البث المباشر

الشهيد سعيد ابن قيس الهمداني

الأحد 10 فبراير 2019 - 11:18 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 153

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من مشاهير الصادقين مصداقاً هو الشهيد البطل سعيد بن قيس الهمداني(رض)، كان سيد همدان وعظيمها والمطاع فيها وهو من طليعة الشجعان في جيش الامام علي(ع) يوم صفين وقد اخلص في جهاده وفي نفس الوقت هو من الخطباء المشهورين يوم صفين، جهد معاوية وبذل كل الوسائل مستهدفاً هذا البطل لانه لم يستطع الوصول الى شخص الامام علي بن ابي طالب فكان يحاول ان يلتفط العناصر التي تشكل الذراع النشط في قضية الامام امير المؤمنين، خصوصاً من كان مقاتلاً وخطيباً لان الخطيب البارع كان له التأثير الايجابي في تحريك العواطف زاستقطاب الافكار وبالتالي تحقيق مكاسب مهمة لذلك كان معاوية اول ما يستهدف من اصحاب الامام علي لاشجعانهم فقط بل خطباءهم.
يذكر التاريخ عن سعيد بن قيس الهمداني رحمة الله انه خطب يوم صفين اكثر من عشرين مرة وينص المؤرخون على هذه الجمل من بعض خطبه "الحمد لله الذي هدانا لدينه واورثنا كتابه وامتن علينا بنبيه فجعله رحمة للعالمين وسيداً للمرسلين وخاتماً للنبيين وحجة الله العظيم على الماضين والغابرين ثم كان مما قضى الله وقدر وله الحمد على ما احببنا وكرهنا وقد خصنا الله بمنة ورحمة لا نستطيع اداء شكرها ولا نقدر قدرها ان اصحاب محمد المصطفى الاخيار معنا وفي حيّزنا فوالله الذي هو بالعباد بصير ان لو كان قائد جيشنا قائداً حبشياً ومعنا من البدريين سبعين رجلاً لكان ينبغي لنا ان تحسن بصائرنا وتطيب انفسنا فكيف وانما قائدنا ورئيسنا ابن عم نبينا بدري احدي صدّق وصلى صغيراً وجاهد مع النبي كبيراً الا ان معاوية وقومه اوردهم الله النار واورثهم العار الا وانكم ستلقون عدوكم غداً فعليكم بتقوى الله من الجد والحزم والصدق والصبر وان الله مع الصابرين الا وانكم تؤزرون بقتالهم ويشقون بقتالكم الا وانكم تؤجرون بقتالهم ويشقون بقتالكم والله لا يقتل رجلاً منكم رجلاً منهم الا ادخله الله بذلك جنات عدن وادخل المقتول منهم نارا تلظى" والى آخر ما ذكره ارباب التاريخ من خطبة النارية والحساسة.
سبق لسعيد الهمداني مواقف مشابهة ايضاً يوم الجمل وكان فيها مقاتلاً شجاعاً وكان يردد هذا النشيد وهذه الاراجيز:

اية حرب اضرمت ينرانها

وكسرت يوم الوغى ميرانها

قل للوصي اقبلت قحطانها

فأدعو بها تكفيها همدانها

وابلى بلاءاً حسناً.
سعيد بن قيس بن هو احد الذين انتدبهم الامام علي ليحاجبوا معاوية ويقال ان معاوية ضاق ذرعاً من قدرة بيانه حيث ابلغ بالاحتجاج فحقد عليه معاوية حقداً شديداً لكونه لساناً ناطقاً وجريئاً بالحق.
سعيد بن قيس لما خرج للنزال يوم صفين قذف اليه معاوية بمقاتل بارع من قواده وهو ذو الكلاع وهذا كان يدخره معاوية للحالات الطارئة وطار فرحاً ذو الكلاع لانه مقاتل مشار اليه فلما وصل الى ساحة المعركة دارت بينه وبين قيس منازله استمرت عدة ساعات اسفرت عن مصرعه ومصرع جماعته وابتهج به الامام امير المؤمنين وبهذا الانتصار وهو يقول:

دعوت فلباني من القوم عصبة

فوارس من همدان غير لئام

فوارس من همدان ليسوا بعزل

غداة الوغى من شاكر وشدام

لهمدان اخلاق وفضل يزينهم

وبأس اذا لاقوا وجد خصام

متى تأتيهم في دارهم تستضيفم

تبت ناعماً في خدمة وطعام

يقودهم حامي الحقيقة منهم

سعيد بن قيس والكريم يحامي

فلو كنت بواباً على باب جنة

لقلت لهمدان ادخلوا بسلام

سعيد بن قيس اردى الكثير من الشجعان صرعى حتى تجاوزوا العشرات وفي طليعتهم ذو الكلاع واهم من ذلك عمروبن حصين السكوني الذي باغت الامام علياً ليطعنه فأهتزت غيرة سعيد الهمداني فأعترضه والحقه بجهنم وجاء وهو يقول:

الا ابلغ معاوية بن حرب

ورجم الغيب تكشفه الظنون

بأنا لا نزال لكم خصوماً

طوال الدهر ما سمع الحنين

الم تر ان والدنا علياً

ابو حسن ونحن له بنين

وانا لا نريد سواه مولى

وذاك الرشد والخط المتين

العقدة التي كانت اثقل من جبل ابي قبيس على معاوية هذه القيم وهذا الشعور والمشاعر وهو يفتخر بأنا لا نزال لكم خصوماً.
لسعيد بن قيس مواقف مشابهة مع الامام الحسن(ع) بعد وفاة ابيه وقد امره الامام الحسن على الجيش مع عبيد الله بن العباس ولما امره الامام الحسن كان يعلم انه يتمتع بخليفه واسعة بالنسبة للممارسات القتالية وكخطيب يتمتع بقدرة عالية على البيان وهز المشاعر وتحريك العواطف لذلك كان في طليعة منتبناه الامام الحسن(ع) كقائد لفيلق او لقسم من جيوشه فخرج ولكن بسبب الاخقاق او الغدر الذي لاقاه وقام به بعض القيادات امثال عبيد الله بن العباس وغيره واجه ظرفاً حرجاً سعيد بن قيس(رض).
ويقال بأنه شوهد بعد ذلك مكفهراً ويعاني من ازمة نفسية لما شاهد من حالات الخيانة وحالات الغدر خصوصاً عبيد الله بن العباس الذي سبق لمعاوية او جزار معاوية وهو يسر بن ارطاط ان قتل له طفلين على صدر امهما وهي حالة تعد من فضائح التاريخ ومن البصمات السيئة في ملف معاوية حينما قام جزاره بقتل هذين الطفلين والطفلان هما لعبيد الله بن عباس مع ما يحمل من صفات سوداء وخواطر من معاوية معه ولكن المال اسال لعابه فغدر بالامام الحسن وواجه سعيد بن قيس(رض) في ذلك موقفاً حرجاً فرجع الى الامام الحسن ولكن الامام الحسن اوصاه بأن يقوم دائماً في معزل عن الاحداث بأعتبار ان الامام الحسن اراد سلامته وليدخره ليكون للمعركة القادمة او للفصل القادم الذي سيقوده الامام الحسين(ع) وبالتالي قيل بأن الحجاج كان يلاحقه لتاريخه الجهادي مع اهل البيت وتعمد في خطوة خبيثة على تزويج ابنته بالقهر من خبيث معاد لاهل البيت كحرب نفسية.
هذه لمحات عن سيرة هذا البطل نسأل الله تعالى له الرحمة والرضوان وان يوفقنا للسير على خطاه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة