وذلك لاحتضانه مناسبة عظيمة وجليلة وذكرى عيد كبير في الاسلام وهو تنصيب امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) والياً وخليفة ومبايعته بالولاية التامة والطاعة له بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان ذلك يوم الثامن عشر من ذي الحجة في السنة العاشرة من الهجرة بأمر من الله تعالى مشروع وركن قائم في الاسلام لا يزول، وقد من الله تعالى به على الأمة بعد رحيل نبيها (صلى الله عليه وآله) وقد جاءت تلك المناسبة بالادلة القطعية والمتواترة في القران والسنة النبوية عن طريق الفريقين.
(جاء في تفسير فخر الرازي ج ٦ ص ٤۹ في آية: «يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك» قال: نزلت الآية في علي بن ابي طالب ولما نزلت هذه الاية اخذ بيده وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وآل من والاه وعاد من عاداه.
فلقيه عمر فقال: هنيئاً لك يا ابن ابي طالب اصبحت مولاي ومولى كل مومن ومؤمنة. وهو قول ابن عباس والبراء بن عازب ومحمد بن علي: يعني الامام محمد بن علي الباقر (عليه السلام).
(جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري في ج ۳ ص ۱۰۹ وعن زيد بن ارقم قال: لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع ونزل غدير خم امر بدوحات فقمن فقال: كأني قد دعيت فأجبت اني قد تركت فيكم الثقلين احدهما اكبر من الاخر كتاب الله تعالى وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فانهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض، ثم قال: ان الله عزوجل مولاي وانا مولى كل مؤمن ثم اخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: من كنت مولاه فهذا واليه اللهم وآل من والاه وعاد من عاداه. قال: وهذا حديث صحيح.)
وروى حديث الثقلين ايضاً احمد بن حنبل في مسنده ج ٤ ص ۳٦٦ وابن الأثير في كتاب اسد الغابة ج ۲ ص ۱۲ والكثير من المحدثين وعلماء التفسير.
وجاء في كتاب وفاء الوفاء ج ۲ ص ۱۰۱۸ للسمهودي قال: ومنها مسجد بعد الجحفة واظنه مسجد غدير خم.
قال الأسدي: بعد ما تقدم عنه وعلى ثلاثة اميال من الجحفة يسرة عن الطريق حذاء العين مسجد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وبينهما الفيضة وهي غدير خم وهي على اربعة اميال من الجحفة.
وقال عياض: غدير خم تصب فيه عين وبين الغدير والعين مسجد للنبي (صلى الله عليه وآله).
وقال السمهودي: وفي مسند احمد عن البراء بن عازب قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله) فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله (صلى الله عليه وآله) تحت شجره فصلى الظهر واخذ بيد علي وقال: الستم تعلمون اني اولى بالمؤمنين من انفسهم؟
قالوا: بلى.
قال: يد علي وقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وآل من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال: هنيئاً يا ابن ابي طالب اصبحت وامسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة).
(قال العلامة المجلسي (رحمه الله تعالى) في كتاب البحار ج ۲۱ ص ۳۸٦: وكان السبب في نزوله في هذا المكان نزول القرآن عليه بنصب امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) خليفة في الأمة من بعده وعلم الله عزوجل انه ان تجاوز غدير خم وانفصل عنه كثير من الناس الى بلدانهم فاراد الله ان يجمعهم لسماع النص على أمير المؤمنين).
وجاء في معجم البلدان في ج ۲ ص ۳۸۹ قال ياقوت الحموي:
قال الزمخشري: خم اسم رجل صباغ اضيف اليه الغدير الذي هو بين مكة والمدينة بالجحفة وقيل هو على ثلاثة اميال من الجحفة وذكر صاحب المشارق ان خماً اسم غيضة هناك وبها غدير نسب اليها قال: وخم موضع تصب فيه عين بين الغدير والعين وبينهما مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: عرام ودون الجحفة على ميل غدير خم ووادية يصب في البحر وغدير خم هذا من نحو مطلع الشمس لا يفارقه ماء المطر أبداً وبه اناس من خزاعة وكنانة غير كثير.
وقال الحازمي: خم وادي بين مكة والمدينة عند الجحفة به غدير عنده خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهذا الوادي موصوف بكثرة الوخامة وخم ايضاً ورم بئران حفرهما عبد شمس بن عبد مناف.
وجاء في قاموس الحرمين الشريفين قال:
وقال البلادي: يعرف غدير خم اليوم بأسم (الغربة) وهو غدير عليه نخل قليل لأناس من البلادية من حرب وهو في ديارهم يقع شرق الجحفة على (۸) أكيال وواديهما واحد وهو وادي الخرار وكانت عين الجحفة تنبع من قرب الغدير (۱).
جاء في البحار قال المجلسي: قال شيخنا الشهيد قدس الله روحه في الذكري: من المساجد الشريفة مسجد الغدير وهو بقرب الجحفة جدرانه باقية الى اليوم وهو مشهور بين وقد كان طريق الحج عليه غالباً (۲).
جاء في كتاب الحدائق الناضرة، قال الشيخ يوسف البحراني: يستحب لقاصدي المدينة المنورة المرور بمسجد الغدير ودخوله والصلاة فيه والاكثار من الدعاء وهو الموضع الذي نص فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على امامة امير المؤمنين وخلافته بعده ووقع التكليف بها وان كانت النصوص تكاثرت بها عنه (۳).
*******
(۱) قاموس الحرمين النعمتي ص ۱۰۸.
(۲) البحار المجلسي ج ۹۷ ص ۲۲٥.
(۳) الحدائق الناضرة البحراني ج ۱۷ ص ٤۰٦.
*******
المصدر: فجر الاسلام في تاريخ والمشاعر الحرام، المؤلف: الشيخ عبد العزيز صالح المدني