البث المباشر

شرح فقرة: "حصن كل هارب، امان كل خائف، حرز الضعفاء"

الثلاثاء 26 مارس 2019 - 09:25 بتوقيت طهران
شرح فقرة: "حصن كل هارب، امان كل خائف، حرز الضعفاء"

الحلقة 37

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة وما تتضمنه من الزاد المعرفي في حقل العقائد والاخلاق والاحكام وقد حدثناك في لقاءات سابقة عن احد الادعية وهو الدعاء الذي يطلق عليه اسم "يستشير" حيث علمه النبي(ص) الامام علياً(ع) واوصاه بقراءته طيلة الحياة، واذا كنت متابعاً لهذا الدعاء فلابد وان تتذكر باننا قدمنا مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع يقول: (انت يا رب موضع كل شكوى) الى ان يقول: (حصن كل هارب، امان كل خائف، حرز الضعفاء) ، هذه الفقرات من مقطع الدعاء امتداد لفقرات متجانسة فيما بينها من حيث الدلالة والاسلوب ويجدر بنا الان ان نبدأ بتوضيح ذلك.
الاولى من العبارات المتقدمة هي عبارة "حصن كل هارب" الحصن هو المكان الذي ينطوي على المنعة أي المكان المحمي والمنيع الذي يحجز صاحبه عن وصول الضرر اليه، ولذلك عندما يقول الدعاء عن الله تعالى بانه حصن كل هارب فلابد وان يتضمن هذا الكلام البليغ نكتة مهمة وهي ان العبد في حياته وآخرته يتعرض لشدائد متنوعة بعضها بسبب من سلوكه وبعضها بسبب من سلوك الاخرين وبعضها بسبب طبيعة الحياة المحفوفة بالشدائد ولذلك فان فقرة الدعاء التي نتحدث عنها تعرض لشدائد العبد وكيفية الهروب منها وذلك عبر لغة استعارية جميلة هي الهروب من الشدائد الى الله تعالى ولكن الهروب المذكور صيغ وفق صورة استعارية هي ظاهرة الحصن الذي يلجأ اليه الهارب وهو حصن الله تعالى. والمطلوب هو الان ان نحدثك عن جمال هذه الاستعارة ونكاتها.
من البين ان الهارب من شدة ما لابد وان يلتجيء الى مكان يتحصن فيه بحيث لا تصل اليه اضرار الشدة التي هرب منها فاذا افترضنا ان الشدة التي تطال العبد هي الفقر او المرض او الاضطراب او انعدام الامن او الشدة العبادية كالهروب من الذنب وتبعاته، نقول ان امثلة هذه الشدائد لامناص للعبد من السعي لتلافيها او الهروب منها وحينئذ فان الجهة التي تستطيع حماية العبد من شدته هي الله تعالى وذلك لان قدرات الناس محدودة وان الله تعالى وحده هو القادر على فعل كل شيء ومن ذلك قدرته على حماية عبده من الشدة التي يعاني منها.
من هنا تجيء الاستعارة القائلة بان الله تعالى هو حصن الهارب متجانسة تماماً مع الموقف الذي اوضحناه الا وهو ارادة عبده بان يتخلص من الشدة المذكورة وحينئذ ماذا يصنع العبد مما يكابده لايملك حينئذ الا الهروب منها الى جهة تقدر بان تحميه من شدته الا وهو الله تعالى.
ان جمالية الاستعارة المذكورة تتمثل في كونها قد انتخبت الهروب والحصن مادة لتوضيح الدلالة وذلك بان الهارب هو الباحث عن مكان يحميه كما لو هرب شخص من حر او برد او وحش كاسر، وهو في الصحراء مثلاً حينئذ فان المكان المحمي والمحصن بسور مثلاً او بسقف او بجدران او ابواب تحجز وصول الضرر الى الشخص امثلة هذا الحصن هي المنقذ للشخص المذكور من شدائده التي يعاني منها.
اذن امكننا ان نتبين جمالية واهمية الاستعارة المذكورة وهي ان الله تعالى هو حصن كل هارب وهذا ما يحملنا ان نتمسك بالله تعالى وبممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة