مع انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، سيطرت طالبان على أجزاء كبيرة من أفغانستان بعد 20 عاما، وإن الهيكل والسياق العرقي واللغوي والديني، بالإضافة إلى تدخل الدول الأخرى في الشؤون الداخلية لأفغانستان، إلى جانب غزو طالبان، لا يبشر بالخير للبلاد، حيث تشير تقييمات المخابرات الأمريكية إلى احتمال الإطاحة بالحكومة الأفغانية في الداخل في غضون ستة أشهر، ويبدو هذا مرجحا بالنظر إلى انتصارات طالبان الأخيرة.
وردا على سؤال حول اسباب انسحاب امريكا من أفغانستان وإنهاء أطول حرب لها في هذا البلد، قال حسن كاظمي قمي: يجب أن ننظر الى التطورات في أفغانستان بالتزامن مع التطورات الإقليمية، فأن الأمريكيين لعبوا دورا في التطورات الإقليمية في العقدين الاخيرين، ولهذا تشكلت جبهة مقاومة ضد الإجراءات الأمريكية في المنطقة، وما يحدث في المنطقة هو نتيجة التطورات على الجبهتين، كما ان قضايا أفغانستان ليست منفصلة عما يجري في المنطقة.
واضاف : في هذا السياق، فأن القوات البرية الأمريكية المنتشرة في أفغانستان لن تعود إلى بلادها، بل ستتمركز في قواعدها المنتشرة في قطر والكويت وباكستان، موضحا ان الولايات المتحدة تسعى إلى تعزيز بعض قواتها في آسيا الوسطى، مما يعني أنه لا يوجد انسحاب كامل ودائم في الخطة الأمريكية، وان السيناريو المعد هو جعل أفغانستان في وضع يجعل عودة الأمريكيين أمر ضروري، إضافة إلى أن السيطرة الجوية لأفغانستان لا تزال في أيديهم.
واوضح كاظمي قمي: كما ان امريكا استبدلت القوات التركية العضوة في الناتو بقواتها، على سبيل المثال بحجة تأمين المطارات الأفغانية، بما في ذلك كابول، وذلك في انتهاك لسيادة أفغانستان وسيادتها الوطنية.
وحول ما خلفه الوجود الأمريكي لشعب أفغانستان في مجال البناء والاعمار خلال فترة احتلاله، قال كاظمي قمي أن الوجود الامريكي لمدة 20 عاما في افغانستان لم يخلف سوى عدم الاستقرار السياسي وزعزعة الأمن وعدم توفر البنية التحتية الاقتصادية وزيادة إنتاج المخدرات وانتشارها، موضحا ان حجم انتاج المخدرات بلغ أكثر من 10 الاف طن، 90 بالمئة منه من الافيون و70 بالمئة من إنتاج الهيروئين العالمي في أفغانستان.
واضاف، إن الإرث الذي خلفه الأمريكيون هو أزمة في الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية لأفغانستان، موضحا ان الحكومة الأفغانية والجيش والشرطة تعتمد اليوم على القوات الأجنبية، وخلال هذه السنوات العشرين حاول الأمريكيون منع تشكيل حكومة قوية وجيش وطني محترف، لأنه إذا تم إنشاء حكومة شعبية قوية وجيش وطني محترف، فلن تكون هناك حاجة لوجود عسكري أجنبي، وفي المقابل كانت هناك جماعات تعمل على زعزعة الأمن ومجهزة بأسلحة حديثة ومعدات متطورة.
كما اشار كاظمي قمي الى أن العديد من التحديات في العراق هي نتاج السياسة والادارة الأمريكية، وقال: ان الحقيقة تكشف أن الأمريكيين، وبما أنهم يفكرون فقط في مصالحهم الخاصة وليس مصالح الدول والشعوب، فلن ينتظر منهم أكثر من هذا، والمسألة الأخرى هي أن الجيش والشرطة الأفغانية لم ينهارا بعد، لكن لديهما الكثير من النواقص.