسة من هذا البرنامج نفتتحها باضاءة قرآنية ترتبط بأحدى خصائص منزل الموت الذي هو آخر منازل الدنيا وأول منازل الآخرة كما ورد في حديث الامام الصادق عليه السلام.
هذه الخصوصية هي ان حضور الموت يعني اغلاق باب التوبة، فلا تقبل التوبة من العبد اذا حضر الموت بمعنى اذا ظهرت له اماراته وعلاماته الحتمية.
وحيث ان من رحمة الله بعباده انه اخفى عنهم اجالهم فلا تدري نفس متى وباي ارض تموت.
لذلك يتضح ان على الانسان ان يكون مبادراً للتوبة الفورية من الزلات التي يقع فيها فلا يكون اسير الاماني المهلكة وطول الامل الموقع في مخاطر نزول الموت عليه بغير توبة فلا تنفعه التوبة حينئذ.
قال الله تبارك وتعالى في سورة يونس وهو يحكي قصة بني اسرائيل ومحنتهم مع فرعون (وجاوزنا ببني اسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدواً حتى اذا ادركه الغرق قال آمنت انه لا اله الا الذي آمنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين / ألآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين / فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإنّ كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون).
اعاذنا الله من هذه الغفلة التي حجبت فرعون عن الايمان الى ان ادركه الغرق وعاين الموت فآب وامن في وقت لاينفعه ايمان ولا توبة.
اجل لم يؤمن فرعون ولم يتب عندما ارسل الله اليه اثنين من خيرة انبيائه، قالا له - وبأمر من ربهما الرحيم- قولاً لينا ودعواه للهدى بالحكمة والموعظة الحسنة‌ وجادلاه بالتي هي احسن وارياه الآيات البالغة لكنه رغم كل ذلك لم يتب في الوقت المناسب.
لله الحجة البالغة على جميع خلقه، فهذه سنته تبارك وتعالى معهم كافةً، يريهم في كل حين آياته - في الآفاق وفي الانفس- وهي تدعوهم الى الايمان به والتوبة اليه.
بل ان من عظيم لطفه بهم ان اوجب على نفسه سبحانه وتعالى ان يقبل توبة من اناب اليه، وان من عظيم رحمته بهم وشفقته عليهم ان حذرهم من التسويف في التوبة الى الامد الذي يفقدون معه القدرة على التدارك والاستفادة من توبة الله عليهم.
هذه اشارة مهمة الى علة اغلاق باب التوبة عند حضور الموت، فحضور الموت يعني عدم بقاء فرصة للانسان لكي يتدارك آثار المعاصي، لأن تحقق حقيقة التوبة انما يكون بازالة العبد آثار المعاصي بمعونة الله او سعيه لازالتها وبقاء هذه الآثار يعني ان العبد سيتعرض لعقوبات التطهير منها في عالم الآخرة اما في البرزخ او فيما بعده.
هاتان الحقيقتان تصرح بهما بوضوح الآيتان السابعة عشر والثامنة عشر منه سورة النساء فالاولى‌ تقرر ان من لطف الله بعباده انه اوجب على نفسه قبول التوبة والثانية تشير الى عدم قبول التوبة عند الاحتضار.
قال عز من قائل: انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فاولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً / وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار اولئك اعتدنا لهم عذاباً اليماً.
عندما كنت اراجع النصوص الواردة بشأن حالة الاحتضار جلب انتباهي واثار استغرابي ورود ادعية الاستغفار فيها، فمثلاً روي في الكافي ان النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) علم رجلاً من اصحابه كان محتضراً ان يقول: اللهم اغفر لي الكثير من معاصيك واقبل مني اليسير من طاعتك.
وما هو سبب الاستغراب من الاستغفار في حالة الاحتضار؟
وجه الاستغراب هو: اذا كان باب التوبة يغلق عند الاحتضار ومعاينة الموت فما معنى الاستغفار حينئذ وكيف يعلم النبي صلى الله عليه وآله المحتضر ان يطلب المغفرة؟
سؤال وجيه، ولعل الاجابة عنه تكمن في أن التوبة التي لا تقبل عنه معاينة الموت هي توبة الغافل عن الله في حياته الى حين نزول الموت به اما الذي يتوب الى الله قبل ذلك ويسعى بالاستغفار الى ازالة آثار المعاصي ثم يدركه الموت قبل ان يكتمل سعيه فلاشك بان حكم عدم قبول التوبة لا يشمله، لانه تاب قبل معاينة الموت.
صحيح والله رحيم رؤوف ومن هاجر اليه والى رسوله ثم ادركه الموت وهو في الطريق قبل وصوله فقد وقع اجره على الله حتماً. فهذا ما صرحت به الآية المائة من سورة النساء‌ نفسها.
وهذا ما يؤكده تعبيرالاستغفار وتعليم النبي (صلى الله عليه وآله) لذاك الصحابي المحتضر ان يطلب المغفرة فالاستغفار لاحق لاصل التوبة ومكمل لها.

*******

أما الآن نتابع تقديم برنامج عوالم ومنازل بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ محمد السند اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ محمد السند: اهلاً و سهلاً.
المحاور: سماحة الشيخ في حلقة سابقة عرضنا عليكم سؤالا اوكلتم الاجابة عنه الى هذه الحلقة باعتبار الوقت المخصص كان قد انتهى بعد ان ذكرتم ان القرآن يصرح بوضوح او يذكر بوضوح بأن للانسان نشآت اخرى قبل هذه النشأة الدنيا.
اشرنا الى ان هنالك سؤال يتبادر كثيرا الى الاذهان وهو لماذا لا نتذكر نحن، الآن عندما نسأل اي شخص هل تتذكر عالم الانوار يقول لك لا.
هل تتذكر عالم الذر يقول لا فما سر ذلك؟ تفضلوا.
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد فان التذكر او النسيان والعلم والجهالة وعدم العلم في الواقع يقع على انماط في طبيعة مراتب روح الانسان وذات الانسان لو اردنا التذكر بنحو الذاكرة التفصيلية لما استودعنا من ذاكرة ومشاهد مرت علينا في دار الدنيا. نعم التذكر لتلك العالم ليس بهذا النمط لا نجده من انفسنا مثلاً.
المحاور: يعني لماذا لان القوانين تختلف؟
الشيخ محمد السند: نعم نحن في صدد الخوف في ذلك الآن مثلاً نحن ما مر بنا امس ما مر بنا في الطفولة ما مر بنا في المراهقة ما مر بنا في ريعان الشباب ما مر بنا في الكهولة الى ان يشيخ الانسان ربما يستطيع ان يستعرض ذلك تفصيلاً باصواته بصوره المتحركة المتمايزة في ذاكرته بحسب قوة‌ الحافظة والذاكرة وضعفها لكن هذا باعتبار ان طبيعة تلقي الانسان لتلك المشاهد كانت بهذا النمط من التفاصيل واما لو تلقى الانسان نعم تلقى الانسان معلومات لا بهذا النمط من الضخ والتزريق مثلاً بعض الاحاسيس من الحب والبغض والنفرة وما شابه ذلك طبيعة تذكر الانسان لها تختلف عن صدر الجسمانية، مشاهد الحسية نمط آخر فيه ابهام آخر فيه ادغال في الاجمال اكثر وما شابه ذلك وفبتالي لذا اذن انماط التذكر تختلف عند الانسان هذا لابد ناخذ فيه شيء من التفصيل وشرح البيان الآن ان شاء الله وجواب اجمالي آخر الانسان يتعرض له فيما بعد وان هذا التذكر ليس بنحو تفصيلي يشير القرآن الكريم حتى في عالم الآخرة عندما يبعث الناس يسائلون كم لبثتم قالوا لبثنا يوم او بعض يوم قال امثلهم كذا مما يدلل على الانسان رغم مروره بعالم البرزخ وما لاقاه اما من روح وريحان او لاسامح الله نزل من جحيم وما شابه ذلك ومع ذلك تراه انه عندما يبعث يوم القيامة او يبعث في الرجعة كما تشير به الآيات القرآنيه جملة من آيات القرآنية التي هي ما قبل نشأة المعاد نشأة الرجعة حسب ما ارشدنا الى هذه الحقائق القرآنية اهل البيت في رواياتهم نعم لكن لا يتذكر الانسان ما مر عليه!
المحاور: اذن هذا الامر لا يختص بالعالم الدنيا فقط يعني حتى في القيامة هنالك قد نسيان لما قبله العالم البرزخ.
الشيخ محمد السند: بالضبط ان الانسان عندما تمر به انتقال من نشأة الى نشآت أخرى في النشآت الاخرى يغيب عن محضره ومشهده تفاصيل ما مر به من مشاهد سابقة. فسبب ذلك ان نفسه تنشد الى حاضرها الراهن في تلك النشأة التي تبعث فيها فبالتالي لا تكون على احاطة ويقظة ونباهة وتذكر تام لما مر بها في نشآت سابقة وبل هذا الحال نشاهد في يومياتنا نحن في عالم المنام والرؤى ربما نشاهد سيل من المعلومات سيل من الافكار سيل من الامور ومن المطالب ولكن عندما نبعث في اليقظة مستيقظين من النوم نشاهد اننا قد عشنا حالة من اجمال عما مر بنا سابقا مع ان تلك الامور بمحور التفصيل ربما زرقت واطلعنا واشدنا عليه وربما اذا تمر علينا في اليقظة نتذكر ان هذا الذي كنا نعهد من سابق وربما ننسى ان من اين عهدناه ومن اين شاهدناه وربما يحصل لنا التذكر انه نعم شاهدنا جملة من رؤى هي تنبئنا وتطلعنا على الحدث قبل وقوعه فاذن هذه حالات.
المحاور: عفواً سماحة الشيخ يعني هو في الواقع نسيان مو كامل ليس كاملاً اصل الحقيقة تبقي موجودة في النفس. 
الشيخ محمد السند: لا ريب، وانما نمط التذكر يختلف. 
المحاور: سماحة الشيخ علماء الاخلاق وعلماء النفس بان النسيان حتى في هذه الحياة الدنيا هو رحمة رحمه للانسان يعني فيها آثار ايجابية.
الشيخ محمد السند: باعتبار ان القوة النازلة في النفس تتصدع ويتوزع عليها التدبير لوحاولت ان تلم بكل هذه المعلومات وهذه الامور.
المحاور: اذن بالنسبة لنسيان ما في العوالم السابقة يعني فيها هذا الجانب ايضاً.
الشيخ محمد السند: في الصفحة الحاضرة‌ في ذهن الانسان التي هي تدير قواه واعضاء بدنه وما شابه ذلك يعني ليست لها قابلية لأنمام بدفعة من المعلومات الهائل على ضوء تنظم عزائمها وارادتها فلابد قوى اخرى في النفسية تستودع تكون مستودع لتلك المعلومات وتزق ما دون من قوى النفس بما يناسب ويروي لها تدبيرها بشكل حكيم تام.
المحاور: سماحة الشيخ هل يمكن القول في عبارة جامعة بان لو لا هذا النسيان لما في العوالم السابقة لأخقلت حياة الانسان في هذا العالم؟
الشيخ محمد السند: نعم بالنسبة الى‌ التدبير التفصيلي النازل في الانسان واعود الى توضيح التذكر بلحاظ محور الاول التذكر بلحاظ محور الاول هناك مثلاً تطرح نظريات في الحكمة هي في الواقع انواع من القرآءة لروايات والآيات الواردة في الكتاب والسنة وهي انه هل العلم هو اكتساب حقيقة او هو استذكار القرآن الكريم يشير الى ظاهره فيه العلم وان الانبياء بعثوا مذكرين. وفي رواياتهم عليهم السلام انه نعم يستأذوهم ميثاق فطرته ويذكرهم منسية على اية حال ميثاق وما شابه ذلك فهذه ان العلم هو عبارة عن التذكر كيف يمكن تصوره او كيف يعني هذه النظرية او هذه المقولة المعرفية كيف يمكن تصورها.
المحاور: سماحة الشيخ لو نترك هذا السؤال الى الحلقة المقبلة تجيبون عنه بتفصيل اكثر باعتبار ان السؤال مهم والوقت المخصص لهذه الفقرة انتهى جزاكم الله خيراً وعفواً عن المقاطعة.
شكراً جزيلاً لضيفنا الكريم سماحة الشيخ محمد السند وشكراً لكم مستمعينا الافاضل على طيب المتابعة الى ما تبقى من فقرات البرنامج.

*******

مرة اخرى اهلاً بكم احباءنا وانتم تتابعون الحلقة الخامسة من برنامج عوالم ومنازل. 
وها نحن نصل الى الحديث عنه المرحلة الاولى من مراحل الموت الذي هو اول منازل الآخرة وآخر منازل الدنيا، وهي مرحلة الاحتضار فما هو المقصود منها؟
المراد هو شعور الانسان بحلول اجله وحضور الموت او نزوله به، ولا يخفى ان هذا التعبير مستفاد من النصوص القرآنية.
وما هو الدليل على ان حضور الموت هو اول مراحل هذا المنزل؟
الدليل هو القران الكريم نفسه فمثلاً نقرأ في الآية ۱۸۰ من سورة البقرة قوله تعالى: "كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيراً الوصية".
فهمت على ما اعتقد وجه الاستدلال فلو كان المقصود من حضور الموت نزع الروح، كما كان بالامكان ان يؤمر الانسان بالوصية، فلابد اذن من وجود مرحلة سابقة لنزع الموت وحلول سكراته، يتيقن الانسان من حلول اجله ويكون قادراً في الوقت نفسه على القيام ببعض الامور مثل كتابة الوصية او املائها وهو بوعي كامل.
وهذا مظهر آخر من مظاهر رحمة الله بعباده ينبغي ان تكون لنا وقفة عنده.

*******

سياحت غرب (القسم الخامس)

ان شاء الله ولكن بعد ان نقدم لو سمحتم طبعاً القسم الخامس من رواية آية الله القوجاني النجفي المعروفة باسم (سياحت غرب) والتي يستعرض فيها باسلوب قصصي منازل ما بعد الموت.
طيب ولكن نمهد لذلك بالاشارة الى ان القسم الخامس من هذه الرواية يبدأ بعد انتهاء مسائلة منكر ونكير وذهابهما وظهور الشاب الطيب ابي الوفاء الهادي لهذا المتوفى‌ الفرضي واعانته له في تجاوز المواقف الصعبة. لنتابع الرواية.
لم تمض فترة طويلة حتى رأيت فجاةً شخصين يجلسان عن يميني وعن يساري كان احدهما وسيماً حسن الوجه والثاني قبيحاً اخذا يشمان اعضاء جثتي عضواً عضواً من اخمص قدمي حتى هامة راسي ويكتبان اشياءً في ورقة طويلة كانا خلال ذلك يتحادثان فيما بينهما. ثم اعدا مجموعة من العلب والأكياس المختومة ووضعاها عند رأسي سيطر علي خوف شديد لما رأيته في عملهما من دقة عالية وقد ادركت ان عملهما يرتبط باحصاء‌ سيئآتي وحسناتي: علمت ان الشخص الجميل كان يريد لي الخير فقد شاهدته يمنع صاحبه من تسجيل السيئآت التي تبت عنها، فاحببته لذلك.
وبعد ان انهيا تسجيل اعمال جوارحي طويا السجل الخاص بي، وطوقا به رقبتي ثم اتيا بقفص من الحديد الصلب بدا لي وكأنه صنع خصيصاً لي وضعاني فيه وراحا يديران مقابضه وهو يضيق علي فشعرت بعصرة وضغطة شديدة ذهلت بسببها عن نفسي وخرج مني دهن كالنفط الاغبر وتحطمت عظامي ولما عدت لنفسي وجدت رأسي مرة اخرى في حجر ابي الوفاء ‌الهادي الذي عرفت من قبل انه الصورة الملكوتية لمودتي لأهل البيت عليهم السلام. اعتذرت منه لعدم تمكني من النهوض بكيت وشكوت له ما نزل بي، فهون علي الامر قائلاً: لقد انتهى كل شيء فلا بأس عليك ارجو ان لا يتكرر... لقد تطهرت.
سالته: ما هذا القفص الحديدي الذي سبب لي كل هذا الالم ايها الشاب الطيب؟
اجاب: هو وليد الاخلاق الذميمة التي كانت فيك تشتبك بعضها ببعض فتسبب لك الالام في دنياك فتظهر لك في العالم بصورة هذا القفص الذي سبب لك هذه الضغطة المؤلمة هنا تطهيراً من رجسها.
استمر الشاب الطيب يحدثني عن هذه الخصال الذميمة التي تسبب كل هذه الالام قال: ان اصولها ثلاثة: الطمع، والانانية، والحسد.
فالاول اخرج آدم من الجنة.
والثاني هوى بابليس الى اسفل السافلين.
والثالث ساق قابيل الى جهنم...
ولهذه الاصول الثلاثة آلاف الفروع تظهر في الاشخاص باشكال متنوعة... كان الهادي يمر - اثناء حديثه العذب- بيده على اعضائي جميعاً فتسري فيها جميعاً حياة جديدة وقوة متدفقة، لقد تطهرت من الرجس والكدر، فعرفت ان تلك الضغطة الشديدة كانت تطهيراً من الشرور والكدورات التي خرجت بصورة النفط الاغبر.
ثم سالت الهادي: ما هذه العلب والاكياس التي وضعاها عند رأسي؟
اجاب: اما الاكياس فهي زاد منازل آتية وفي بعضها اخطار منازل معينة، لذا ينبغي فتح كل منها في المنزل الخاص به.
قلت: والعلب المختومة؟
قال: هي ساعات الليل والنهار من عمرك، تضم ما صدرت فيها عنك اعمال سيئة او حسنة،‌تحفظ ما فيها من اعمال وتصبح كالعلب المختومة.
قلت: وما هذا الطوق المعلق برقبتي؟
قال: هذه صحيفة اعمالك وانت مرهون بها، وسينشر ما فيها ولكن ليس الآن، بل في يوم الحساب.
ثم تلا قوله تعالى: "وكل انسان الزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً".
سنتابع في الحلقة المقبلة هذه الرواية وزيارة سادات اجلاء لهذا المؤمن في قبره، ولكن تشير هنا الى حقيقة مهمة هي اهم عبرة مستفادة من هذا القسم. 
في هذا القسم اشارة الى الرقابة الالهية لاعمال العباد: فجميع اعمالهم تسجل عليهم وسيحاسبون عليها ولذلك فحري بنا ان نراقب اعمالنا ونحاسب انفسنا لكي يلقى كل منا كتاباً منشوراً مليئاً بالحسنات خلياً من السيئآت. 
هذه عظة مهمة ايضاً ولكنني اردت الاشارة الى قضية اخرى.تفضلوا.
العبرة المهمة التي قد نغفل عنها ويغفل عنها الكثيرون هي ان ما يبذله الانسان في حياته الدنيا من جهود ورياضات شرعية للتخلي عنه الاخلاق الذميمة وآثار المعاصي ينجيه في الواقع من العذاب او الاذى التطهيري الذي سيلقاه في البرزخ نتيجةً لبقاء هذه الاخلاق الذميمة والآثار السيئة فيه.
تعني ان هذا حكم عام يشمل حتى المؤمن الذي يرحل عن هذه الدنيا وهو محافظ لاصل الايمان؟
اجل فهذه سنة وقانون تكويني شامل فمثلما ان من خصائص النار ايجاد الاحراق وبالتالي الالم الناتج عنه كذلك الحال مع الاخلاق الذميمة فان من آثارها ايجاد آلام روحية في الدنيا وعذاب برزخي.
هذا العذاب البرزخي يكون تطهيراً للمؤمنين وجزاءً وفاقاً للكافرين على ما يبدو، هذه الحقيقة تنقلنا الى قضية مهمة ترتبط بالاستعداد للموت وحالة الاحتضار يجدر ان نفصل الحديث عنها.
صحيح ولكن لو سمحتم ان يكون ذلك في الحلقة المقبلة فالوقت المخصص لهذه الحلقة انتهى. 
اذن فليكن مسك ختام هذه الحلقة ما روي عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: «من احب ان يخفف الله عزوجل عنه سكرات الموت فليكن لقرابته وصولاً وبوالديه باراً، فاذا كان كذلك هون عليه سكرات الموت ولم يصبه في حياته فقر ابداً».

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة