لكن يبقى القول ضرورياً بأن تحقيق النصر واقعاً ونهجاً، سيظل مرتبطاً بتضافر قوى الثورة الفلسطينية ومقاومتها الباسلة، مدعوماً بمساندة شاملة من قبل شعوب الأمتين العربية والاسلامية.
إن اندلاع انتفاضة القدس والضفة الغربية التي راح ضحيتها حتى الآن أربعة شهداء فلسطينيين شباب، وعملية دهس اربعة عشر جندياً صهيونياً من لواء جولاني المعروف بشراسته ، يعززان وجهة النظر الداعية الى مواصلة منهجية الثورة الفلسطينية المقدامة التي لن تتراجع عن هدف مقارعة الاحتلال الاسرائيلي ابداً مهما ارتفعت لهجة الاستكبار والغطرسة.
الشعب الفلسطيني المؤمن المجاهد يثبت في كل مرّة بانه شعب عصيّ على الهزيمة والاستسلام وبرهن على ان صفقة القرن الموهومة لا تعدو ان تكون زوبعة سياسية ودعائية تهدف الى هزمه نفسيا، وازاء ذلك فإن هذا الشعب صامد حتى النهاية، ومن المستحيل ان تفتر مقاومته التضحوية التي تعمدت بالدماء الطاهرة لمئات الآلاف من المجاهدين الثوار الرافضين للاحتلال الصهيوني والمتمسكين بخيار العودة الى الارض التي اغتصبت منهم باستخدام الارهاب والمجازر والترانسفير والسلوكيات الاجرامية الاسرائيلية معهم.
لقد اخذت حركة المقاومة الفلسطينية الثائرة تتبلور يوما بعد آخر وها هو المقاوم الفلسطيني، يمتلك من القدرات الدفاعية والهجومية ما يفزع لواء جولاني الصهيوني وغيره من الوية الجيش المحتل الذي زعم بانه "لا يقهر" فإذا بجنوده المدربين تدريبا عصرياً يتساقطون بعمليات دهس أو باستخدام اسلحة باردة بسيطة ،عدا تلك الصواريخ البالستية التي تمنع بعض الانظمة العربية حتى من امتلاكها، في حين ان فصائل الثورة الفلسطينية اصبحت تزلزل بها تل ابيب وحيفا ويافا وغدت تمتلك بها معادلة الرعب التي طالما اخذت "اسرائيل" بناصيتها طيلة العقود الطويلة الماضية.
إن الصهيونية التي تمثل احدى الجبهات الوظيفية لاميركا والاستكبار العالمي، باتت مسكونة اليوم بهواجس كثيرة تحول بينها وبين الوصول الى مآربها التوسعية او تحقيق حلم "اسرائيل الكبرى" من النيل الى الفرات، والدليل على ذلك هو انها فضلت بناء الجدار العازل حواليها خشية من اية مقاومة فلسطينية مسلحة يمكن ان تحاصرها او ان تحطمها في يوم ما.
من هنا يمكن لنا فهم ابعاد صفقة الوهم التي هي لن تعطي شيئا لدعاة الصلح والاستسلام فضلا عن انها لا تملك من حصانة تقي بها اسرائيل نفسها من ضربات المقاومة الفلسطينية المتصاعدة جيلا بعد آخر، فالانتفاضة المشروعة انطلقت من القدس وبيت لحم والخليل ومناطق الضفة الغربية المختلفة، اي من الحيّز الجغرافي الذي ظن الصهاينة بانه قد تحول الى حزام امني لدولتهم الارهابية.
يتعين على الراي العام العالمي ان يدرك بان صفقة القرن المزعومة لا تشكل معوّقاً للجهاد الشعبي الفلسطيني، ولهذا فإن تمثيلية اعلانه على لسان الرئيس الاميركي المتوحش دونالت ترامب لن تجدي نفعاً لنتنياهو ولا لغيره من زعماء القتل والارهاب في تل ابيب، لانّ المعادلة على الارض هي الفيصل وهي التي يتحكم بآلياتها اطفال وفتيان وشباب رضعوا عشق الارض وحُبَّ الوطن والاستعداد للتضحية في سبيل تحرير فلسطين العزيزة من نير العدو الصهيوني ، وهو امر سيتحقق حتماً بإذن الله.
بقلم:حميد حلمي البغدادي