والصلاة والسلام على محمد المصطفى وعلى آله أولياء الله.
السلام عليكم ... ـ مستمعينا الكرام ـ ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في برنامجكم هذا نرجو ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الاعزاء: عندما جيء الى المرجع الكبير آية الله العظمى الشيخ مرتضى الانصاري(رض) المتوفى سنة 1281هـ بمبلغ عشرين الف تومان من الحقوق الشرعية "وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت" وكان عبارة عن اخماس وزكاة، وفي نفس ذلك اليوم جاءه شخص كان اشترى منه في وقت سابق قمحاً بالدين فطلب منه ماله ان كان بالامكان فقال له الشيخ: امهلني اياماً اخرى فوافق الرجل وانصرف وكان احد العلماء جالساً فقال للشيخ: كل هذه الاموال بين يديك فلم استمهلت الرجل ولم تعطه ما يطلبه منك؟ فأجابه الشيخ الانصاري(رض): ان هذه اموال الفقراء والمحتاجين ولا علاقة لي بها، ولو كان عندي من مالي الشخصي لسددت الدين ولكن امهلته اياماً قليلة لابيع سجاد البيت لتسديد ذلك.
مستمعينا الافاضل - عندما فقد عبد الله بن عباس(رض) عينيه وعرف انه سيقضي ما بقي من عمره مكفوف البصر، محبوساً وراء الظلمات عن رؤية الحياة والاحياء، لم ينطو على نفسه ليندب حظه العاثر "كما يقال" بل قبل القسمة المفروضة ثم اخذ يضيف اليها ما يهون المصاب ويبعث على الرضا فقال:
ان يأخذ الله من عيني نورهما
ففي لساني وسمعي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل
وفي فمي صارم كالسيف مأثور
وقال شاعر اصيب بالعمى في نفس المعنى يرد على خصومه الذين نددوا بعماه:
وعيرني الاعداء والعيب فيهمو
فليس بعار ان يقال ضرير
اذا ابصر المرء المروءة والتقى
فان عمى العينين ليس يضير
رأيت العمى اجراً وذخراً وعصمةًَ
واني الى تلك الثلاث فقير
لا شك ـ مستمعي الكريم ـ ان تلقي المتاعب والمصائب بهذه الروح المتفائلة وهذه الطاقة على استئناف العيش والتغلب على صعابه افضل واجدى من مشاعر الانكسار والانسحاب التي تجتاح بعض الناس وتقضي عليهم.
مستمعينا الاكارم ـ جاء رجل الى العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي وهو والد الشيخ المجلسي صاحب الموسوعة المعروفة ببحار الانوار "رضوان الله تعالى عليهما" فقال: يا شيخ هل يمكنك ان تعالج مشكلتي مع جار لي كثير الفسق والفجور شارب للخمر يجتمع مع اصحابه كل ليلة في البيت ويمارسون الفساد ونحن نقاسي الاذى منهم حتى الفجر؟ فقال الشيخ (رحمه الله) ادع رئيسهم الى العشاء ولا تخبره باني مدعو ايضاً، فائتمر الرجل بأمر الشيخ، ففرح رئيس الفساق بانضمام الجار اليهم وفرح اصحابه ايضاً بهذا الكسب الجديد، ولما دخل الرئيس ومجموعته ومرافقوه بيت الجار فوجيء بوجود الشيخ هناك وانزعج ولكنه كتم انزعاجه، وجلس بقرب الشيخ واراد السخرية منه ليضحك عليه اصحابه فقال: يا شيخ سجاياكم افضل ام سجايانا؟ أجابه الشيخ: فليبين كل منا نمط سجاياه، عند ذلك نعرف سجايانا افضل ام سجاياكم، فقال رئيس المجموعة الفاسدة انه لكلام معقول، فاما سجايانا ايها الشيخ اننا اذا اكلنا من طعام احد لا نكسر مملحته ولا نخونه "كناية عن انهم يحسنون التعامل مع الذي يطعمهم ويحسن اليهم" كهذا الجار صاحب الدعوة، وكان يريد بهذا الكلام ان يكسب صاحب الدعوة الى نفسه. فقال الشيخ انني لا اراك ملتزماً بكلامك هذا؟ قال الرئيس انا واصحابي كلنا ملتزمون بهذا الكلام. فقال الشيخ الستم تأكلون من نعم الله وتعصونه؟ وما ان طرقت هذه الكلمة سمعَ الرجل حتى اطرق برأسه الى الارض غارقاً في التفكير والتأمل، ثم قام وخرج وتبعه اصحابه، فاسودت الدنيا في عيني صاحب الدار خوفاً من الرجل العاصي واصحابه فقال للشيخ: لقد اغضبته فسوف ينتقم مني، ما هذه الورطة التي ورطتني بها يا شيخ؟ لقد كنت ابحث عن حل لمشكلتي فتعقدت الان باسلوبك هذا، فقال الشيخ: لقد وصل الامر الى هذا الحد، ولننظر ماذا يحدث غداً ولا تخف.
وفي الصباح طرق باب دار الشيخ الجليل ولما فتح الباب فاذا برئيس المجموعة يبادر الشيخ بالقول "بعد السلام طبعاً": لقد تأثرت بكلامك البارحة وها انا جئت مغتسلاً من ذنوبي كلها تائباً الى الله تعالى واريدك ان تعلمني احكام الدين.
روى احد المقربين من الامام الخميني(رض) قائلاً: في شتاء عام 1363هـ.ش الموافق لعام 1984م رزقني الله تعالى بنتاً فجئت بها الى الامام وحينما شاهد سماحته المولودة بسط يديه فوراً واخذ باطراف قماط الطفلة وسئلني؟ ولد ام بنت؟ فقلت: انها بنت: وعندما سمع جوابي ضم المولودة الجديدة الى صدره وجعل وجهه على وجهها وقبل جبينها وقال ثلاثاً: البنت طيبة جداً، ثم سأل عن اسمها فقلت: نود من سماحتكم ان تختار لها أسماً... فقال سماحته بدون تردد ثلاثاً: فاطمة طيبة جداً.
وفي ختام البرنامج ـ ايها الاعزاء ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء وندعو الباري تبارك وتعالى ان يجعلنا واياكم من عباده الصالحين ويرزقنا حسن العاقبة انه سميع مجيب.
وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله عز وجل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.