الخطبة ٦٤: ومن خطبة له عليه السلام وفيها مباحث لطيفة من العلم الالهي
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ تَسْبِقْ لَهُ حَالٌ حالاً، فَيَكُونَ أَوَّلاً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِراً، وَيَكُونَ ظَاهِراً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ بَاطِناً، كُلُّ مُسَمّىً بِالْوَحْدَةِ غَيْرَهُ قَلِيلٌ، وَكُلُّ عَزِيزٍ غَيْرَهُ ذَلِيلٌ، وَكُلُّ قَوِيٍّ غَيْرَهُ ضَعِيفٌ، وَكُلُّ مَالِكٍ غَيْرَهُ مَمْلُوكٌ، وَكُلُّ عَالِمٍ غَيْرَهُ مُتَعَلِّمٌ، وَكُلُّ قَادِرٍ غَيْرَهُ يَقْدِرُ وَيَعْجَزُ، وَكُلُّ سَمِيعٍ غَيْرَهُ يَصَمُّ عَنْ لَطِيفِ الاَْصْوَاتِ، ويُصِمُّهُ كَبِيرُهَا، وَيَذْهَبُ عَنْهُ مَا بَعُدَ مِنْهَا، وَكُلُّ بَصِيرٍ غَيْرَهُ يَعْمَى عَنْ خَفِيِّ الاَْلْوَانِ، وَلَطِيفِ الاَْجْسَامِ، وَكُلُّ ظَاهِرٍ غَيْرَهُ بَاطِن، وَكُلُّ بَاطِن غَيْرَهُ غَيْرُ ظَاهِر، لَمْ يَخْلُقْ مَا خَلَقَهُ لِتَشْدِيدِ سُلْطَان، وَلاَ تَخْوُّفٍ مِنْ عَوَاقِبِ زَمَان، وَلاَ اسْتِعَانَةٍ عَلَى نِدٍّ مُثَاوِر، وَلاَ شَرِيك مُكَاثِرٍ، وَلاَ ضِدّ مُنَافِرٍ، وَلكِنْ خَلاَئِقُ مَرْبُوبُونَ، وَعِبَادٌ دَاخِرُونَ، لَمْ يَحْلُلْ فِي الاَْشْيَاءِ، فَيُقَالَ: هُوَ كَائِنٌ، وَلَمْ يَنْأَ عَنْهَا، فَيُقَالَ: هُوَ مِنْهَا بَائِنٌ، لَمْ يَؤُدْهُ خَلْقُ مَا ابْتَدَأَ، وَلاَ تَدْبِيرُ مَا ذَرَأَ، وَلاَ وَقَفَ بِهِ عَجْزٌ عَمَّا خَلَقَ، وَلاَ وَلَجَتْ عَلَيْهِ شُبْهُةٌ فِيَما قَضَى وَقَدَّرَ، بَلْ قَضَاءٌ مُتْقَنٌ، وَعِلْمٌ مُحْكَمٌ، وَأَمْرٌ مُبْرَمٌ، المَأْمُولُ مَعَ النِّقَمِ، المرَهُوبُ مَعَ النِّعَمِ.
الخطبة ٦٥: ومن كلام له عليه السلام في تعليم الحرب والمقاتلة
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ، اسْتَشْعِرُوا الْخَشْيَةَ، وَتَجَلْبَبُوا السَّكِينَةَ، وَعَضُّوا عَلَى النَّوَاجِذِ، فَإِنَّهُ أَنْبَى لِلْسُّيُوفِ عَنِ الْهَامِ، وَأَكْمِلُوا اللاَّْمَةَ، وَقَلْقِلُوا السُّيُوفَ فِي أَغْمَادِهَا قَبْلَ سَلِّهَا، وَالْحَظُوا الْخَزْرَ، وَاطْعُنُوا الشَّزْرَ، وَنَافِحُوا بِالظُّبَا، وَصِلُوا السُّيُوفَ بَالْخُطَا، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ بِعَيْنِ اللهِ، وَمَعَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلََّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ، فَعَاوِدُوا الْكَرَّ، وَاسْتَحْيُوا مِنَ الْفَرِّ، فَإِنَّهُ عَارٌ فِي الاَْعْقَابِ، وَنَارٌ يَوْمَ الْحِسَابِ، وَطِيبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ نَفْساً، وَامْشُوا إِلَى الْمَوْتِ مَشْياً سُجُحاً، وَعَلَيْكُمْ بِهذَا السَّوَادِ الاَْعْظَمِ، وَالرِّوَاقِ المُطَنَّبِ، فَاضْرِبُوا ثَبَجَهُ، فإِنَّ الشَّيْطَانَ كَامِنٌ فِي كِسْرِهِ، قَدْ قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ يَداً، وَأَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلاً، فَصَمْداً صَمْداً، حَتَّى يَنْجَلِيَ لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ، وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ.