البث المباشر

تفسير موجز للآيات 41 الى 56 من سورة الواقعة

الأحد 5 مارس 2023 - 12:49 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 994

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين والصلاة والسلام على أشرف الخلق نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. حضرات المستمعين الكرام سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات وأهلاً بكم أينما كنتم وأنتم تتابعون برنامجكم القرآني "نهج الحياة" عبر إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران حيث نواصل في هذه الحلقة من البرنامج تفسير سورة الواقعة المباركة بدأً بالإستماع الى تلاوة الآيات الحادية والأربعين حتى الثامنة والأربعين منها فتابعونا على بركة الله..

وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ{41} فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ{42} وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ{43} لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ{44} إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ{45} وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ{46} وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ{47} أَوَ آبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ{48}

"سموم" أيها الأكارم، بمعنى الريح الحارة التي تؤثر تأثير السم، و"المسام" هي الثقوب الصغيرة في الجلد التي يصعب رؤيتها أو قد لا تُرى بالعين المجردة. والـ "حميم" هو الماء الحار، و"اليحموم" الدخان الغليظ الأسود. أما "الحنث" عزيزي المستمع، فهو المعصية الكبيرة، ويستخدم كثيراً في مجال نقض اليمين والعهد.

وتشير الآيات الى أن أصحاب الشمال يوم القيامة أشكالاً من العذاب وألواناً عدة كالرياح الحارة والماء الحار والدخان الأسود الغليظ الحارق إلى غير ذلك.

ومن فنون التعبير التي يتميز بها القرآن وصفه للوقائع الآتية بصيغة الماضي، ما يجعل جهنم وكأنها حاضرة بين يدي المجرمين، وكأنهم يقفون في محكمة العدل الإلهي.

ومما تفيدنا هذه الآيات الكريمة أولاً: في أحوال أهل النار من الشدة ما يدعو إلى العجب حسب قوله تعالى (ما أصحاب الشمال).

ثانياً: يبتلى المترفون والمستهترون في الدنيا، بأشد أنواع العذاب والذل في الآخرة.

ثالثاً: الإصرار على الإجرام يؤدي إلى كبر الإجرام وعظمته.

رابعاً: الله سبحانه وتعالى عادل، يوازن بين الجزاء والعمل؛ فإذا كان يجازي الله العاصين بثلاثة أنواع من العذاب أي السموم والحميم والظل من يحموم، فإن ذلك يتناسب مع أنواع المعصية التي تصدر عنهم في الدنيا، وهي الترف والإصرار على الحنث ولإنكار المعاد.

خامساً: لا يملك منكرو المعاد دليلاً على إنكارهم واستبعادهم العودة الى الحياة بعد الموت.

وسادساً: ترويج العقائد الباطلة أخطر من الإعتقاد بها.

 

أيها الإخوة والأخوات، أما الآن ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين التاسعة والأربعين والخمسين من سورة الواقعة المباركة..

قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ{49} لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ{50}

أيها الأحبة، مما تعلمه إيانا هاتان الآيتان المباركتان أولاً: لابد من تقديم الجواب عن الشبهة، حتى لو كانت ناتجة عن العناد فحسب.

ثانياً: قدرة الله على حشر الأولين والآخرين على حد سواء.

ثالثاً: يجمع الله الناس في يوم واحد ليحاسبهم على أعمالهم.

ورابعاً: يوم القيامة معلوم عند الله، على الرغم من أنه سبحانه لم يكشفه لنا، ولا نعلم موعده.

 

أما الآن، أيها الأفاضل، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات الحادية والخمسين حتى السادسة والخمسين من سورة الواقعة المباركة..

ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ{51} لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ{52} فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ{53} فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ{54} فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ{55} هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ{56}

أيها الأعزة، الـ "زقوم" هو إسم لنبات مُرّ الطعم نتن الرائحة، ويقال إن له سائلاً يؤدي إلى تورم الجسم إن أصابه، وهو طعام أهل النار. و"النزل" ما يعد للنازل من الزاد تمهيداً لإستضافته. و"الهيم" من الهيام وهو داء يصيب الإبل من العطش فلا ترتوي مهما شربت، وتستخدم هذه المادة في وصف الأرض الرملية التي تبتلع الماء الذي ينزل عليها.

فالطعام المرّ إما أن لا يأكله الإنسان في الدنيا، وإما يأكل القليل منه لو اضطر إلى تناوله، وبعد تناوله يبحث عن بديل أطيب منه طعماً ليذهب بطعمه المرّ، ولكن في الآخرة فإنه لا يكتفي بأكله فحسب، بل يأكله بشغف، وإذا بحث عن بديل له فلا يجد إلا ما هو أسوأ منه.

ومما نستقيه من هذه الآيات المباركة أولاً: يخاطب أهل النار بأشد لهجة وخطاب.

ثانياً: أصحاب الشمال هم الضالون الذين نطلب من الله أن لا نكون منهم في كل صلاة ونقول "غير المغضوم عليهم ولا الضالين".

ثالثاً: التكذيب أسوأ من الضلال، فإن بعض الضالين قد يهتدون الى سواء السبيل، بتوفيق من الله الى الهداية.

رابعاً: أشكال الإهانة والتعذيب الروحي والجسدي الموصوف في هذه الآيات كلها، هو مقدمة لنزول أهل النار، فما بالك بالعذاب الحقيقي.

وخامساً: عدل الله سبحانه مطلق لا حدود له، وجزاؤه مساوٍ للأعمال التي يقوم بها الإنسان في الدنيا، ويوم القيامة هو يوم الإدانة والجزاء.

إلى هنا، مستمعينا الأفاضل، نأتي الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة"، فحتى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة