ومنها:
فِيهِمْ كَرَائِمُ اَلْإِيمَانِ، وهُمْ كُنُوزُ اَلرَّحْمَنِ، إِنْ نَطَقُوا صَدَقُوا، وإِنْ صَمَتُوا لَمْ يُسْبَقُوا، فَلْيَصْدُقْ رَائِدٌ أَهْلَهُ، ولْيُحْضِرْ عَقْلَهُ، ولْيَكُنْ مِنْ أَبْنَاءِ اَلْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ مِنْهَا قَدِمَ، وإِلَيْهَا يَنْقَلِبُ، فَالنَّاظِرُ بِالْقَلْبِ، اَلْعَامِلُ بِالْبَصَرِ، يَكُونُ مُبْتَدَأُ عَمَلِهِ أَنْ يَعْلَمَ أَعَمَلُهُ عَلَيْهِ أَمْ لَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَضَى فِيهِ، وإِنْ كَانَ عَلَيْهِ وَقَفَ عَنْهُ، فَإِنَّ اَلْعَامِلَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ، فَلاَ يَزِيدُهُ بُعْدُهُ عَنِ اَلطَّرِيقِ اَلْوَاضِحِ إِلاَّ بُعْداً مِنْ حَاجَتِهِ، واَلْعَامِلُ بِالْعِلْمِ كَالسَّائِرِ عَلَى اَلطَّرِيقِ اَلْوَاضِحِ، فَلْيَنْظُرْ نَاظِرٌ أَسَائِرٌ هُوَ أَمْ رَاجِعٌ، واِعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ ظَاهِرٍ بَاطِناً عَلَى مِثَالِهِ، فَمَا طَابَ ظَاهِرُهُ طَابَ بَاطِنُهُ، ومَا خَبُثَ ظَاهِرُهُ خَبُثَ بَاطِنُهُ، وقَدْ قَالَ اَلرَّسُولُ اَلصَّادِقُ صَلََّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ، إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ اَلْعَبْدَ، ويُبْغِضُ عَمَلَهُ، ويُحِبُّ اَلْعَمَلَ، ويُبْغِضُ بَدَنَهُ، واِعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ نَبَاتاً، وكُلُّ نَبَاتٍ لاَ غِنَى بِهِ عَنِ اَلْمَاءِ، واَلْمِيَاهُ مُخْتَلِفَةٌ، فَمَا طَابَ سَقْيُهُ، طَابَ غَرْسُهُ، وحَلَتْ ثَمَرَتُهُ، ومَا خَبُثَ سَقْيُهُ، خَبُثَ غَرْسُهُ، وأَمَرَّتْ ثَمَرَتُهُ.
وقال عليه السلام في كلماته القصار:
يَأْتِي عَلَى اَلنَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَبْقَى فِيهِمْ مِنَ اَلْقُرْآنِ إِلاَّ رَسْمُهُ، ومِنَ اَلْإِسْلاَمِ إِلاَّ اِسْمُهُ، ومَسَاجِدُهُمْ يَوْمَئِذٍ عَامِرَةٌ مِنَ اَلْبِنَاءِ، خَرَابٌ مِنَ اَلْهُدَى، سُكَّانُهَا وعُمَّارُهَا شَرُّ أَهْلِ اَلْأَرْضِ، مِنْهُمْ تَخْرُجُ اَلْفِتْنَةُ، وإِلَيْهِمْ تَأْوِي اَلْخَطِيئَةُ، يَرُدُّونَ مَنْ شَذَّ عَنْهَا فِيهَا، ويَسُوقُونَ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا إِلَيْهَا، يَقُولُ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ، فَبِي حَلَفْتُ لَأَبْعَثَنَّ عَلَى أُولَئِكَ فِتْنَةً تَتْرُكُ اَلْحَلِيمَ فِيهَا حَيْرَانَ، وقَدْ فَعَلَ، ونَحْنُ نَسْتَقِيلُ اَللَّهَ عَثْرَةَ اَلْغَفْلَةِ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام قَلَّمَا اِعْتَدَلَ بِهِ اَلْمِنْبَرُ إِلاَّ قَالَ أَمَامَ اَلْخُطْبَةِ:
أَيُّهَا اَلنَّاسُ، اِتَّقُوا اَللَّهَ فَمَا خُلِقَ اِمْرُؤٌ عَبَثاً فَيَلْهُوَ، ولاَ تُرِكَ سُدًى فَيَلْغُوَ، ومَا دُنْيَاهُ اَلَّتِي تَحَسَّنَتْ لَهُ بِخَلَفٍ مِنَ اَلْآخِرَةِ اَلَّتِي قَبَّحَهَا سُوءُ اَلنَّظَرِ عِنْدَهُ، ومَا اَلْمَغْرُورُ اَلَّذِي ظَفِرَ مِنَ اَلدُّنْيَا بِأَعْلَى هِمَّتِهِ، كَالْآخَرِ اَلَّذِي ظَفِرَ مِنَ اَلْآخِرَةِ بِأَدْنَى سُهْمَتِهِ.