بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على اشرف الخلق أجمعين محمد الهادي الأمين وعلى اله الأبرار الميامين.
السلام عليكم - أيها الاعزاء- ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين أن تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الافاضل: قال أحد كبار العلماء من تلامذة الشيخ مرتضى الأنصاري (رضوان الله تعالى): رأيت في المنام شخصاً يشبه الشيطان وعلى كتفه مجموعة من الحبال، فسألته: من أنت؟
قال: أنا الشيطان. فقلت له، الى أين انت ذاهب ايها الشيطان وما هذه الحبال؟
قال: أبحث عمن اضعها في عنقه فأجره الي قلت: ما هذا الحبل المقطع؟
قال: لقد حاولت بالأمس ان اجر به الشيخ الأنصاري وبالفعل استطعت ان اخرجه من غرفته الى نصف الطريق ولكنه قطعه عاد الى البيت.
يقول العالم: عندما استيقظت تشرفت بزيارة الشيخ الأنصاري (رضوان الله تعالى) ونقلت له رؤياي هذه، فقال الشيخ: نعم كاد الملعون بالأمس يخدعني لأني كنت احتاج الى مبلغ بسيط من المال - ما يعادل درهماً- اذ لم يكن لدي شي للعيال فقلت في نفسي اقترض من مال المسلمين الموجود تحت يدي واسد به حاجتي الآن ثم اسدد القرض فيما بعد فأخذت منه وانا متردد في ذلك، فخرجت من الغرفة الى الطريق وانا افكر في المسألة وفجأة قررت ارجاع المال فعدت به الى مكانه سريعاً.
اجل - مستمعي الكريم- هكذا هم اولياء الله المخلصون وقد قال احد الخطباء: ان الحبل المقطوع كان من امتن الحبال التي يحملها الشيطان، وليس هذا الا للتمثيل والتعبير عن شدة ورع الشيخ الأنصاري (اعلى الله مقامه).
ذكر المرحوم السيد نعمة الله الجزائري في كتاب - الأنوار النعمانية- وهو مذكور في - منتهى المقال- ايضاً: انه في سنين الغلاء والقحط قسم المقدس الأردبيلي (رضوان الله تعالى) ما له على الفقراء وأبقى لنفسه مثل سهم احد الفقراء، وفي بعض السنين فعل ذلك فغضبت زوجته وقالت: تنفق مالنا على الفقراء وتبقي اولادنا جائعين، فلم يجبها وذهب الى مسجد الكوفة للاعتكاف، وفي اليوم الثاني جاء رجل الى بيته يحمل على ظهره كميةً من القمح الصافي والطحين الجيد وقال لزوجة المقدس الأردبيلي: ان صاحب البيت مشغول في مسجد الكوفة بالاعتكاف وهذه الغلة والاحمال أرسلها اليك، وعندما رجع هذا العالم الورع من اعتكافه أخبرته زوجته قائلة: ان الطعام الذي ارسلته مع الأعرابي كان طعاماً ممتازاً، فحمد الله وأثنى عليه، ولم يقل لها بانه لم يرسل لها شيئاً.
وصف آية الله السيد محمد الحسيني الطهراني تواضع استاذه العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي (رضوان الله تعالى) قائلاً: كان على درجة من التواضع والأدب والأخلاق بحيث كنت اقول له: ان شدة تواضعك تدفعنا الى قلة الأدب في حضورك، بالله عليك فكر بحالنا هذا ولا تشدد على نفسك.
ويضيف التلميذ واصفاً استاذه الطباطبائي (رحمه الله) قائلاً: منذ ما يقارب الأربعين عاماً لم يشاهد ان اتكأ على مسند في المجلس، كان دائماً يحتفظ بفاصلة بين ظهره والجدار تأدباً واحتراماً للجالسين، وما أمكنني مرة ان اجلس مكاناً ادنى من مكانه رغم كثرة ترددي على مجلسه للاستفادة من علمه.
ويستمر السيد الحسيني قائلاً: عندما كنت ادخل عليه فامتنع من الجلوس في مكان ارفع من مكانه او في مستواه كان يمتنع هو من الجلوس ايضاً فنبقى واقفين حتى يقول مازحاً: اذن ينبغي ان نجلس عند عتبة الباب او خارج الحجرة.
وذات مرة زرته في مشهد المقدسة فوجدته جالساً على مسند مرتفع عن الأرض عملاً بنصيحة الطبيب اذ كان يعاني من أزمة في القلب وما ان دخلت عليه حتى قام من مكانه وطلب مني الجلوس على المسند. فامتنعت كالعادة فصرنا واقفين هكذا حيث يصر احدنا على الآخر بالجلوس على المسند، ولكنه غلبني عندما قال: اجلس كي اقول لك كلمة، وتأدباً ورغبةً في معرفة ما يريد قوله لي وطاعة لاصراره جلست على المسند، وجلس هو على الأرض... ثم قال: ان الجملة التي كنت اريد قولها لك هي: ان الجلوس على المسند اكثر راحة!
مستمعينا الاعزاء: ذكر شخص معاصر للمرحوم الشيخ الحاج آخوند أنه احب الشيخ واعجب بأخلاقه الرفيعة منذ مرحلة الطفولة والفتوة وذلك لمروره معه بالحادثة التالية يقول: ذات ليلة أقيم في بيت الشيخ مجلس ذكر (أو مجلس عزاء) وكانت العادة وما تزال ان يعلق مصباح على باب البيت للاشارة الى وجود مجلس، ويضيف الرجل قائلاً: وكنت أنا وعدد من الفتية- المشاكسين- ندخل باستمرار في ممر البيت ونرمي احجاراً ونصرخ ونطرق الباب بقوة (وقد أزعجنا أهل الدار) ولعلنا كسرنا مصباحاً، وفي احدى المرات خرج الشيخ الحاج آخوند من الممر فجأة وراح يسألنا عن أحوالنا برأفة وقال لأهل الدار: ان أولادي هؤلاء لعبوا كثيراً وتعبوا ولعلهم جائعون فقدموا لهم الطعام فهم ضيوفنا.
وختاماً - ايها الاحبة الكرام- نتقدم اليكم بالشكر الجزيل على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.