وأصبح في عالم الطب اليوم، تدريس المهارات السريرية وتحسينها أحد التحديات الأساسية في المجال الطبي.

ومع تقدم التكنولوجيا والحاجة إلى تحسين جودة الخدمات الطبية، تم تقديم أجهزة المحاكاة الطبية كأداة جديدة وفعالة في تعليم طلاب الطب والتمريض والأطباء والممرضين الجدد.

ومن خلال توفير بيئة آمنة وخاضعة للرقابة، تسمح هذه الأدوات للمرضى الحقيقيين بممارسة وتعلم المهارات السريرية دون مخاطر.

من أجهزة المحاكاة الفيزيائية إلى برامج الواقع الافتراضي، فتسمح هذه التقنيات لطلاب الطب والمهنيين باكتساب خبرة قيمة في ظروف قريبة من الواقع وارتكاب أخطاء أقل عند التعامل مع مريض حقيقي.

 تتطلب العديد من العمليات الجراحية الشائعة في طب العيون، مثل عملية "الفاكو" لعلاج إعتام عدسة العين (عملية المياه البيضاء)، على الرغم من مظهرها البسيط، إلا أنها تتطلب مهارات عالية جدًا. ويجب أن يتمتع الجراح بقدرة عالية على التنسيق بين اليدين والعينين حتى يتمكن من العمل بشكل صحيح باستخدام أدوات خاصة وإجراء الجراحة بأقصى قدر من الدقة؛ لأن الخطأ البسيط في هذه العملية يمكن أن يكون له عواقب وخيمة مثل إصابة المريض بالعمى أو حدوث مضاعفات لا تعوض.

وفي هذا الصدد، تمكنت النخب الإيرانية من الحصول على أجهزة محاكاة طبية في مجال العيون وتصديرها رغم العقوبات العديدة.

إنتاج أجهزة محاكاة طب العيون من قبل النخب الإيرانية

يشير "محمد مهدي حيدري"، الرئيس التنفيذي لشركة قائمة على المعرفة (مخترع المحاكيات الطبية)، إلى أن المحاكيات الطبية تساعد الأطباء المقيمين والأطباء والممرضين الشباب الذين لديهم خبرة قليلة؛ وقال: إن فكرة بناء جهاز محاكاة لطب العيون يعتمد على الذكاء الاصطناعي تم طرحها في عام 2012 م.

وذكر أنه في عام 2012م، ولأول مرة، تم تطوير جهاز محاكاة يعتمد على الذكاء الاصطناعي لإحدى جراحات العيون على يد نخب جامعة شريف للتكنولوجيا؛ وأضاف: كانت لمهندسي الكمبيوتر والميكانيكا والإلكترونيات مشاركة في هذا المشروع. ودخل أول منتج قائم على المعرفة (المحاكاة الطبية للعيون) إلى الأسواق الإيرانية في عام 2017م، وقام العديد من جامعات طب العيون بإعداده.

أجهزة المحاكاة الطبية من أكثر أجهزة المحاكاة تعقيدا

وذكر أن جهاز محاكاة العين يعد من أعقد أجهزة المحاكاة الطبية؛ وتابع: جميع المحاكيات الطبية صعبة ومعقدة؛ لأن أنسجة الجسم هي أنسجة معقدة. وبالمقارنة مع المواد الأخرى، فإن هذه الأنسجة حية ولها أنشطة بيولوجية.

وذكر "حيدري" أنه يجب إجراء الاختبارات عند نمذجة المحاكيات؛ وأوضح: أن محاكيات المجالات الأخرى مثل الهندسة، لأنها تعمل بالمعادن وغيرها، ليست معقدة للغاية ومن الممكن اختبارها بسهولة في أي وقت. لكن أجهزة محاكاة طب العيون معقدة بعض الشيء لأن هناك حاجة إلى نموذج حي.

محاكاة 12 عملية جراحية للعين 

وأضاف: بالإضافة إلى أجهزة محاكاة طب العيون، أنتجت شركتنا القائمة على المعرفة أيضًا أجهزة محاكاة للفم والأسنان.

وذكر أنه تمت محاكاة العديد من عمليات العيون والأسنان؛ وتابع: تمت محاكاة نحو 12 عملية جراحية في طب العيون ونحو 15 عملية في مجال الفم والأسنان.

ما هو السبب وراء صناعة المحاكيات الطبية؟

وقال الرئيس التنفيذي لهذه الشركة القائمة على المعرفة عن سبب صنع المحاكيات الطبية:

المحاكيات الطبية تساعد الخريجين والطلاب الجدد كثيرا. وبالنظر إلى أن الطالب أو الطبيب المقيم قد لا يكون لديه أي خبرة في الجراحة ويتعلم فقط الأساسيات النظرية للجراحة، فلا يمكنه إجراء العملية.

وذكر أن طلاب الطب يتم تدريبهم خطوة بخطوة؛ وتابع: المحاكيات الطبية تزيد من سرعة وجودة التعلم. كما أن الطلاب الذين يعملون باستخدام أجهزة المحاكاة الطبية لديهم سلوكيات محسوبة أثناء العمليات الطبية مثل جراحة العيون ويمكنهم كسب ثقة الأساتذة.

وقال "حيدري" عن تحديات صنع هذه الأجهزة: حتى الآن لم تتمكن سوى ألمانيا من تصميم هذا الجهاز، وهذا يدل على أن العديد من الدول لم تتمكن من تحقيق هذه التكنولوجيا. وفي هذا الصدد، كان نقص الأجزاء أحد أكبر التحديات التي واجهناها في صنع هذا المنتج المحلي.

ما هي الدول التي تمكنت من إنتاج أجهزة محاكاة لطب العيون؟

وذكر الرئيس التنفيذي لهذه الشركة القائمة على المعرفة أن شركة تكنولوجية واحدة فقط تمكنت من إنتاج أجهزة محاكاة طبية؛ وصرح: تمكنت شركة ألمانية من إنتاج وتوزيع هذا المنتج.

وقد تمكنت إيران، باعتبارها المنتجة الثانية لهذا الجهاز، من إنتاجه وتصديره إلى دول مثل الصين. كما تم تنفيذ أنشطة لتصدير أجهزة محاكاة طب العيون إلى الهند وروسيا.

وأضاف: بعد ألمانيا وإيران، تحاول أمريكا أيضًا إنتاج هذا المنتج. لكن منتجاتها لم تدخل السوق.

كم تبلغ تكلفة جهاز محاكاة طب العيون؟

وذكر أن سعر هذا المحاكي الإيراني يقارب نصف سعر الطراز الألماني المماثل؛ وتابع: في إيران تم تقديمه لمعظم المستشفيات التي لديها تعليم في طب العيون. كما دخلت أجهزة محاكاة طب الأسنان إلى السوق مؤخرًا.

وأضاف: يتم تقييم هذه المنتجات وتسعيرها من قبل معاونية العلوم والتكنولوجيا التابعة لرئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ويتم بيعها بدعمها.

محاكاة الجراحة التجميلية هي الخطوة التالية للنخب الإيرانية

وذكر الرئيس التنفيذي لهذه الشركة المعرفية الإيرانية، أن النخب الإيرانية تحاول تصميم أجهزة محاكاة طبية أخرى وتوزيعها على الأسواق المحلية والخارجية؛ وقال: النخب الإيرانية تحاول إنتاج أجهزة محاكاة لجراحة الفك والوجه. وسيتم تصميم هذه المحاكاة وتقديمها قريبًا.

ضرورة دعم المستثمرين لتطوير وإنتاج أجهزة المحاكاة الطبية

ومن الجدير بالذكر أن تطوير النخب الإيرانية لأجهزة المحاكاة الطبية يظهر القدرة والإبداع في هذا المجال. وعلى الرغم من التحديات العديدة مثل العقوبات ونقص الأجزاء، نجحت الشركات القائمة على المعرفة في إنتاج أجهزة محاكاة متقدمة لا يتم تصديرها محليًا فحسب، بل أيضًا إلى بلدان أخرى.

وتظهر هذه التطورات أهمية وضرورة الاستثمار في التقنيات التعليمية الجديدة في مجال الطب. وبالنظر إلى تعقيدات جراحات العيون والحاجة إلى الدقة العالية، يمكن لأجهزة المحاكاة أن تساعد في زيادة جودة التدريب وتقليل المخاطر المحتملة.

ولذلك فإن دعم تطوير وإنتاج هذه التقنيات يجب أن يكون أولوية واضعي السياسات والمستثمرين حتى نتمكن من تحقيق الارتقاء بمستوى الخدمات الطبية وتحسين صحة المجتمع.