ولد العطار في مدينة نيشابور في إيران قرب مرقد الإمام الرضا عليه السلام وأمضى فيها ثلاثة عشر عاماً من طفولته،ثم أكثر بعد ذلك من الترحال، فزار ري والكوفة ومصر ودمشق ومكة والمدينة والهند وتركستان، ثم عاد فاستقر في كدكن، قريته الأصلية، واشتغل تسعاً وثلاثين سنة من حياته في جمع أشعار الصوفية وأقوالهم.
ورأي بعض المؤرخين أنّ ميلاده كان عام 512 أو 513 هجري وقتل علي يد المغول في مدينة نيشابور الايرانية وقد أشار عطار في آخر أشعاره أنه في سن السبعين ونيف وهذا مايدل علي أنه عاش بين 70 و80 سنة، ما يعني أنه قد يكون من مواليد عام 540 هجري.
وفريد الدين العطار شاعر فارسي متصوف مميز فضلاً عن كونه فيلسوفاً و عالماً في الرياضيات ومنجماً عاش اواخر القرن الخامس الهجري (القرن الثاني عشر الميلادي).

عطار النيشابوري؛ الرائد في مجال العرفان والادب
لقد ساح العطار في (منطق الطير) بقارئه بين وديان المعرفة والحيرة والعزلة والاستغناء والتوحيد ثم وقف بهم في وادي الفقر والفناء حيث النسيان نهاية المطاف أما وقفته الأجمل فكانت في وادي العشق حيث يضيع العقل وتشتعل النيران في قلوب العشاق دون قدح ويقدم العاشق المفلس روحه طواعية لمن يحب وفي ذلك الوادي أسرار مألوفة ومجهولة عن أحوال المحبين.
ومن كتبه المتأخرة كتاب اسمه مظهر العجائب وهو عبارة عن منظومة في مدح الامام علي بن أبي طالب(ع) إضافة الي كتابه الشهير «منطق الطير».
الشيخ العطار شاعر أبي النفس لم يلهج بمدح الامراء والوزراء ولم يتزلف الى السلاطين والمتنفذين كما هي عادة الشعراء آنذاك ولم يجعل من شعره وابداعاته الشعرية والفنية وسيلة للارتزاق والتكسب، بل فضل العيش متواضعا بعيدا عن البلاطات والقصور والارتزاق من كد يده، ومن مهنته المحببة الى نفسه وهي العطارة او الطبابة والصيدلة.
وكان العطار يعد نفسه من سالكي طريق الحقيقة الحقيقيين، ويعتقد بنظرية وحدة الوجود والاتحاد مع الحق، والمحو والفناء فيه. وكان ايمانه العميق بهذه الفكرة قد خلق لديه حالة الاستغناء الكامل عن اي احد غير الله ولم يعد لديه من امل وتطلع سوى مشاهدة جمال الحق والفناء في كماله. ولهذا لم يكن يعبأ بامراء عصره والحكام الذين كان يتزلف اليهم الشعراء المعاصرون له، ولم يشر في شعره الى اي منهم مادحا او ذاما.
كما كانت لغته الصوفية لغة سلهة وفصيحة، وكان يعبر عن كل خاطرة وفكرة صوفية بشكل بسيط وبعيد عن التكلف، وهو اسلوب ربما اقتصر عليه وانفرد به دون غيره. اضف الي ذلك ما كان يعرف به من قوة خيال وباع طويل في خلق المعاني، وتقديم المعاني القديمة باسلوب رائع بحيث كانت تبدو وكأنها معان جديدة.
وكان يتخلص في قصائده بالعطار، على اعتبار انه كان يمتهن «العِطارَة» أي بيع الادوية وصناعتها وتلقب في أشعاره أيضا باسم «فريد».
قام «ج. اچ. هيندلي» القديس المسيحي من معهد منشستر عام 1819 للميلاد بتنقيح جميل ورائع لنص كتاب «بند نامه» لعطار النيسابوري أي «كتاب النصائح»، تم طبعه في لندن.
وكانت إحدي أهم الشخصيات الاوروبية التي ساهمت جداً في التعريف بهذا الشاعر الايراني في الغرب «سيلوستر دوساسي» المستشرق الفرنسي في المنتصف الثاني من القرن ال18 الميلادي وبدايات القرن التاسع عشر، الذي ترجم كتاب « بند نامه» وطبعه.
وتلت هذه الترجمة، ترجمة ثانية لكتاب «بند نامه» الي اللاتينية قام بها «غابريل غايتلين» عام 1835 ميلادي في هلسنكي وطبعها وقام ايضاً «جي. اتش. نسلمان» عام1871 ميلادي بترجمة هذه المنظومة الشعرية الي الالمانية كما ترجمت الي الروسية علي يد أكاديمي من جامعة سن بطرزبورغ عام 1821 للميلاد.

مؤلفاته
بندنامه: أي كتاب النصيحة، وهو كتاب صغير مجمل مليء بالمواعظ الأخلاقية، ومنطق الطير وهو منظومة رمزية، وتذكرة الأولياء، و الهي نامه، ومختارنامه، وخسرونامه، ومصيبت نامه، وجواهر نامه، وشرح القلب، واشترنامه، ومظهر العجائب، والديوان: وهو يعتبرونه أعلى مرتبة من المثنويات من ناحية صياغته الشعرية ومعانية المبتكرة.
وفاته
وتوفي هذا الشاعر الايراني خلال الغزو المغولي للعالم الاسلامي بداية القرن السابع الهجري في نيشابور ويقال أنه قتل علي يدهم، قام الشيخ بهاء الدين في كتابه الشهير «الكشكول» بعرض تفاصيل عن هذا الحادث.
ومازالت مقبرة الشيخ عطار بالقرب من نيشابور قائمة أعاد بناءها وصيانتها الوزير حسين بايقرا في عهد الأمير «عليشير نوايي» بعد أن كانت قد هُدِمَت في العهد التيموري.