البث المباشر

مالك الأشتر

الثلاثاء 22 يونيو 2021 - 21:52 بتوقيت طهران
مالك الأشتر

مالك بن الحارث بن عبد يغوث النخعي، التابعي الكبير أبو إبراهيم الكوفي، المعروف ‏بالأشتر، كما يعرف بكبش العراق (۱). ‏

ولد قبل الإسلام، وعاصر النبي صلى الله عليه وآله ولكنه لم يره ولم يسمع حديثه. ‏
وكان فارسا شجاعا رئيسا، من أكابر الشيعة وعظمائها، شديد التحقق بولاء أمير المؤمنين عليه ‏السلام ونصره. ‏
شهد اليرموك ونزل الكوفة، وسيره عثمان ـ مع جماعة من قراء أهل الكوفة- إلى دمشق ‏لإنكارهم على سعيد بن العاص والي الكوفة. ‏
وشهد الأشتر حصر عثمان. ‏
وكان من خواص الإمام علي عليه السلام والخلص المنتجبين من أصحابه، وشهد معه وقعتي ‏الجمل وصفين، وكان قائداً حربياً مظفراً، وتميز يوم صفين، وأشرف يومئذ على معسكر ‏معاوية ليدخله، وكاد أن يهزم معاوية، فحمل عليه جماعة من أصحاب الإمام عليه السلام الذين ‏صاروا خوارج فيما بعد لما رأوا مصاحف أهل الشام قد رفعت ـ خديعة ومكيدة ـ يدعون إلى ‏كتاب الله، وما أمكنه مخالفة أمير المؤمنين ـ لما اضطر للتحكيم ـ فكف. ‏
وكان للأشتر في العلم الحظ الأوفر والنصيب الأوفى فقها وحديثا، وكان‏ شاعراً حماسياً ‏مجيداً، وخطيباً مصقعاً، ولكن غطى على صفاته صفة البطولة والشجاعة التي أدهشت العقول ‏ وحيرت الأفكار(۲). ‏
وكان امير المؤمنين عليه السلام حين رجع من صفين رد الأشتر إلى عمله بالجزيرة، فلما ‏اضطربت مصر على محمد بن أبي ‏بكر، استدعى عليه السلام الأشتر وكتب إليه كتابا بولاية ‏مصر(۳). ‏
وكان الأشتر سخيا حليما، وكان صاحب دين، وكان على جانب كبير من التقشف والزهد. ‏
قال ابن أبي الحديد: وقد روى المحدثون حديثا يدل على فضيلة عظيمة للأشتر رحمه الله و‏وهى شهادة قاطعة من النبي صلى الله عليه وآله بأنه مؤمن، روى هذا الحديث أبو عمر بن عبد ‏البر في كتاب«الاستيعاب»(٤). ‏
وللإمام علي عليه السلام كلمات في الثناء عليه في حياته وبعد وفاته. ‏
فمن كتاب له عليه السلام إلى أميرين من أمراء جيشه: وقد أمرت عليكما وعلى من في ‏حيزكما مالك بن الحارث الأشتر، فاسمعا له وأطيعا واجعلاه درعا ومجنا، فإنه ممن لايخاف ‏وهنه ولا سقطته، ولا بطؤه عما الإسراع إليه أحزم، ولا إسراعه إلى ما البطء عنه أمثل. ‏
ومن كتاب له عليه السلام كتبه إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر: أما بعد، فقد بعثت إليكم ‏عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء ساعات الروع، أشد على الفجار من ‏حريق النار، وهو: مالك بن الحارث أخو مذحج فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحق ‏فانه سيف من سيوف الله، لا كليل الظبة، ولا نابي الضريبة... إلى أن قال عليه السلام: وقد ‏آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم، وشدة شكيمته على عدوكم. ‏
وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في «الثقات». ‏
توفي الأشتر سنة تسع وثلاثين للهجرة النبوية، وقيل: سنة ثمان وثلاثين متوجها إلى مصر ‏واليا عليها للإمام علي عليه السلام. ‏
وفي طريقه الى مصر دس معاوية إليه سما على يد مولى له، ويقال مولى عثمان، وقال ‏آخرون: إن معاوية كتب إلى عامل الخراج بالقلزم أن يسمه. ‏
ولما بلغ معاوية موته قام خطيبا، فقال: أما بعد، فانه كانت لعلي بن أبي طالب يدان يمينان قطعت ‏إحداهما يوم صفين ـ وهو عمار بن ياسر ـ وقطعت الأخرى اليوم ـ وهو مالك الأشترـ . ‏
أما أمير المؤمنين عليه السلام فقد تأسف لموته، وقال: لقد كان لي كما كنت لرسول الله صلى ‏الله عليه وآله. ‏
وقال عليه السلام: رحم الله مالكا فقد كان وفى بعهده، وقضى نحبه، ولقي ربه، مع أنا قد وطنا ‏أنفسنا أن نصبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله صلى الله عليه وآله فانها من أعظم ‏المصائب. ‏
وقال عليه السلام: لله در مالك، وما مالك ؟ لو كان من جبل لكان فندا، ولو كان من حجر ‏لكان صلدا(٥).

*******


(۱) الطبقات الكبرى لابن سعد ٦/۲۱۳، الطبقات لخليفة ۲٤۹ برقم ۱۰٥۷، تاريخ خليفة ۱۲۹، ‏التاريخ الكبير للبخاري ۷/۳۱۱ برقم ۱۳۲٥، رجال البرقي ٦، الجرح والتعديل ۸/۲۰۷ برقم ‏‏۹۱۰، الثقات لابن حبان ٥/۳۸۹، الارشاد للمفيد ۳٦٥، رجال الطوسي ٥۸ برقم ٥، الاستيعاب ‏‏۱/۳۰۱، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ۱٥/۹۸، رجال ابن داوود ۲۸۳ برقم ۱۲۳۲، رجال ‏العلامة الحلي ۱٦۹ برقم ۱، تهذيب الكمال ۲۷/۱۲٦، سير أعلام النبلاء ٤/۳٤ برقم ٦، تاريخ ‏الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ٥۹۳، تهذيب التهذيب ۱۰/۱۱، تقريب التهذيب ۲/۲۲٤، ‏الإصابة ۳/٤٥۹، مجمع الرجال ٥/۸۹، جامع الرواة ۲/۳۷، بهجة الآمال ٦/۲۰۷، تنقيح المقال ‏‏۲/٤۸ برقم ۱۰۰۲٥، أعيان الشيعة ۹/۳۸، الغدير ۹/۳۱ برقم ٤۳، معجم رجال الحديث ‏‏۱٤/۱٦۱ برقم ۹۷۹٦، قاموس الرجال ۷/٤٦۳، قائد القوات العلوية للشيخ عبد الواحد ‏المظفري. ‏
(۲) انظر«قائد القوات العلوية مالك الأشتر النخعي» ص ۳. ‏
(۳) قال عبد الواحد المظفري: إن أمير المؤمنين عليه السلام لم يبعث مع الأشتر قاضيا ولا ‏مفتيا ولا رجلا اداريا ولا شخصا سياسيا فعلمنا أنه ولاه كل هذه المناصب ورآه أهلا لها.. و‏إلا فقد كان الخلفاء قبله تولي الفتيا من غير من توليه الحرب وتولي القضاء غير من تولي ‏الجباية، فهذا عمر بن الخطاب ولى عمار بن ياسر على الحرب وعبد الله بن مسعود على ‏الصلاة، وسلمان بن ربيعة الباهلي على القضاء وقرظة بن كعب الأنصاري على الجباية، و‏عثمان بن حنيف على المساحة. قائد القوات ‏العلوية: ص ٥ .‏
(٤) رواه في ج ۱ من «الاستيعاب» برقم ۳۳۹ في ترجمة جندب بن جنادة. وجاء فيه ان أباذر ‏بشر الرهط الذين شهدوا دفنه بالربذة، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ‏ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين. وقد دفنه مالك الأشتر وأصحابه ‏الكوفيون. ورواه أيضا الحاكم في «مستدركه»۳/۳۳۷، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» ۱/ ۱۷‏.
(٥) الفند بالكسر: القطعة العظيمة من الجبل. ‏ موسوعة طبقات الفقهاء ج ۱ ص ٥۰٥‏. مؤلف: الشيخ جعفر السبحانى.

*******


المصدر: موقع http://www.imamalinet. Net.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة