وبحسب تقرير صدر اليوم الأربعاء عن المجموعة العلمية لوكالة "إرنا" التابعة للمركز الخاص لتطوير تكنولوجيا النانو، فإن هذا البحث قد يكون وسيلة لتقليل الاعتماد المفرط على المضادات الحيوية ومكافحة مقاومة الأدوية البكتيرية.
في هذه الدراسة، قام الباحثون بإنشاء جزيئات نانوية يمكن استخدامها كطلاء مطهر لمجموعة واسعة من مواد الأجهزة الطبية، بما في ذلك السيليكون والفولاذ المقاوم للصدأ والتيتانيوم.
وأظهرت الدراسات أن طرق الغمس والرش فعالة في تطبيق هذا الطلاء وأظهرت خصائص مضادة للميكروبات هامة ضد مجموعة متنوعة من البكتيريا المسببة للأمراض، بما في ذلك السلالات المقاومة للأدوية المتعددة.
وعلاوة على ذلك، أكدت الاختبارات أن الطلاء غير سام للخلايا البشرية، وبالتالي يمكن استخدامه دون تعريض المرضى للخطر.
في السنوات الأخيرة، زاد الاهتمام بتكنولوجيا النانو وتطبيقات المعادن المضادة للميكروبات، وخاصة الفضة، بشكل كبير. تُستخدم الفضة في العديد من الصناعات، بدءًا من تغليف المواد الغذائية وحتى تضميد الجروح.
لكن باحثين في جامعة نوتنغهام ترينت أظهروا أن النحاس قد يكون بديلاً مناسباً للفضة، لأن الفضة معرضة للأكسدة وتفقد خصائصها المضادة للميكروبات.
لقد أدى الاستخدام المتزايد للمضادات الحيوية إلى زيادة مقاومة الأدوية، مما جعل علاج العدوى أكثر صعوبة. في عام 2019 وحده، توفي ما يقدر بنحو 1.27 مليون شخص في جميع أنحاء العالم بسبب العدوى المقاومة للمضادات الحيوية بشكل مباشر.
ومن المتوقع أنه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات جدية للحد من هذا الاتجاه، فإن هذا الرقم سيصل إلى 10 ملايين شخص سنويا بحلول عام 2050. وسوف يؤدي هذا إلى جعل مقاومة الأدوية السبب الأول للوفاة في جميع أنحاء العالم.
لقد أدى التقدم الطبي إلى زيادة استخدام الغرسات، مما أدى إلى تحسين نوعية حياة المرضى. يتم زرع عدة ملايين من الأجهزة الطبية في جميع أنحاء العالم كل عام. لكن هذه الأجهزة نفسها توفر بيئة مثالية لنمو الميكروبات وتكاثرها وتسبب العدوى، وخاصة لدى المرضى المعرضين للخطر. إن استخدام المعادن المضادة للميكروبات له تاريخ يمتد لآلاف السنين. في مصر القديمة، تم استخدام الفضة والنحاس لعلاج الجروح الناجمة عن الحروق.
وتقول الدكتورة سامانثا ماكلين، أستاذة بجامعة نوتنغهام ترينت وخبيرة في الوقاية من العدوى ومكافحتها: "من المهم للغاية استكشاف بدائل للمضادات الحيوية". لقد تم استخدام المضادات الحيوية منذ ما يقرب من قرن من الزمان وقد أحدثت ثورة في علاج الالتهابات البكتيرية. لكن استخدامها المفرط وغير السليم جلب تحديات هائلة.
وأضافت: "إن تطوير الطلاءات المضادة للميكروبات للمعدات الطبية يمكن أن يكون له تأثير كبير على الحد من انتشار وشدة العدوى". وتظهر نتائجنا أن جسيمات أكسيد النحاس النانوية تتمتع بخصائص مضادة للميكروبات واعدة ضد مجموعة واسعة من مسببات الأمراض، مما يساعد في مكافحة أزمة مقاومة المضادات الحيوية.
يقول الدكتور جاريث كيو، رئيس مجموعة علوم النانو وتوصيل الأدوية في جامعة نوتنغهام ترينت: "تتمتع المواد النانوية بنسبة سطح إلى حجم عالية للغاية، ومعدل تفاعلها مع الخلايا البكتيرية غير عادي". يمكن استخدام طريقة الطلاء الخاصة بنا في مرحلة إنتاج الأجهزة الطبية وتعديل الأجهزة الموجودة وتحسين خصائصها المضادة للميكروبات.
ويؤكد الدكتور جيم هول، الباحث في مجال التصوير بالرنين المغناطيسي، أيضًا أن الجمع بين العلوم المختلفة يلعب دورًا مهمًا في تقدم هذا البحث: من المهم جدًا الجمع بين التخصصات العلمية المختلفة لحل المشكلات المشتركة. إن الجمع بين الفيزياء والكيمياء والأحياء يسمح لنا بإيجاد حلول جديدة لمواجهة هذا التحدي المتزايد.