وأفادت اللجنة الإعلامية لمؤسسة المصطفى بعقد الاجتماع الخامس لترويج العلم يوم الثلاثاء ، بحضور مجموعة من القامات العلمية والإعلامية.
واستهل نائب وزير الإعلام لشؤون الصحافة الاجتماع "الدكتور محمد خدادي"، بالتعبير عن سروره بإقامة هذا الاجتماع الذي يناقش العلاقة بين العلم ووسائل الإعلام.
وأشار خدادي، الى التطور الكبير للعلوم ووسائل الإعلام، وقال ان ظهور وسائل الإعلام الحالية كان نتيجة لتطور العلم، لتتحول هذه الوسائل إلى أدوات مؤثرة على مختلف جوانب الحياة، ومصدر قلق في بعض الأحيان.
وأضاف خدادي ان هناك علاقة مترابطة ووثيقة بين العلم ووسائل الإعلام؛ فقد كان العلم سبباً في ظهور وسائل الإعلام وتطورها، كما أن وسائل الإعلام كان لها الدور الرئيس في نشر العلم وإيصاله إلى المجتمعات المختلفة.
وسلط خدادي الضوء على الكم الهائل من المعلومات المتواجدة في وسائل الإعلام، مما أتاح المجال لتسرب الأخبار والمعلومات المزيفة ووصولها إلى عموم الناس.
وأردف خدادي، في فترة تفشي فيروس كورونا، ظهرت العديد من الأخبار التي تروج لبعض الأعشاب والأدوية على أنها تساعد على الوقاية أو علاج فيروس كورونا، مما أدى إلى ارتفاع أسعار هذه المواد، الأمر الذي أثر سلباً على المجتمع، لأن هذه الأخبار لم تكن صحيحة ولم تستند على أي أساسات علمية حقيقية.
وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة المشرفة في مركز الدراسات والبحوث الثقافية والإعلامية، "زهرا أجاق" على أن وجود الفجوة بين العلم ووسائل الإعلام هو أمر طبيعي في مجتمعاتنا، وهو بسبب ضعف الثقافة العلمية للصحفيين، فهم لم يتعلموا كيفية ربط المجتمع العلمي بالمجتمع العام عن طريق وسائل الإعلام.
وأضافت أجاق، لقد وصلنا لمرحلةٍ أصبح فيها عموم الناس يقومون بكتابة الأخبار ونشرها، الأمر الذي أدى بدوره إلى ظهور ما يسمى بـ "شبه العلم"، أي الأخبار والمعلومات الغير دقيقة.
وأردفت أجاق، يجب أن نحاول بشتى الطرق الممكنة أن نزيل هذه الفجوة بين العلم ووسائل الإعلام ليكون العلم هو الحاكم وله كلمة الفصل فيما يخص أمور المجتمع.
وقال خدادي: أنا أعتقد أيضاً أن اختلاف أولويات الناس هو سبب مؤثر في اختلاف التوجهات العلمية في البلدان، كما أن اهتمامات الناس بموضوع معين تدفع عجلة العلم نحوه بشكل فعال، مما يؤدي إلى اتساع رقعة العلم في هذا المجال.
وكان من بين المشاركين في هذا الاجتماع عبر خدمة الفيديو كنفرانس، عضو المؤسسة الوطنية للاتصالات العلمية وموارد المعلومات في الهند "السيد جوهر رضا".
وأشار جوهر رضا، الى إن مسألة الفجوة بين العلم من جهة، ووسائل الإعلام وعموم الناس من جهة أخرى هي مسألة جدية، فلغة العلماء ليست مفهومة للناس، ونحن بحاجة لأشخاص مختصين ليقوموا بتبسيط هذه اللغة لنا حتى نتمكن من إدراكها.
وقال خدادي حول موضوع تأثير السياسة على الإعلام، في السابق كانت وسائل الإعلام انحصارية وتقتصر على الراديو والصحف، أما اليوم فقد أصبح الناس يختارون المواضيع التي يرغبون بمتابعتها نتيجة تنوع وسائل الإعلام، ولذلك فقد تقلص تأثير السياسة على الإعلام.
وأضاف خدادي، في إشارة منه إلى ضرورة تبسيط العلوم عند طرحها لعموم الناس: يجب أن تعرف وسائل الإعلام متابعيها بشكل جيد، وتمتنع عن طرح المواد العلمية بشكل "مواد خام"، وإنما يجب عليها طرحها بشكل مبسط ليتمكن المتابع من فهمها واستيعابها بشكل جيد.
وقالت أجاق، عن كثرة انتشار الأخبار المزيفة في وسائل التواصل الاجتماعي: تزامناً مع تفشي فيروس كوفيد-19، أصبح الناس يسمعون أخبار متناقضة تتعلق بموضوع الفيروس من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي يجب على العلم أن يغير طريقتة للوصول إلى الناس، فمن الممكن أن يتم نقل المعلومات الصحيحة للناس عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي التي يفضلها المتابعون، كما يجب أن يقوم العلم بملاحقة الأخبار المزيفة ويعرف المخاطب بمواصفتها، وفي المقابل يجب أن يقدم للمتابع مصادر معتبرة للمعلومات الصحيحة التي تهمه.
وفي السياق نفسه، أكد جوهر رضا، على أن الأخبار المزيفة كانت سبباً مهماً في ضعف ثقة الناس بوسائل الإعلام، كما أن جهل وسائل الإعلام بحاجات المتابعين، سببت فجوه بينها وبينهم، ويجب علينا معرفة اهتمامات المتابعين وحاجاتهم لنتمكن من ملامسة الأمور المهمة في حياتهم ومساعدتهم في تقديم المعلومات الموثقة عنها.
ومن جانبه أكد خدادي، نائب وزير الإعلام لشؤون الصحافة على أهمية إيجاد مراجع علمية موثقة تدافع عن المعلومات التي يتم طرحها للمخاطَبين، وذلك لتعزيز ثقتهم بالعلم والأخبار العلمية، كما نوه خدادي إلى ضرورة مراعاة الأمانة العلمية والابتعاد عن التجارة العلمية في المواضيع الحياتية التي تمس الناس.
وقال جوهر رضا، في سياق تقديم حلول واقعية للمشاكل التي تم عرضها من قبل المشاركين في الاجتماع: صحيح أن المجتمعات تحترم العلم والعلماء، لكن يجب على المؤسسات العلمية أن تحاول فهم مشاكل الناس وثقافاتهم وتراعي هذه الأمور عند نشر أخبارها لتترك أثراً ملموساً عند المتلقين.
وصرح خدادي: يجب على المجتمعات العلمية فهم طبيعة ومستوى المخاطبين، ووضع هذا الأمر على قائمة أولوياتهم، كما يجب على وسائل الإعلام التركيز على توليد المعلومات ونوعيتها وإيجاد بنك معلوماتي ليكون مرجعاً معتمداً عند الحاجة، وكذلك يجب تبسيط المعلومات العلمية قبل نقلها للناس.
ومن جانبها أكدت أجاق، على مسألة ارتباط العلوم ببعضها، فالعلم ليس مقسماً على حد تعبيرها، ويجب علينا فهم حاجات المجتمع ونوفر لهم المختصين ليقوموا بتبيسط المعلومات العلمية لهم.
يذكر أن مؤسسة المصطفى للعلوم والتكنولوجيا كانت قد أقامت خمسة اجتماعات لترويج العلم بمواضيع علمية وإعلامية مختلفة من يونيو/حزيران 2020 ولغاية الآن؛ الاجتماعات التي حظيت باهتمام كبير، وحضور واسع لمختلف وسائل الإعلام العربية والأجنبية.