البث المباشر

الامام السجاد(ع) وحالات أولياء الله

الإثنين 4 فبراير 2019 - 14:02 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 35

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
الحماد بن حبيب العطار الكوفي قال: خرجنا حجاجاً فرحلنا من منطقة زبالة ليلاً، فاستقبلتنا ريح سوداء مظلمة، فتقطعت القافلة فتهت في تلك الصحاري فانتهيت الى واد قفر، فلما جن الليل اويتالى شجرة عادية فلما ان اختلط الظلام، اذا انا بشاب قد اقبل عليه اطمار بيض تفوح منه رائحة المسك فقلت في نفسي: هذا ولي من اولياء الله، متى احس بحركتي خشيت ان ينفر ويذهب وانا امنعه من كثير مما يريد فعله فاخفيت نفسي ما استطعت، فدنى ذلك الشاب الى الموضع وتهيأ للصلاة وتوضأ ثم وثب قائماً وهو يقول مناجياً ربه: "يا من احازكل شئ ملكوتاً، وقهر كل شئ جبروتاً، اولج قلبي فرح الاقبال عليك والحقني بميدان المطيعين لك". 
يقول حماد: دخل ذلك الشاب في الصلاة فلما ان رأيته قدهدأت اعضاءه وسكنت حركاته قمت الى الموضع الذي تهيأ للصلاة فاذا بعين تفيض بماء ابيض وتهيأت للصلاة ثم قمت خلفه، فاذا انا بمحراب كأنه مثل في ذلك الوقت فرأيت ذلك الشاب كل ما مر باية فيها ذلك الوعد والوعيد اي ذكر الجنة او النار يرددها باشجان الحنين بحزن واسى وغم، فلما ان تقشع الظلام وثب قائماً وهو يقول: "يا من قصده الطالبون فأصابوه مرشداً، وامّه الخائفون فوجدوه متفضلاً، ولجأ اليه العابدون فوجده نوالاً متى راحت من نصب لغيرك بدنه، ومتى فرح من قصد سواك بنيته، الهي تقشع الظلام ولم اقضى من خدمتك وطراً ولا من حاظ مناجاتك، صلى على محمد وآله وافعل بي اولى الامرين بك يا ارحم الراحمين". 
يقول حماد: فخفت ان يفوتني شخصه وان يخفى عليّ اثره فتعلقت به فقلت له: "بالذي اسقط عندك ملال التعب وبالذي منحك شدة شوق لذيذ الرعب الا الحقتني منك جناح رحمة وكنف رقة" اي اجعلني في حرزك ورحمتك ومنّ عليّ بان تدعو لي وامنحني بركتك فاني ضال، وبغيتي كل ما صنعت ومناي كل ما نطقت. فقال ذلك الشاب مجيباً حماد: لو صدق توكلت ما كنت ضالاً ولكن اتبعني واقفوا اثري، فما ان صار بجنب الشجرة اخذ بيدي فخيل اليّ ان الارض تمد من تحت قد ميّ فلما انفجر عمود الصبح قال لي: ابشر فهذه مكه، قال: فسمعت الضجة ورأيت المحجة. فقلت له: بالذي ترجوه يوم الازفة ويوم الفاقة من انت؟ فقال لي: اما اذ اقسمت فانا علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب. 
اجل هكذا كان الامام علي بن الحسين، هكذا كان مع الله وهو سلالة رسول الله(ص) وهو حفيد خاتم الانبياء الا انه مع ذلك حينما كان يقف في محراب العبادة ويناجي ربه يناجيه كعبد ذليل مستكين حقير يقف امام رب الارباب واعظم الملكوت، ويناجيه بكلمات، ويناجيه بكلمات عميقة. انظرو انا اكرر الكلمات "يا من احاز كل شئ جبروتاً، اولج قلبي فرح الاقبال عليك". يطلب من الله سبحانه وتعالى ان يمنحه ويولج في قلبه فرح الاقبال على الله، والحقني بميدان المطيعين لك. 
انظر كيف يناجي ربه وهو يقول: "يا من قصده الطالبون فاصابوه مرشداً وامّه الخائفون فوجدوه متفضلاً، الهي قد تقشع الظلام ولم اقضي من خدمتك وطراً". 
انظر هكذا يقف الامام زين العلبدين امام الله سبحانه وتعالى خاضعاً خاشعاً ويصفه بهذه الكلمات العظيمة ويناجيه بهذه المقالة العميقة في معانيها العظيمة محتواها. 
فماذا ايها الاخ وايتها الاخت اقول انا وانت ونحن مثقلون بالذنوب، ونحن متورطون في الغفلة ونحن متشاغلون بحطام الدنيا ونحن بعيدون عن الاخرة قليلوا بالمعرفة في حق الله تعالى. 
ان هذا المشهد العظيم الذي يصفه لنا شخص عاصر الامام السجاد ورأى مناجاته ورأى وقوفه امام الله سبحانه وتعالى يعطينا درساً عظيماً ان لا نغتر بنسبنا وحسبنا ومقامنا الاجتماعي ومنزلتنا الاجتماعية بل ولا نغتر باعمالنا التي قمنا بها من اعمال حسنة وصالحة، بل لابد دائماً ان نشعر بالتقصير ونشعر بالقصور امام الحق سبحانه وتعالى فان الله تبارك وتعالى عظيم المنة علينا وعظيم النعمة. 
انظر الى الامام السجاد(ع) يقول في مناجاة له، هذه المناجاة العظيمة يقول: "الهي وربي كم تمنعني وتحجبني عن مسألتك ثلاث خصال وتحدوني خصلة واحدة، فاما الخصال التي تحجبني عن مسألتك فهي امر امرتني به فأبطأت عنه ونهي نهيتني عنه فاسرعت اليه ونعمة انعمت بها علىّ من اقبل اليك بوجهه وسألك بحسن ظنه، فكل احسانك تفضل وكل نعمك ابتداء". 
هكذا يجب ان يشعر المؤمن وهكذا ان يحس ويعتقد في الله سبحانه وتعالى، فلا يغتر باعماله ولا يغتر بمنؤلته وحسبه ونسبه. وفي النفس الوقت يجب ان لا ييأس من روح الله ورحمة الله. 
ثم انظر ايها الاخ كيف ان الامام علي بن الحسين(ع) يقول لذلك الرجل الذي طلب منه دعاءاً وبركة وان يعلمه شيئاً يحصل له في ظله حال مثل حال علي بن الحسين اي الرشاد والسداد، فقال له الامام: "لو صدق توكلت لما كنت ضالاً". اجل ايها الاخوة لو صدق توكلنا على الله سبحانه وتعالى يعني لو كنا صادقين في التوكل على الله لم نضل ولم تسعر علينا الامور ولم تذهب بنا المذاهب الى الشرق والغرب ولم نحتج الى غيرالله سبحانه وتعالى. ولم يمد يد الاستعانة الى غيره، ولكننا وهذه هي المشكلة اننا لم نصدق في توكلنا على الله، احدنا يقول توكلت على الله ولكن هل هو صادق في هذا التوكل؟ 
نرجو ان نكون كذلك ونرجو ان نصدق في توكلنا على الله سبحانه وتعالى ونزداد ثقة به، وسنرى اننا اذا توكلنا عليه توكل صدق وحقيقة وواقع لم نضل في حياتنا ولا نزل ولا ننحرف، ولم تذهب بنا المذاهب ولم تعسر علينا الامور. 
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يرزقنا توكلاً صادقاً وايماناً عميقاً انشاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة