البث المباشر

مسيرة إيران الاسلامية في صناعة الفضاء

الأربعاء 12 نوفمبر 2025 - 10:27 بتوقيت طهران
مسيرة إيران الاسلامية في صناعة الفضاء

إدراج يوم 21 آبان (نوفمبر) في التقويم الرسمي للبلاد تحت مسمى "اليوم الوطني للفضاء" يُعدّ بمثابة تذكير بالمسار الطويل الذي قطعته إيران في مجال الفضاء، انطلاقاً من المعرفة المحلية وجهود العلماء الإيرانيين.

هذه الرحلة بدأت على يد رواد مثل الشهيد حسن طهراني‌ مقدم، واليوم تعكس إنجازات إيران في تصميم وإطلاق الأقمار الصناعية المحلية قوتها العلمية واستقلالها التكنولوجي على الصعيدين الإقليمي والدولي.

جاء قرار إدراج "اليوم الوطني للفضاء" في التقويم الرسمي خلال الجلسة رقم 554 لمجلس شؤون الثقافة العليا، حيث تمت مناقشة المقترحات الخاصة بالمناسبات الجديدة.

وقد تقرر أن يتزامن هذا اليوم مع الذكرى السنوية لاستشهاد اللواء حسن طهراني‌ مقدم في 2010، تكريماً لذكراه ولشهداء صناعة الفضاء والصواريخ الإيرانية، مثل الشهيد حسن طهراني‌مقدم واللواء أمير علي حاجي زاده.

حسن طهراني‌ مقدم، الذي وُلد في 6 آبان 1338 هـ.ش (28 أكتوبر 1959م) في طهران، استشهد في 21 آبان 1390 هـ.ش (12 نوفمبر 2010م) كان أحد القادة البارزين في حرس الثورة الاسلامية خلال الحرب الإيرانية-العراقية، وكان يشغل آخر منصب له كمدير لمنظمة جهاد الاكتفاء الذاتي التابعة لحرس الثورة.

يُعتبر طهراني‌ مقدم من مؤسسي البرنامج الصاروخي الإيراني، حيث ساهم بشكل كبير في تطوير تقنيات الصواريخ، حتى استشهد في حادث انفجار مستودع الذخيرة في معسكر "مدرس" عام 2010.

تُعد صناعة الفضاء واحدة من أكثر المجالات التكنولوجية تعقيداً وأهمية استراتيجية على مستوى العالم، حيث تشكل نقطة تقاطع بين العلم والهندسة والابتكار. هذه الصناعة تشمل مجموعة واسعة من الأبحاث، بدءاً من الدراسات الأساسية في الفيزياء والمواد وصولاً إلى تقنيات الملاحة المتقدمة والذكاء الاصطناعي.

ورغم أن صناعة الفضاء غالبًا ما ترتبط بإطلاق الأقمار الصناعية أو المهمات الفضائية، فإن نتائجها تؤثر بشكل مباشر في حياتنا اليومية، من أنظمة تحديد المواقع (GPS) والتنبؤات الجوية الدقيقة، إلى تقنيات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وتحسين استهلاك الوقود، وتصميم السيارات، والتكنولوجيا الطبية والزراعية الدقيقة.

اليوم، الدول التي تستثمر في تكنولوجيا الفضاء لا تحقق الاكتفاء الذاتي في مجالات الدفاع والنقل الجوي فقط، بل تساهم أيضًا في تعزيز الاقتصاد المعرفي من خلال نقل التقنيات المتطورة إلى صناعات أخرى.

أدى اختراع الطائرة إلى تحرر البشرية من القيود الجغرافية، حيث أصبح السفر بين البلدان لا يستغرق سوى ساعات بدلًا من أشهر. هذا التحول أحدث تغييراً جذرياً في الاقتصاد العالمي وساهم في نشر العلم والثقافة، بالإضافة إلى تسريع عمليات الإغاثة في حالات الأزمات.

من خلال إطلاق أولى الأقمار الصناعية في منتصف القرن العشرين، تمكن البشر من إنشاء شبكة معقدة من البيانات والاتصالات والملاحة التي أصبحت أساسية للعديد من التقنيات الحيوية التي نستخدمها اليوم، مثل الـGPS، التنبؤات الجوية، الاتصالات بين القارات، ورصد البيئة.

يعد هبوط الإنسان على سطح القمر في 1969 من أعظم إنجازات العلم البشري، حيث كان رمزاً للتفوق العلمي وفتح الباب أمام أبحاث الفضاء، وإنشاء المحطات الفضائية الدولية، والمهمات الروبوتية نحو كواكب أخرى مثل المريخ.

إن أهم إنجازات صناعة الفضاء تتمثل في "توسيع حدود وجود الإنسان"، من سطح الأرض إلى مدارها، وحتى ما وراء ذلك، مما ألهم العديد من التطورات التكنولوجية في الصناعات الأخرى.

تتمثل أبرز إنجازات إيران في صناعة الفضاء في قدرتها على تصميم وتصنيع وإطلاق الأقمار الصناعية المحلية باستخدام صواريخ محلية الصنع. هذا النجاح وضع إيران في مصاف الدول التي تمتلك "سلسلة تكنولوجيا فضائية متكاملة"، مما يمنحها قدرة على العمل بشكل مستقل في هذا المجال الحيوي.

طورت إيران عائلة من الصواريخ مثل "سفير"، "سيمرغ"، "ذوالجناح"، و"قاصد"، مما أظهر قدرتها على تصميم وتصنيع محركات الوقود السائل والصلب، بالإضافة إلى أنظمة التوجيه والسيطرة، وتقنيات المرحلة المتعددة للصواريخ.

تمكنت إيران من تصميم وإطلاق العديد من الأقمار الصناعية المحلية في مجالات علمية واستشعار عن بعد واتصالات وتصوير، مثل "أمل"، "رصد"، "ناهيد"، "پيام"، "ظفر"، و"نور". هذه الأقمار الصناعية تسهم بشكل كبير في تطوير خدمات مثل مراقبة الموارد الطبيعية، إدارة الأزمات، وتحقيق الاتصالات المستقلة على الصعيد الوطني.

أنشأت إيران منصات إطلاق، مراكز مراقبة، ومحطات أرضية، إلى جانب تطوير برامج تدريبية متخصصة في الجامعات والمراكز البحثية، مما ساعدها على الانتقال من مرحلة التجميع إلى مرحلة "التصميم والإنتاج المستقل" للأقمار الصناعية.

إقرار "اليوم الوطني للفضاء" في التقويم الرسمي يُعدّ خطوة هامة لتكريم إنجازات شهداء صناعة الفضاء، على رأسهم الشهيد حسن طهراني‌مقدم، ولتسليط الضوء على الأهمية المتزايدة لصناعة الفضاء في مستقبل إيران العلمي والتكنولوجي. اليوم، لم تعد صناعة الفضاء مجرد مجال متخصص في الدفاع أو إطلاق الأقمار الصناعية، بل أصبحت واحدة من الدعائم الرئيسية للتنمية الوطنية والعلمية.

تُظهر التجربة العالمية أن التقدم في تكنولوجيا الفضاء يعد من المحركات الأساسية للابتكار في العديد من الصناعات الأخرى، مثل الاتصالات والإلكترونيات، وهندسة المواد، والطاقة، والذكاء الاصطناعي. وبفضل جهود المتخصصين الإيرانيين، استطاعت إيران أن تحقق الاستقلال التكنولوجي في هذا المجال وتصبح من الدول التي تمتلك دورة فضائية كاملة.

إطلاق هذا اليوم الوطني لا يُعتبر مجرد خطوة رمزية، بل فرصة لتعزيز الاهتمام بالتعليم، البحث، والاستثمار في تقنيات الفضاء المتقدمة التي تلعب دورًا حيويًا في الأمن القومي، التنمية المستدامة، وتعزيز مكانة إيران العلمية على الساحة الدولية في المستقبل.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة