البث المباشر

الحاج مصطفى كبة

الأحد 3 مارس 2019 - 09:57 بتوقيت طهران
الحاج مصطفى كبة

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 614

ومن الصادقين النافعين والباذلين في طريق محمد وآل محمد هو الموفق المحسن رجل الخير الحاج مصطفى كبة رضوان الله تعالى عليه واسرة آل كبة اسرة شهيرة في العراق متوزعة في بغداد والنجف الاشرف والكاظمية وغيرها.
هذا الرجل في الواقع هو قدوة، قدوة لمن يريد ان يعمل الخير وقدوة لمن يريد ان يجمع بين خير الدنيا وخير الاخرة وهذا صعب يعني لا يمكن للانسان ان يظفر بالدنيا اذا ظفر بالاخرة ولا يمكن للانسان ان يظفر بالاخرة اذا ظفر بالدنيا لكن التاريخ عرض علينا بعض الحالات التي استطاع فيها الطرف ان يجمع بين الدنيا والاخرة، احد الادباء يقول:

ما احسن الدين والدنيا اذا اجتمعا

 

واقبح الفسق والافلاس في الرجل


يعني جميل اذا كان احداً ميسور الحال وله خير ويتسم بالتقى والعبادة وهجر الدنيا وما اسوء - والعياذ بالله - الفقير ولكنه في نفس الوقت فاسق فاجر، النبي (صلى الله عليه وآله) له حديث في هذا المجال: "ليس خيركم من ترك الدنيا للاخرة او الاخرة للدنيا ولكن خيركم من اخذ من هذه وهذه"، الحاج مصطفى كبة كان هو مصداقاً لهذه المزية، اولاً هذا الرجل كان من ابرز التجار في زمانه وكان من التقوى والتدين الى درجة يغبطه عليها كثيراً من غير الناس العاديين، اولاً هذا الرجل معروف بأحسانه للناس، بأعماله الانسانية، انفاقه على الحوزات العلمية والعلماء وكان هذا الرجل ملتزماً بزيارة الحسين مشياً على قدميه وكانت تذهب معه مجموعة كبيرة من العلماء والفضلاء، الكسبة، الاخيار فصار هذا سبباً لأن يبني هذه الخانات الثلاثة بين النجف وكربلاء، خان المصلى، خان الحماد ويسمى خان النص والذي الان يسمى ناحية الحيدرية وخان النخيلة، هذه ايام السادة الصفويين كان النواصب والوهابيون اعداء رسول الله واهل البيت، اعداء الله كانوا يؤذون زوار الحسين، يقتلون الزوار، يسلبون اموالهم وكان الطريق صحراوياً بين النجف وكربلاء حوالي ثمانين كيلومتراً طبعا الان اتسعت البلاد وصار اقل من ذلك فكان هذا الطريق خلفه البادية بطرف صحراء الاردن والسعودية، كان مليئاً بالضباع، بالذئاب، بالاسود الجائعة فمن طرف الوهابيون ومن طرف اخر الاسود الجائعة والضباع وكلهم من جنس واحد وفي نتيجة واحدة كانوا يهاجمون الزوار ويقتلون الزوار ففكر المرحوم الحاج مصطفى كبة آنذاك ببناء خانات تكون مأوى للزوار، هذا الكلام في بدايات القرن الثالث عشرالهجري او اكثر فكان هو يعيش مأساة الزوار ومايمر بهم من اذى وخطور فبناء مؤسسات كهذه في ذلك اليوم، نقل المواد الانشائية، جلب العمال، في التاريخ كتبوا انه كل خان استغرق بناءه عشر سنوات وكان المواد تنقل على ظهور الجمال والدواب وتكلف هو به على نفقته الخاصة.
هذه النقطة اريد ان اقولها عن الحاج مصطفى كبة انه لما اراد ان يضع حجر الاساس لأول خان وهو خان النص، خان الحماد وهو يقع في منتصف الطريق كان واقفاً وحوله اكثر من خمسين عالماً وتاجراً معظمهم علماء فأقترح اقتراحاً قال ارغب ان الذي يضع حجر الاساس ان تتوفر فيه ثلاث خصال:
اولاً: لم يصلي صلاة الصبح قضاءاً ولامرة واحدة في عمره.
ثانياً: لم يستغب احداً في حياته ولامرة واحدة.
ثالثاً: لم يكذب في حياته ولا مرة واحدة، كل من يضمن من نفسه هذه الحالات الثلاثة فليتقدم لوضع حجر الاساس فأحجم الكل ولم يجرأ اي احد ان يتقدم لأن هذه من الصعب ان يضمن الطرف لنفسه انه طوال عمره لم يستغيب ولا مرة واحدة، لم يصلي صلاة الصبح قضاءاً ولا مرة ولم يكذب في عمره ولا مرة، الكل بقي في حيرة فلما شاهد ان لم يتقدم احد صاح بصوت عال انا الذي اضع حجر الاساس لأني واثق من نفسي بهذه الحالات الثلاث، لا يتصور الانسان هنا ان يكون هذا رياءاً لا هذا ليس رياءاً هو غايته ان يعطي درساً بأنه يمكن للانسان في هذه الحياة ان يراقب نفسه وان يهذب نفسه الى هذه الدرجة، ان يضع نفسه تحت الرصد، ليس رياء وانما من باب «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» الله عزوجل بالنسبة للصدقة «الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً» والسر وهو لا يعلم به احد الا الله والعلانية ليس الغاية الرياء - نعوذ بالله- انما الغير يقتدي ويتشوق ويصير له شوق الى ان يقتدي به، فقال: انا الذي اضع حجر الاساس. 
الرجل هذا الحاج مصطفى كبة كانت عنده صدقات جارية كثيرة وانا هذه سمعتها ودونتها من استاذنا المرحوم كبير خطباء العراق في عهده ورجل المنبر في زمانه المرحوم اليعقوبي اعلا الله مقامه، كانت له خزانة صغيرة فيها الكثير من هذه الخواطر ولا اعرف ما جرى لها، من جملة الخواطر ما كتبه عن الحاج مصطفى كبة ولم يروي لنا استاذنا اليعقوبي تاريخ وفاة الحاج مصطفى كبة، كان يروي عنه قضايا كثيرة وعلى المنبر احياناً كان يذكر ويستشهد بعض القضايا لكن سمعت من المرحوم اليعقوبي ان الحاج مصطفى كبة دفن داخل حرم الامام امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه.
في الواقع المال، الخير، النعمة هذه بين امرين انما المال يستعبدني فهذه كارثة وانما انا استعبد المال فهذه نعمة لا تضاهيها نعمة، انظر:

اذا المرء لم يعتق من المال نفسه

 

تملكه المال الذي هو مالكه


في الواقع ليس انا الذي املك المال المال مالكني، احرسه وانميه واحافظ عليه واسهر واتركه لغيري وامشي، لا خير في مال كهذا: 

اذا المرء لم يعتق من المال نفسه

 

تملكه المال الذي هو مالكه


بعد ذلك يقول:

الا انما مالي الذي انا منفق

 

وليس لي المال الذي انا مالكه


النبي (صلى الله عليه وآله) في يوم ذبح كبشاً ووزعه على هذا وذاك وابقى قسماً من الفخذ فأحدى زوجاته قالت: يا رسول الله ذهب الكبش كله ولم يبق لنا الا هذا فقال: لها النبي لا لا كله بقي لنا الا هذا الذي تنظرينه، هذا ليس لنا، لماذا؟ "ليس لك من مالك يا ابن آدم الا ما اكلت فأفنيت ولبست فأبليت وتصدقت فأبقيت"، هنا بيتين ان المال نعمة او والعياذ بالله نقمة، رأينا ناساً صارت عندهم الاموال فأستنكف ان يدخل الحرم، استنكف ان يحضر مجلس تعزية، يستنكف يقول ان اسكن النجف ذهب وسكن بغداد، هناك واذا بلمحة مثل لمحة البصر راحت هذه الاموال وعاد الى الصفر فرجع الى النجف الى جوار امير المؤمنين.
اذا كان المال يبعدني عن رحاب اهل البيت فلا خير في هذا المال اما مال مثل مال المرحوم الحاج مصطفى كبة الذي كان كله في الخير والبركات فأهلاً وسهلاً واللهم ارزقنا اموالاً كهذه.
أسأل الله للمرحوم الحاج مصطفى كبة الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة