لذا، كانت هذه البقعة محطَّ أنظار الشعوب عبر التاريخ، فهذه المدينة يرجع تاريخها، بحسب المعلومات، إلى أكثر من خمسة آلاف عام، وبذلك تعتبر من أقدم مدن العالم.
وكلّ شعبٍ كان يستوطنها، كان يطلق عليها اسماً معيّناً، فالكنعانيون من الألف الثّالث قبل الميلاد، أسموها "أورساليم"، أو مدينة السَّلام، وفي العصر اليوناني، عرفت باسم "إيلياء"، ومعناه بيت الله، وقد سكنتها قبيلة اليبوسيين، أحد البطون الكنعانيّة العربيّة، حوالى العام 2500 ق.م، وقد خضعت للنّفوذ المصريّ الفرعونيّ بدءاً من القرن 16 ق.م.
استطاع النبيّ داود(ع) حكم المدينة في العام 1000 ق.م، وحكمها، بحسب بعض التّواريخ أربعين عاماً، بعده حكمها ابنه سليمان 33 عاماً، إلى أن دخلت في العصر البابليّ بعد احتلالها من الملك نبوخذ نصّر العام 586 ق.م، بعدها انتقلت إلى العصر الفارسيّ، بعد أن انتصر قورش الفارسي على البابليّين العام 538 ق.م، واستولى الإمبراطور اليوناني وقتها الإسكندر الكبير على القدس العام 333 ق.م.
وبعد اليونانيّين، تمكّن قائد الجيش الروماني بومبيجي من الاستيلاء على القدس العام 63 ق.م، وضمَّها إلى الإمبراطورية الرومانية، وظلّت المدينة المقدّسة في أيدي الرومان حتى الفتح الإسلامي العام 636 ميلادية.
وشهدت المدينة إسراء الرّسول الأكرم(ص) ليلاً إلى المسجد الأقصى، ومن ثمّ العروج منها إلى السّماوات العلى.. وخضعت بعد ذلك لحكم الأمويّين والعباسيّين من بعدهم، والسَّلاجقة وغيرهم، حتى سقطت في أيدي الصّليبيّين العام 1099 ميلاديّة، بعد خمسة قرون من الحكم الإسلاميّ.
وبعد دخول العثمانيّين إليها، خضعت للاحتلال البريطاني بتاريخ 9/12/1917 ميلادية، والّذي عمل على تسهيل دخول العصابات الصّهيونيّة إلى فلسطين واغتصابها، وإعلان دولة الكيان الصّهيونيّ في 15 أيار من العام 1948.
ولا تزال القدس إلى اللّحظة تحت نير الاحتلال الصهيوني، حيث تستصرخ المسلمين كي يتوحَّدوا، ويجعلوا فلسطين والقدس في صلب اهتماماتهم وأولويّاتهم، لا أن تصبح القضيَّة عبئاً عليهم، ويتهرّبوا منها، كما يقول المرجع السيِّد فضل الله(رض).