لم تمض من انتهاء الحرب إلا القليل.. حيث العام 1990 إذ تمكن سعيد وبمساعدة رئيس الجمهورية من الحصول على أحد المباني في ضواحي طهران.. بعد حضور عدد من العلماء ومشاركتهم في المشروع، أصبح المبنى مركزًا للأبحاث الجينية والخلوية.
بعد مرور فترة ، اقترح سعيد مشروعًا فاجأنا جميعا... مشروع الإخصاب... حتى ذلك الوقت لم يتم إجراء عملية إخصاب البويضات في غرب آسيا.. قلنا أنه أمر مستحيل، لكن سعيد كان عازما وقال إن هدف إنشاء هذا المعهد هو تحقيق هذا المشروع... أخبرت سعيد أن بضع دول فقط تمكنت من القيام بذلك حتى الآن، عندها رأيت سعيدا يأخذ القلم ويكتب على السبورة: "إن الله مع الذين آمنوا "...فخيم الصمت على الجميع.
عملنا ليل ونهار... في عام 1991 حيث حلت علينا ذكرى انتصار الثورة الإسلامية.. عشرة الفجر والاحتفاليات الشعبية ومظاهر الفرح في المدينة لكني كنت أعيش فوضى في نفسي... لم أكن هادئًا على الإطلاق، كنت أفكر فقط في العملية القادمة التي تقرر إجرائها في الأسبوع المقبل.
في صباح اليوم الذي سبق العملية، بدأ الثلج يتساقط... نفد وقود الديزل في غرفة المحرك واضطر أحد رجال الدعم للذهاب لإحضار وقود الديزل.. ولكن بسبب تساقط الثلج، لم يتمكن من توفير الوقود.. لم أجد حلا سوى أن أخذ السيارة بنفسي وأذهب للبحث عن الوقود.
كان تساقط الثلوج يزداد كثافة في كل لحظة... وصلت إلى شمال طهران في ساعة متأخرة من الليل لكن الطريق كان لا يزال طويلاً من معهد الأبحاث.
كنت أسير بسرعة كبيرة لكن فجأة أصبحت السيارة تنخفض سرعتها.. إلى أن توقفت السيارة تماما.. مهما حاولت فلم تتحرك السيارة. كانت الثلوج قد أحاطت بإطارات السيارة... لم يكن هناك كشك هاتف بالقرب مني لطلب المساعدة... كان بالإمكان رؤية ضوء خافت لمعهد الأبحاث من مسافة بعيدة... نظرت إلى خزانات الديزل خلف السيارة.. تذكرت أن المبنى الذي نسكنه كان بلا شك أصبح باردًا الآن.
كان تركيزي منصبا على عملية الغد.. إذا لم تصل الوقود إلى غرفة المحرك ولم يتم تدفئة المبنى، فلن يكون من الممكن تنفيذ العملية، وهذا يعني ضياع نتيجة الجهود المضنية التي قام بها أفراد المجموعة.. كنت محبطا تماما فوضعت رأسي على السيارة.. أغمضت عيني وكنت أفكر في العملية التي كانت من المقرر إجرائها على الزوجين الذيْن كانا يأملان بأن يرزقا طفلا بعد سنوات طويلة من زواجهما.
كان الجو بارداً جداً ولكن عيني دفأت من الحزن وسقطت الدمعة على خدي... وإذا بلمسة دافئة أشعر بها على خدي... التفتت ورأيت رجلاً ملثما يقف خلفي... قال الرجل لا تقنط ، سنوصل الوقود مشيا على الأقدام .. أشعل المصباح وإذا بي أرى معه رجالاً ملثمين آخرين جاؤوا للمساعدة... ودون تأخير أخذنا خزانات الوقود وتوجهنا بها إلى المعهد... عند الصباح الباكر وصلنا إلى المعهد... وضعت يدي على كتف الرجل الذي جاء لمساعدتي .. أماط الثام عن وجهه.. لم أصدق ما رأيته... لم يكن ذلك الشخص سوى سعيد.
الدكتور سعيد كاظمي آشتياني رئيس معهد الأبحاث... توقف لساني عن قول شيء فاكتفيت بالنظر إليه... في أحد الأيام كنت جالساً أمام التلفاز وإذا بخبر مهم.. ولادة أول طفل ناتج عن طريق الإخصاب خارج الرحم في إيران... حمدت الله تعالي.
وفي العام التالي تم افتتاح المعهد رسمياً... لقد جرى اسم رويان للأبحاث'>معهد رويان للأبحاث على الألسن داخل إيران وخارجها... توقف ذهني عند ذلك المشهد.. حيث قرأ لي سعيد بيتا من الشعر في ذلك البرد القارس في عتمة الليل..
بقدرِ الكدِّ تكتسب المعالي
ومن طلب العلا سهر الليالي
الراوي: الدكتور محمد علي صديقي الجيلاني؛ رئيس الجمعية العلمية المتخصصة في الخصوبة والعقم بإيران.