لا نزال مع الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام، وهي الزيارة التي انشأها الامام الهادي(ع) بعد ان طلب منه احد الاشخاص ان يصوغ له كلاماً متسماَ بالبلاغة بالنسبة لمن يتجه بالزيارة لاحد المعصومين عليهم السلام، فأملى عليه ذلك،... وقد سبق ان حدثناك عن الزيارة المذكورة بحسب تسلسل مقاطعها، وانتهينا إلى هذا المقطع الذي يتضمن السلام عليهم، فمثـلأ في العبارات الآتية(السلام على محالّ معرفة الله) الى ان يقول (وحفظة سرّ الله، وحَمَلةِ كتاب الله، وأوصياء نبيٌ الله، وذرية رسول الله صلى الله عليه وآله ورحمة الله وبركاته). 
هذا المقطع يتضمن - كما نلاحظ - أربع فقرات أو عبارات أو سمات للأئمة عليهم السلام هي: أنهم عليهم السلام حفظة سرّ الله، وحملة كتابه، واوصياء نبيه(ص)، وذرية رسوله(ص)... وهذه السمات على وضوحها والفتها تتضمن بلاغة فائقة من حيث النكات التي تنطوي عليها، فمثلا نلاحظ انها من حيث العرض للصلة بينهم عليهم السلام وبين النبي(ص)، تتحدث مرة عن الصلة النسبية (من حيث انهم ذريته)، ومرة تتحدث عن الصلة الخلافية تقرر من حيث أنهم اوصياؤه(ص)، ولكن النكتة الاكثر بروزا هي: ان هذه الزيارة عندما تتحدث عن الصلة الخلافية تقرر بانهم عليهم السلام اوصياء (النبي) وليس (الرسول)، ولكن عندما تتحدذ عن الصلة النسبية تقرر بأنهم عليهم السلام ذرية (الرسول) وليس (النبي)، وبكلمة بديلة انها تتحدث مرة عن (النبي) وتتحدث اخرى عن (الرسول) مع ان الشخصية واحدة هي (النبي)، وان المرتبطين به عترة او مجموعة واحدة هي: الأئمة عليهم السلام... فما هو السرّ الكامن وراء ذلك؟ اننا اذا استعدنا المناسبة التي واكبت أنشاء الزيارة وهي: الطلب بان يقدّم الامام الهادي(ع) كلاماَ بليغاَ... حينئذ ندرك اهمية هذه النكات البلاغية في الزيارة حيث سنحدثك عنها ان شاء الله تعالى... لكن حسبنا الآن ان نلفت نظرك الى اهمية الزيارة ومضمونها المرتبط بمنزلة الأئمة عليهم السلام.
اذن: لِنعد الى مقطع الزيارة، حيث بدأ بقوله(ع) عن الائمة عليهم السلام (بأنهم حفظة سرّ الله، وحملة كتاب الله، واوصياء نبي الله، وذرية رسول الله...)
فماذا نستخلص ؟
تقول العبارة او الفقرة الاولى من الزيارة ان الائمة عليهم السلام (حفظة سرّ الله تعالى)... ترى: ما المقصود من ذلك ؟ اولاً ينبغي ان نقرّر بان (السر) هو: المضمون او المدلول او المعنى الخاص الذي لا تتيسر معرفته للعام من الناس بل الخاصة فحسب، ولذلك اصبح (سرّا)، والا كان (علنـاَ) لا (سرّا)... طبيعيا: ان السرّ المشار اليه قد يكون مرتبطا بمعرفة عظمة الله تعالى، أو بمعرفة مبادئه التي شرّعها، أو بمفهوم الخلافة الارضية اساساَ أو بها وبما يرتبط من المواقع في الحياة الآخرة... كلٌ ذلك يظل (سرّا) ينفرد به الائمة عليهم السلام، ومجرد انفرادهم بالسرّ كافٍ بان يحسّسنا بخطورة شخصياتهم ورسالتهم التي او كل الله تعالى حملها اليهم.
هنا ينبغي لفت نظرك الى جانب مهَم يتصل بمفهوم (السرّ) الذي اودعه الله تعالى عند الأئمة، وهو: ان المقصود من وجود السرّ المذكور قد يكون هو السرّ غير المعلن عنه بحيث ينفرد بالاحتفاظ به: الائمة عليهم السلام دون ان يقترن بضرورة الاعلان عنه بواسطتهم (مثل انفرادهم بمعرفة عظمة الله تعالى ومبادئه)، او يكون هو السرّ الذي اوكله تعالى اليهم وسمح لهم بحمله وتوصيله الى الناس (مثل خلافتهم للنبي(ص))، وفي الحالتين، فان خطورة ذلك تتمثل في انهم قد انفردوا بمعرفة هذا السرّ.
هنا ايضاً، نلفت نظرك الى نكتة اخرى هي: ان الزيارة قد تحدثت عن (السرّ) المذكور من حيث انهم عليهم السلام (حفظته)، أي: انهم قد احتفظوا به أو أ نهم قد حفظوه، وبكلمة اكثر وضوحاً، ان عبارة انهم عليهم السلام (حفظة السرّ) قد يكون المقصود منه (الحفظ) بمعنى انهم احتفظوا به لانفسهم، او بمعنى انهم حفظوه للاعلان عن الآخرين. 
وفي الحالتين، ثمة خطورة، وثمة انفراد، وثمة شخوص، وثمة معرفة: يتسم بها الائمة عليهم السلام، فيما يحملنا ذلك، على ان نهتدي بهم ونتمسك بهم، ونوالي من والاهم ونعادي من عاداهم، ومن ثم نساله تعالى ان يوفقنا الى ذلك.

*******

أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله.
المحاور: سماحة الشيخ من الاسئلة التي تثار على هامش الزيارة الجامعة وعلى مجموعة ايضاً من الاحاديث الشريفة هي الاسئلة التي تتمحور حول العلاقة بين معرفة الامام ومعرفة الله تبارك وتعالى ما هي هذه الشرطية لماذا اشترطت معرفة الله بمعرفة الامام تفضلوا؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى‌ آله الطيبين الطاهرين عندما نتحدث عن معرفة الله لا نتحدث عن درس يستطيع الانسان من خلال تعلمه في الكتب والصحف والمنقولات والمأثورات ليطبع مفاهيم جديدة تضاف الى المفاهيم التي عنده في الذهن، الحديث عن معرفة الله هو الحديث عن المعرفة الحقيقية لله سبحانه وتعالى على قاعدة (فسألت اودية بقدرها) كل انسان يتعرف بالمقدار الذي يتسنى له التعرف عليه من الله سبحانه وتعالى اذا كنا نتحدث عن المعرفة بهذا المعنى المعرفة الحقيقية العلم الحقيقي هذا لا يتحقق الا بالتقوى على قاعدة قوله تعالى (واتقوا الله ويعلمكم الله) على هذا الاساس لاشك ولا ريب انه ليس فقط معرفة السفراء الالهيين تصير شرطاً‌ حقيقياً لمعرفة الله بل حتى الانسان معرفة نفسه طريق الى معرفة الله على قاعدة‌ قوله(ص) من عرف نفسه فقد عرف ربه، اذا كانت معرفة النفس من جهة الفقر والامكان والعبودية تؤدي بالانسان الى معرفة‌ الله بقدر ما يعرف نفسه وبقدر ما يعرف الله معرفة حقيقية فكيف بمعرفة من هم النسخة الكاملة في عالم الامكان من البشر الذين خلقت الدنيا من اجلهم وجعلهم الله سبحانه وتعالى سفراءه الى هذه البشرية بل الى الكون بأسره وهم الذين فتقوا عقول الناس وهدوا الناس الى ‌المعارف الالهية كيف لا تكون معرفتهم هي التي تؤدي الى معرفة الله الحقيقية بتعبير آخر اذا كانت التقوى شرطاً للمعرفة....
المحاور: عفواً سماحة الشيخ النسخة ماذا تقصدون بها هل هم متخلقين بأخلاق الله هل هذا المعنى تقصدون ام معنى آخر؟
الشيخ حسان سويدان: نعم هذا المعنى انهم هم العباد الكمل الذين بعثهم الله سبحانه وتعالى لهداية البشرية والهداية الحقيقية هي الهداية الى الله، التعريض الآخر الذي احببت ان المح اليه هو مدخل لعله اقرب الى الاذهان لمن اراد ان يحقق هذه الحقيقة في نفسه هي سيرة على اساسها في معارفه وتكامله هي انه (واتقوا الله ويعلمكم الله) بطبيعة الحال ليس الحديث هنا عن العلم بالمعنى الحصولي يعني عن معرفة هذه المفاهيم التي نستحصل عليها من الكتب ومن التعليم المتعارف في المواد العلمية المتعارفة هي المعرفة‌ الحقيقية لاشك ولاريب ان الادلة الكثيرة كتاباً وسنة دلت على‌ ان من شرائط التقوى معرفة الحجة من الله سبحانه وتعالى على الخليقة وثبت في محله ان الانبياء كانوا حججاً ولازلنا نعتقد بحجيتهم في اوقاتهم وانه بعد نبينا(ص)الائمة‌ هم الحجج فمعرفتهم شرط حتى تحصل التقوى التي هي مقدمة التعليم والمعرفة‌ الحقيقية التي رأسها معرفة‌ الله سبحانه وتعالى.
المحاور: يعني بعض المعرفة الخاصة‌ العلم نور يقذقه الله في قلب من يشاء.
الشيخ حسان سويدان: نعم هذا النحو من العلم الذي هو العلم الحقيقي رأسه معرفة‌ الله.
المحاور: سماحة‌ الشيخ حسان سويدان شكراً جزيلاً هنالك لدينا سؤال حول التلازم بين العترة وكتاب الله تبارك وتعالى لو سمحتم نوكله للحلقة المقبلة ان شاء الله جزاكم الله الف خير وجزا الله مستمعينا الافاضل كل خير على طيب استماعهم لهذا البرنامج ونستودعكم ونستودعهم الله والسلام عليكم ورحمة‌ الله وبركاته.

*******