البث المباشر

الامام الهادي(ع) وجهاده ومواجهته لطغاة بني العباس

الثلاثاء 5 فبراير 2019 - 10:59 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 58

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين ابا القاسم وعلى آله الطيبين الطاهرين.
نتحدث عن الامام علي بن محمد الهادي(ع) المولود في الخامس من شهر رجب عام 210 للهجرة وفاته عام 254، تولى منصب الامامة او منصب الامامة بعد وفاة ابيه الامام الجواد(ع) وطبعاً هناك جماعة انصرفوا الى امامة اخيه موسى المبرقع المعروف بالمبرقع وبعد ذلك اعترف له اخوه بالامامة واضمحلت هذه الفكرة وانتهت وانتهى معتنقوها. 
المؤرخون يصطلحون على الامام الهادي بهذه الكنية ويعرفونها بابي الحسن الثالث ابو الحسن الاول امير المؤمنين ابو الحسن الثاني الامام الكاظم وابو الحسن الثالث الامام الرضا وابو الحسن الرابع الامام الهادي باستثناء امير المؤمنين يكون هو ابو الحسن الثالث، طبعاً مر الامام(ع) بفترات شافة جداً ومتعبة ولكن قابلها(ع) بصبر وبتحمل يقول الشاعر: 

اذا ما بلغت الصادقين بني الرضا

فحسبك من هادي يشير الى هادي

ينابيع علم الله اطوار دينه

فهل لنفاد ان علمت لأطواد

نجوم متى نجم خبى مثله بدى

فصلى على الغاب المهين والباد

عاصر الامام الهادي سبعاً من الخلفاء العباسيين كالمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز وايام امامته كان يقام عليه(ع) الحجز جبراً وقهراً، عشرين سنة الامام(ع) قضاها في سامراء كما يقول الاديب "هو عاش بسامراء عشرين حجة تجرع من اعداءه جم الاراقم" فهذه الفترة كان الامام شبه محجور عليه لان هجر الامام(ع) من المدينة. 
ذلك اليوم امام الحرمين في الحجاز والوالي اشتكيا الى المعتصم والى المتوكل وهذه غالباً سيرة الطغاة وسيرة عملاء الطغاة كانهم يتضايقون من اي منبع روحاني ينقاد الناس اليه بافئدتها، تعلمون ايها الاخوة ان الائمة(ع) لم يقودوا الناس بالاقتياد الطبيعي او كما نسميه التقليدي الذي تشاهده انما الانقياد الروحي كما كتب الامام الكاظم(ع) لهارون الرشيد لما راسله قال له "انت امام الابدان وانا امام القلوب" طبعاً الناس لما تنقاد وتتزاحم حول باب دار الامام الهادي(ع) في المدينة يشعر هؤلاء بانهم ضعفاء اما هذا المد وامام هذا الانقياد فكانوا وكان هذا الوالي وامام الحرمين ايضاً يكتبان الى الحكام الى المعتصم الى المتوكل باي صورة يريدان من الخليفتين ان يعملا شيئاً لتطويق الامام الهادي وفعلاً اخرج الامام الهادي(ع) من المدينة وبهذا حرمت الامة الاسلامية في الحجاز وفي المناطق المقاربة الى الحجاز حرمت من هذا الفيض الالهي لان الامام كان يزودهم بالمواعظ بالاحاديث وبكافة المعلومات، غالباً كانوا يتوافدون كل واحد بيده محبره وبيده القرطاس يكتب ما يسمعه من الامام الهادي(ع) فنقل الامام الى سامراء وحجز عليه هناك وهذه كانت ايضاً من اساليب الطواغيت، التعامل بالتعذيب النفسي كما يقال مثلاً وضع الامام في مكان يسموه خان الصعاليك، خان الصعاليك نستطيع ان نسميه موقف او سجن وفيه من الاشكال والارقام من الجناة وغيرهم وضع الامام بين هؤلاء في تصور الطغاة انذاك كان هو نوع من انواع التعديب النفسي وفعلاً، لكن الامام في ذلك المكان كان مشغولاً بالعبادة ولا يستقر بالليل لا ينام الا قليلاً يترنم بقراءة القرآن واذا قرأ القرآن يحزن ويبكي مشغولاً بالاستغفار، فكان بعض السجناء شئ فشئ يميلون نحو الامام الهادي(ع) ويسألونه اسئلة متعددة بالاضافة الى سجن الامام في هذا المكان اعتمد المتوكل سلوكاً خاصاً لايذاء الامام فمرة مثلاً يبعث على الامام وهو في مجلس نعوذ بالله مجلس الشراب والخمر هو وزمرته وبايديهم كؤوس الخمر وفي تلك الحالة كان يأمر بادخال الامام عليه وكان لما يؤتى بالامام(ع) الامام ينظر الى هذا المنظر على اي حال طبيعته الائمة التصبر والتعامل مع الامور بدقة وبتعمق فلما ادخل الامام على المتوكل يلتفت اليه المتوكل وهو يقول انشدنا شعراً غالباً تلك المحاضر وتلك الجلسات كانت تشغل مع الغناء وابيات الغزل المناسبة فهو يقول للامام انشدنا شعراً من باب الاستخفاف بالامام فقال له الامام: اني قليل الرواية في الشعر، فتجاسر اكثر وناول الامام كأساً، وهو يقول: اتشرب؟ فقل: له الامام: ما خامر لحمي ودمي قط. تجاسر اكثر متطاولاً وهو يقول: اني اخيرك بواحدة من ثلاث اما ان تشرب واما ان تقرأ الشعر واما ان تقتل فقال له الامام: اني قليل الرواية في الشعر ولكن بدأ الامام ينشد ذلك الشعر او مثلاً تنسب هذه الابيات للامام او يقال انها كانت من قبل عهد والامام انشدها الغاية ان الامام استغل الموقف وانتخب هذه الابيات: 

انظر لماذا ترى يا ايها الرجل

وكن على حذر من حيث تنتقل

وقدم الزاد من خير تسر به

فكل ساكن دار سوف يرتحل

انظر الى معشر باتوا على دعة

فاصبحوا في الثرى رهناً بما عملوا

بنوا فلم ينفع البنيان وادخروا

مالاً فلم يغنهم لما انقضى الاجل

باتوا على قلل الاجيال تحرسهم

غلب الرجال قلم تنفعهم القلل

واستنزلوا عز عن معاقلهم

واودعوا حفراً يا بئس ما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد ما دفنوا

اين الاسرة والتيجان والحلل

اين الوجوة التي كانت منعمة

من دونها تضرب الاستار والكلل

فافصح القبر عنهم حين سائلهم

تلك الوجوه عليها الدود يقتتل

طبعاً المتوكل يسمع وزبانتيه صاغين الى هذه الابيات الى هذه الحكمة الى هذه المعاني والمواعظ. 

قد طال ما اكلوا دهراً وما شربوا

فاصبحوا بعد طول الاكل قد اكلوا

وطالما كنزوا الاموال وادخروا

فخلّفوها الى الاعداء وارتحلوا

اصخت مساكنهم وحشاً معطلة

وساكنوها الى الاجداث قد رحلوا

ثم يقول الامام: 

سل الخليفة اذ وافت منيته

اين الجنون واين الجند والخول

اين الكماة الذي ماجوا اذا غضبوا

اين الحماة التي تحمى بها الدول

ما بال قبرك لا يأتي له احد ولا

يطوف به من بينهم رجل

انعكس الموقف الى شكل آخر واذا المتوكل يبكي بدل الضحك واخضلت لحيته بدموعه تفرق مجلسه تحول الى مجلس عزاء عليهم وكل واحد رجع الى مواقعه وكان هذا سلوكاً خاصاً انتهجه الامام لاداء رسالته ومهمته. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة