وصلى الله على صاحب الخلق العظيم محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين أن تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الافاضل: عندما كان آية الله العظمى السيد محمد تقي الخونساري (رضوان الله تعالى) يدرس العلوم الدينية في شبابه كان قد خلع عمامته ولبس البزة العسكرية حاملاً السلاح في وجه الاحتلال البريطاني في جنوب ايران، وقد نقل بعض خواطره الى آية الله العظمى الشيخ الأراكي (رضوان الله تعالى) على النحو التالي:
قال: كانت قذائف المدفع تسقط بقربي الا أن شظاياها لم تكن تصبني، هكذا أراد الله تعالى، ولقد تخندقت في جبهات المقاومة مدة طويلة ثم وقعت في اسر البريطانيين لمدة اربع سنوات، حيث نقلوني مع أسرى آخرين من صحراء الى صحراء ومن بحر الى بحر ومن سجن الى سجن، وذات مرة كنت وحدي في السجن فأدخلوا علي حيواناً مفترساً لكنه ركن بجانبي ثم قام وخرج (بلطف الله تعالى وعنايته).
وفي مرة أخرى - والحديث مازال للمرحوم آية الله السيد محمد تقي الخونساري- أخذوني في سفينة وكان أسير هندي يجلس امامي وكان يبدو عليه الارهاق النفسي حداً لا يطاق وكان لونه من شدة القلق على مصيره المجهول متغيراً، فقمت ودنوت منه لأخفف من معاناته، ورغم اني لم أكن اعرف اللغة الهندية فقد قررت الكلام معه بلغتي مستعيناً بلغة الاشارات أيضاً، ولكن ما أن تقدمت اليه خطوتين حتى فوجئت بقراره السريع اذ رمى بنفسه في البحر منتحراً، نعم لقد انتحر وانتهى لأن قلبه كان صغيراً لا يتحمل العناء ولم يؤمن بالله تعالى المغير للأحوال، فلو كان ذلك الرجل يحمل ايماناً كايمان السيد الخونساري في قلبه المطمئن بوعد الله عز شأنه لكان بعد الأسر شيئاً يذكر، كما صار السيد الخونساري مرجعاً بعد اسره وصبره، أليس النصر وليد الصبر؟ ولقد قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): «اصل الحزم العزم، وثمرته الظفر».
عن زهد وتواضع المرحوم الدكتور علي شريعتي قال أحد المقربين منه: انه كان يستخدم أحذية الكتان اليدوية الرخيصة. وحين كنا نذهب الى منطقة مزينان كان يذهب لزيارة أقربائه وخاصة الضعفاء منهم، ومن المثير للعجب انه لم يكن يفكر بقضية مادية ولو مرة واحدة ولم يكن يعلم كم بقي من مرتبه الشهري وفي كثير من الأحيان حين كان يذهب الى محل لشراء حاجة يلتفت الى انه ليس لديه نقود.
ويضيف هذا المقرب من المرحوم شريعتي قائلاً:
ولم يكن يهتم بسجاد البيت ورسومه وكان اهله يلفتون نظره الى ذلك ويضعون نقوداً في جيبه، ولكن كانت لديه ذاكرة قوية في مجال البحوث الدينية وغير الدينية، ولشدة ذكائه كان اذا سمع مسألةً - مثلاً- من قروي قبل عشرين سنة فانه يقول نفس تلك العبارة، وعلى أية حال كانت لديه رغبة مؤكدة في القضايا المعنوية.
وفي مجال مساعدة المحتاجين كان يعطي (خاتماً) لموضع الحاجة ويمنح مالديه، وذات يوم ذهبنا معاً الى احدى ضواحي مدينة سبزوار ودخلنا ضيوفاً في منزل- وحين أردنا المغادرة اخذ علبة ووضع فيها ورقة نقدية بقيمة عشرة آلاف ريال (وهو مبلغ معتدبه في ذلك الوقت) وأغلق العلبة ووضعها في مكانها وودع اهل المنزل حتى يكون قد راعى ولا تمنن تستكثر.
ويستمر ذلك الصديق للمرحوم الدكتور علي شريعتي قائلاً: ولم يتركه عناء الفقر العام في اي وقت ، ولم يكن لكثير من صفات المرحوم ظهور فقد كان مؤدباً، شجاعاً، سخياً كاتماً للأسرار، متوكلاً على الله تعالى، قوياً في الشدائد ثابتاً ذا نفس طيبة قنوعة، باحثاً أميناً راضياً بقضاء الله عزوجل متعبداً تقياً (تغمده الله تعالى برحمته وأسكنه جنته)
وحول الأخوة في الله تعالى اليكم مايلي:
روي ان ابا عزيز كان من مشركي قريش جاء معهم يقاتل النبي (صلى الله تعالى) وأصحابه في بدر وفيهم اخوه مصعب بن عمير وكان ابو عزيز يومها صاحب لواء المشركين وفي الوقت نفسه كان اخوه مصعب صاحب لواء المسلمين، ووقع ابو عزيز في الأسر ورآه مصعب فقال لمن أسره: شد يدك به فان امه ذات مال ومتاع كثير.
فقال ابو عزيز: يا اخي اهذه وساطتك بأخيك؟
فقال مصعب: انه اخي في الله ولا أخوة في كفر.
وروي ان امه دفعت فدائه اربعة ألاف درهم وهو اعلى فداء في أسرى بدر.
وفي الختام شكراً لكم - ايها الأكارم- على حسن المتابعه. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.