البث المباشر

ما حقيقة الجن والعفاريت في العقيدة الإسلامية؟

الثلاثاء 17 نوفمبر 2020 - 11:46 بتوقيت طهران
ما حقيقة الجن والعفاريت في العقيدة الإسلامية؟

لم يرد في القرآن حول العفاريت إلا ما ذكر في قصة سليمان: {قَالَ عِفْريتٌ منَ الْجِن أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مقَامِكَ وَإِني عَلَيْهِ لَقَوِي أَمِينٌ}[النمل: 39]. ومعناه ـــ حسب ما ذكر في التفاسير ـــ المارد القوي، فهو نوع من الجن لا عنصر آخر غيره.

 

أما الإيمان بالجن بشكلٍ عام، فهو منطلق من الإيمان بالقرآن، وأنه كلمة الله الحقة، فما دام القرآن يخبرنا عن وجود مخلوق عاقل واع يسمى الجن، فعلينا أن نؤمن به، تماماً كما نؤمن بأي شيءٍ آخر لا يخضع للحس ولا يقع تحت التجربة، ولذا، فلا يملك العلم بوسائله المادية طريقاً إلى إثباته، كما لا يملك طريقاً إلى نفيه، لأنه لا يستطيع أن ينفي أي افتراض على سبيل الجزم إلا بعد أن يحيط بكل الموجودات الكونية الظاهرة والخفية، وهذا ما لا يدعيه العلم لنفسه.

 

إذاً! نحن نؤمن بأن القرآن كلام الله، وقد أخبرنا، في أكثر من آية، بأن هناك خلقاً غير الإنسان يعيش في عالمنا الأرضي ضمن وجود خفي، يسمى الجن، وقد حدثنا عنه أنه مخلوق عاقل مسؤول، فمنه المؤمن ومنه الكافر. وكما انطلقت الرسالات لتحمل الإنسان مسؤولية السير في الحياة على إرادة الله، كذلك كانت موجهة إلى الجن للهدف نفسه، وقد خصص القرآن الكريم سورة خاصة للجن، كما تحدث عنه في بقية السور بمختلف الأساليب.

 

أما شكله وأوصافه، فليس هناك صيغة دينية على مستوى الحقيقة، أي (100%) تحدد لنا ذلك.

 

أما الصور الموجودة في كتب الأدب وقصص ألف ليلة وليلة، وأحاديث شعراء الجاهلية، أو في عقليات الناس وأساطيرهم الشعبية، فليس لها أساس ديني صالح، بل هي في إطار الأساطير.

 

والخلاصة: إن الإيمان بوجود الجن طريقة الإيمان بالقرآن، أما العلم، فلا يثبت ولا ينفي، ولكنه يترك القضية تعيش في إطار الاحتمال والإمكان، تماماً كما قال ابن سينا: "كل ما قرع سمعك فذره في بقعة الإمكان، حتى يذودك عنه واضح البرهان". ليس عند العلم شيء مستحيل، فهو يتقدم بالخيال والافتراض الذي يعمل من أجل أن يكتشف ـــ بالبحث ـــ جانب الحقيقة فيه.

 

وعلينا أن لا نخلط بين القول بأن العلم لم يثبت هذا الشيء وبين القول بأنه ينفيه، لأن الشك حالة طبيعية تعيش مع الإنسان ما دام لم يضع يديه على الدليل، أما النفي، فهو تابع للدليل تماماً كما هو الإثبات.

 

*من كتاب "مفاهيم إسلامية" للسيد محمد حسين فضل الله

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة