البث المباشر

عودة مريم(ع) وتكلم عيسى(ع) وهو وليد

الأحد 17 مارس 2019 - 15:59 بتوقيت طهران

الحلقة 65

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله الهداة الابرار. مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامج القصص الحق، وفي هذه الحلقة التي نواصل فيها الحديث عن قصة سيدنا المسيح (عليه السلام) فنتناول المشهد الذي ذكرتهُ الآيات السابعة والعشرون حتى الثالثة والثلاثين من سورة مريم المباركة.
فتابعونا ايها الكرام ضمن الفقرات التالية. 
بدايةً نُنصتُ خاشعين الى تلاوة مُرتَّلة لهذه الآيات. ثم نتعرف على معاني مفرداتها وعباراتها. ونستمع الى حديث سماحة السيد عبد السلام زين العابدين الاُستاذ في العلوم القرآنية حول بعض الاسئلة التي تدور حول الآيات. ثم نُتابع معاً سَرد هذا القسم من الحكاية التي تشير اليها الآيات. ونقدم لحضرتكم رواية عن الامام الباقر (عليه السلام) بشأن حُجَية نبوّة السيد المسيح (عليه السلام). ومسك الختام مع باقة من النقاط والدروس المستفادة من هذه الآيات، فأهلاً ومرحباً بكم الى فقرات هذا اللقاء.

المقدمة

مستمعينا الكرام جرى الحديث في اللقاء الماضي عن ولاة سيدنا المسيح (سلام الله عليه) ونتحدث اليوم عن عودة اُمه مريم (عليها السلام) إلى المدينة، وقد احتضت طفلها فلمّا رأوا طفلاً حديث الولادة بين يديها فغروا أفواههم تعجباً، فقد كانوا يعرفون ماضي مريم الطاهر، وكانوا قد سمعوا بتقواها وكرامتها. شَكَّ بعضهم وتعجّل آخرون في القضاء والحكم وأُطلقوا ألسنتهم في توبيخها وملامتها. فلنستمع الى خير الكلام القرآن الكريم وهو يُشيرُ الى هذا الحدث العظيم.

التلاوة

"فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً{۲۷} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً{۲۸} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً{۲۹} قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً{۳۰} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً{۳۱} وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً{۳۲} وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً{۳۳}"

المفردات

قوله تعالى: "فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً"، يعود ضمير (الهاء) في به وتحمله لعيسى، والفري هو العظيم البديع وقيل: هو من الافتراء بمعنى الكذب، كنايةً عن القبيح المنكر والآية التاليةُ تُؤيد المعنى الأول. والبعض الآخر واجهها، بالقول: "يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً"، فمع وجود مثل هذا الأب والاُم الطاهرين، استنكروا الوضع الذي شاهدوها عليه. أما قولهم لمريم "يَا أُخْتَ هَارُونَ" فقد وقع مثار اختلاف بين المفسّرين، لكن يبدو أن الأصح هو أن هارون رجل طاهر صالح إلى الدرجة التي يضرب به المثل بين بني إسرائيل، فإذا أرادوا أن يصفوا شخصاً بالطهارة والنزاهة، كانوا يقولون: إنّه أخو أو أُخت هارون.
قال الله العزيز: (فأشارت إليه) في هذه الساعة، سكتت مريم بأمر الله، والعمل الوحيد الذي قامت به هو أنّها أشارت إلى وليدها إلا أن هذا العمل جعل هؤلاء يتعجبون أكثر، وربما حمل بعضهم على السِخرية، ثم غَضبوا فقالوا: مع قيامك بهذا العمل تسخَرين من قومك أيضاً؟ "قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً". قلق الناس واضطربوا من سماع كلام مريم هذا، بل وربما غضبوا وقالوا لبعضهم البعض حسب بعض الرّوايات: إنّ استهزاءها وسخريتها أشد علينا من انحرافها عن جادّة العفة! إلا أنّ هذه الحالة لم تدم طويلا، لأنّ ذلك الطفل الذي ولد حديثاً قد فتح فاهُ وتكلّم: "قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً{۳۰} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً"، أي وكذلك جعلني مطيعاً ووفياً لاُمي "وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً" البر يعني الشخص المحسن، في حين إن البر يعني صفة الإنسان، وينبغي الإلتفات إلى أنّ هذه الكلمة في الآية عطف على مباركاً لا على الصلاة والزكاة، والمعنى في الواقع: (جعلني بَّراً بوالدتي).
اما كلمة جبار فتطلق على الشخص الذي يعتقد بأنّ له كل الحق على الناس ولايعتقد بأنّ لأحد عليه حقاً. وكذلك يُطلقونها على الذي يضرب الناس ويقتلهم إذا غضب، ولايتبع ما يأمر به العقل، أو أنّه يريد أن يَسُدّ نقصهُ ويغطيه بادعاء العظمة والتكبّر، وهذه كلّها صفات بارزة للطواغيت المستكبرين في كل زمان. والشقي تقال للشخص الذي يُهئ أسباب البلاء والعقاب لنفسه، وبعضهم فَسّرَ ذلك بالذي لايقبل النصيحة. ومن المعلوم أنّ هذين المعنيين لا ينفصلان عن بعضهما. وفي النهاية يقول هذا المولود أي المسيح (عليه السلام): "وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً"، فإنّ هذه الأيّام الثلاثة في حياة الإنسان أيّام مصيرية خطرة، لاتتيسّر السلامة فيها إلا بلطف الله، ولذلك جائت هذه الاية بحق يحيى عليه السلام كما وردت في شأن المسيح عليه السلام، مع الاختلاف بأن الله هو الذي قالها في المورد الأول، أما في المورد الثاني فإن المسيح قد طلب ذلك.

*******

زين العابدين: هنالك كذلك آراء متعددة في معنى "قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً". في سورة مريم في الاية التاسعة والعشرين وقبلها " يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً{۲۸} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً{۲۹} قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً{۳۰}" هنا وقع الحديث كثيراً في عالم التفسير بموضع كان، كيف نكلم من كان في المهد، كان هنا بعضهم قال هنا كان زائدة للتأكيد من غير دلالة على الزمان يعني تأكيد المظروفية كمظروفية المهد وذلك مبالغة منهم في الانكار والتعجب من استخفافهم، يعني كيف نكلم من كان يعني هو ممعن في الصغر، ممعن في الصبا، ممعن في المهد وهذا تاكيد، بعضهم هكذا قالوا ولكن ذهب بعض المفسرين كالعلامة الطباطبائي الى ان هنا كان منعزلة عن الدلالة عن الزمان لما في الكلام من معنى الشرط والجزاء وانه بمعنى من كان صبياً لايمكن تكليمه او بمعنى اخر يسمى كان ولايزال، هنا تأكيد للدلالة على ثبوت الوصف لموصوفه، ثبوتاً يقتضي مضيه عليه وتحقق هذا الوصف فيه لزوم لقوله تعالى يعني في القرآن نجد الكثير من الايات بهذا المعنى "قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً" في سورة الاسراء حينما يقول للنبي ان ينزل اموراً او معاجز يأتي بآيات، جاء الجواب "قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً" كنت يعني تحقق البشرية والرسالة كذلك في قصة بلقيس ملكة سبأ "مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ" ماكنت قاطعة يعني طبيعتي، ديدني هذا، ما كنت قاطعة، لم تقل ما اقطع كذلك في آية سورة الاسراء "وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً"انه كان منصوراً يعني النصرة لازمة، طبعاً اما المهد بعضهم قال المهد ليس فقط السرير الذي يهيأ للصبي لينام عليه وانما حجر الام هو ايضاً مهد"كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ" يعني في حجر امه وبعضهم يقول على ان لادليل على ان القصة حدثت اول رجوعها يعني ربما بعد ان رجعت مريم ووضعت عيسى عليه السلام في المهد فقالوا "كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً" يعني ليس هناك دلالة في الايات على انها اول ما جاءت استقبلوها بهذا الامر او بهذا الاستنكار ربما حينما وضعته في المهد فقالوا "كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً". 
على كل هذه (كان) لتأكيد انه صبي، كان ولايزال، كان الله غفوراً رحيماً يعني هذا ديدن ولزوم هذا الشيء وكون هذا الشيء من طبيعة هذا الامر. 
وبخصوص النقطة التي اشرنا اليها قبل هذا الفاصل وهي ان عيسى عليه السلام سلم على نفسه نتعرف على حقيقة هذا الامر من خلال حديث ضيف هذا اللقاء فلنتسمع.

*******

 

قصة سيدنا المسيح

ولدت مريم سلام الله عليها المسيح عليه السلام في تلك الظروف الصعبة فعزمت على العودة الى المدينة وكان الوقت عصراً. وكان السوق الكبير يقع في طريقها إلى المسجد وهو يمتلئ بالناس الذين فرغوا من البيع والشراء وجلسوا يتحادثون. لم تكد مريم تتوسط السوق حتى لاحظ الناس أنها تحمل طفلاً، وتضمّه لصدرها وتمشي به في جلالٍ وبُطء. تسائل أحد الفضوليين: أليست هذه مريم العذراء؟ طفل من هذا الذي تحمله على صدرها؟ ثم قال أحدهم: هو طفلها. تُرى أية قصة ستخرج بها علينا؟ وجاء كهنة اليهود يسألونها، إبن من هذا يا مريم؟ لماذا لاتردين؟ هو ابنك قطعا! كيف جاءك ولد وأنت عذراء؟ يا أخت هارون م اكان أَبوك امرأ سوء وما كانت أُمَّك بغيّاً. راحت الاتهامات تسقط عليها وترميها بالبغاء، هكذا مباشرة دون استماع أو تحقيق أو تثبيت، ترميها بالبغاء وتعيرها بأنها من بيت طيب وليست أُمّها بَغيا، فكيف صارت هي كذلك؟ لكنَّها كانت مرفوعة الرأس تومض عيناها بالكبرياء والأُمومة، ويشعُّ من وجهها نورٌ يفيض بالثقة. فلّما زادت الأسئلة وضاق الحال، وانحصر المجال، وامتنع المقال، اشتد توكلها على ذي الجلال وأشارت إليه، أشارت بيدها لعيسى، واندهش الناس، فهموا أنها صائمة عن الكلام وتطلب منهم أن يسألوه هو كيف جاء. تساءل الكهنة ورؤساء اليهود كيف يوجَّهون السؤال لطفل ولد قبل أيام؟ هل يتكلم طفل في لفافته؟.
قالوا لمريم: كيف نُكلم من كان في المهد صبياً؟ وفجأةً تَكلّم الطفل بقدرة الله عزوجل فقال عيسى عليه السلام: "قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً{۳۰} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً{۳۱} وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً{۳۲} وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً{۳۳}". لم يكد عيسي ينتهي من كلامه حتى صارت وجوه الكهنة والأحبار شاحبة، كانوا يشهدون معجزةً تقع أمامهم مباشرة، هذا طفل يتكلم في مهده، طفل جاء بغير أب، طفل يقول أن الله قد آتاه الكتاب وجعله نبياً. هذا يعني أن سلُطتهم في طريقها إلى الانهيار، سيصبح كل واحد فيهم بلا قيمة عندما يكبر هذا الطفل، لن يستطيع أن يبيع صكوك الغفران للناس، أو يحكمهم عن طريق أدعائه أنه ظلُّ السماء على الأرض، أو باعتباره الوحيد العارف في الشريعة. شعر كهنة اليهود بالمأساة الشخصية التي جاءتهم بميلاد هذا الطفل، إن مُجرد مجئ المسيح يعني إعادة الناس إلى عبادة الله وحده. وهذا معناه اعدام الديانة اليهودية الحالية، فالفرق بين تعاليم موسى وتصرفات اليهود كان يشبه الفرق بين نجوم السماء ووحل الطرقات، وتكتَّم رهبان اليهود قصة ميلاد عيسى وكلامه في المهد، واتَّهموا مريم العذراء ببهتان عظيم، اتّهموها بالبغاء، رغم أنهم عاينوا بأنفسهم مُعجزة كلام ابنها في المهد. 

من هدى الائمة _عليه السلام_

في كتاب الكافي، بإسناده عن بريد الكناسي قال: سألت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) أكان عيسى بن مريم حين تكلم في المهد حجة الله على أهل زمانه؟ فقال: كان يومئذ نبياً حجة لله غير مرسل، أما تسمع لقوله حين قال: "قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً{۳۰} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً{۳۱}". ثم سأله: فكان يومئذ حجة لله على زكريا في تلك الحال وهو في المهد؟ فقال الامام (عليه السلام): كان عيسى في تلك الحال آية لله ورحمة من الله لمريم حين تكلم فعبّر عنها وكان نبياً حجة على من سمع كلامه في تلك الحال. ثم صمت فلم يتكلم حتى مضت له سنتان، وكان زكريا الحجة لله عزوجل بعد صمت عيسى بسنتين. ثم مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير، أما تسمع لقوله عزوجل: "يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً"، فلماّ بلغ سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين أوحى الله إليه، فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين. ولا تبقى الأرض يا أبا خالد يوماً واحداً بغير حجة لله على الناس منذ يوم خلق الله آدم (عليه السلام) وأسكنه الأرض.

دروس وعبر

يمكن إدراك فصاحة وبلاغة القرآن الكريم، وخاصة في مثل هذه الموارد، وذلك عند ملاحظة طريقة طرحه لمسألة مهمّة اختلطت بكل تلك الخرافات، في عبارات قصيرة وعميقة، وحيّة، وغنية المحتوى، وناطقة تماماً، بحيث تطرح جانباً كل أنواع الخرافات.
بالرغم من إنّ المسيح (عليه السلام) قد ولد بأمر الله النافذ من امرأة بدون زوج، ‌إلا أنّ ما نقرأه في الآيات محلّ البحث عن لسانه، والذي يعدّ فيه «ضمن تعداده لميزاته وأوسمته»‌ برّه باُمه، دليلٌ واضحٌ على أهمّية مقام الاُم، وهي توضّح بصورةٍ ضمنيةٍ أنّ هذا الطفل الصغير الذي نطق بالإعجاز، كان عالماً ومطّلعاً على أنّه ولدٌ نموذجيٌ بين البشر، وأنّه ولد من أمّه فقط دون أن يكون للأب دخل في تكوّنه وولادته.
إنّ انجاب البكر مسألة في مقابل قوانين الخلقة وقدرة الله، فهي كما يصوّرها القرآن حيث يقول: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ"‌ أي إنّ خرق العادة هذا ليس بأهم من خرق العادة الأوّل، وكذلك الامر بالنسبة لقدرة الحديث لدى عيسى (عليه السلام) وهو في المهد.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة