نحن الآن مع زيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام، حيث حدثناك بشكل متسلسل عن فقرات هذة الزيارة، ووصلنا الآن الى مقطع جديد عن فضائل الأئمة عليهم السلام وشخصياتهم المتفردة بالقياس الى الآخرين.
تقول الزيارة (السلام على محالَ معرفة الله، ومساكن بركة الله، ومعادن حكمة الله ...).
لا نغفل ان هذه الزيارة قد كتبها الامام علي الهادي(ع) بناءً على طلب أحدهم بأن يُنشيء له قولا بليغاً بالنسبة الى الأئمة عليهم السلام، فكتب له الزيارة المذكورة، وهذا يعني - كما كررنا -، أنها زيارة او نص بليغ يحفل بفنون البلاغة، وهو امر يمكننا ان نتبينه من خلال ما قدمنا من مقاطع الزيارة، وما نقدمه الآن، حيث تلاحظ بوضوح كيف ان الامام(ع) ذكـَرَ لنا الفاظا ً او عباراتٍ متجانسة في التعبير عن حقائق متنوعة، فأنت ترى أنه(ع) قد استخدم كلمات (محال)، (مساكن)، (معادن)، وهي جميعاً تُستخدم للاشارة الى (المكان)... فالمحل هو حيز جغرافي، والمسكن كذلك، والمعدن بدوره مكان او مركز او منبت للجواهر وسائر الثروات الارضية...
الا ان النكتة او الطرافة هنا هي: استخدام كلٌ منها في التعريف بِسِمةٍ تربط بشخصيات الائمة عليهم السلام، وهو اثر نحاول ان نحدثك عنه في لقاءاتنا...
الحديث هنا هو عن معرفة الله تعالى، وعن بركة الله تعالى، وعن حكمة الله تعالى، انك ترى ان كل واحدة من هذه الظواهر أي: حكمة الله تعالى، ومعرفة الله تعالى، وبركة الله تعالى، قد خصص لها الامام عبارات او بالاحرى استعارات تتناسب مع الموضوع، وجعل (المكان) هو: الاستعارة للتعبير عن سمات الائمة عليهم السلام من حيث صلتهم بالله تعالى، فجعل (المحل) استعارة لمعرفة الائمة عليهم السلام لله تعالى، وجعل (المسكن) استعارة لبركة الله تعالى، وجعل (المعدن) استعارة لحكمة الله تعالى، أي: جعلهم هم الموقع الذي تنطلق منه المعرفة الحقة لله تعالى، والبركة من الله تعالى والحكمة منه تعالى...
من هنا، يحسن بنا ان نتحدث عن كل موقع من الظواهر المتقدمة.
نبدأ الحديث الآن عن الاستعارة الذاهبة الى ان الائمة عليهم السلام هم (المحال لمعرفة الله تعالى)، والمحال هو جمع لمفردة (محلّ) فماذا نستخلص منها؟
واضح - كما قلنا - بان المحلّ هو: حيز جغرافي محدود، وهذا ينطبق على الائمة عليهم السلام من حيث انهم اشخاص محدود عددهم، وهذا العدد المحدود هو الذي اتيح له ان يمنحه الله تعالى قابلية لا تحصل لدى الآخرين، وذلك بسبب انهم عليهم السلام اطاعوا الله تعالى حق طاعته، فمنحهم هذه الخصوصية، وهي انهم (محال) (عدد محدود) من الشخصيات تمتلك قابلية (المعرفة) لعظمة الله تعالى... وهذا فيما يتصل بالمعرفة العامة.
ولكن ماذا بالنسبة الى الظواهر الاخرى؟
تقول الزيارة بانهم عليهم السلام "مساكن بركة الله" والسؤال هو: ما هي الصلة الدلالية بين (المسكن) وبين (البركة)؟... المسكن - كما نعرف ذلك جميعا هو المكان الذي يعيش فيه العبد، وهو يختلف عن (المحل) بانه مكان لاستمرارية العيش، واستمرارية العيش تتطلب استمرارية الرزق وتدفقه، وهذا ما ينطبق على مفهوم (البركة)، أي: انهم عليهم السلام بركة الله تعالى على عباده بما منحهم من المحبة التي يحملونها حيال الآخرين، حيث يشفعون على الآخرين، وحيث يمدونهم بما هو خير لهم في الدنيا والآخرة، وبهذا يجسدون بركة الله تعالى على عباده.
وهذا فيما يتصل بالمسكن وصلته بالبركة. ولكن ماذا بالنسبة الى (المعدن) وصلته (بحكمة) الله تعالى.
واضح المعدن هو المنبت لكل ثروة ارضية... فاذا استعرناها لمفهوم (الحكمة) - وهي ممارسة ما هو حق - نجد ان الائمة عليهم السلام يجسدون (معادن)، ومنابث لنشر الحكمة وتقديمها للاعلام، حيث يطهرون حكمته تعالى للآخرين ما داموا هم التجسيد لها دون سواهم من المخلوقات.
اذن اتضح معنى (المحل) و(المسكن) و(المعدن) وصلة ذلك بمعرفة الله تعالى، وبركة الله تعالى، وحكمة الله تعالى.
والمهم هو ان نستثمر نحن القراء للزيارة الجامعة، هذا الجانب، وذلك بالتمسك بالائمة عليهم السلام، حيث ان الله تعالى والنبي(ص) أمرنا بهذا التمسك، للانارة منه في ممارسة عملنا العبادي والتصاعد به الى النحو المطلوب.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ حسان سويدان: حياكم الله.
المحاور: سماحه الشيخ في الحلقة السابقة عرضنا على سماحتكم سؤالاً بشأن ما يشنعه البعض على مدرسة اهل البيت في القول بأنهم يفضلون الائمة(ع) على الانبياء او على بعض الانبياء فيما يرتبط بهذا الجانب انتم قدمتم للاجابة عن هذه الشبهة بالاشارة الى ان مطلق النبوة ليس دليلاً على الافضلية، مطلق الافضلية على الآخرين ليس هناك دليل على هذا المدعى اساساً ووعدتم ايضاً بأكمال الاجابة على الشطر الآخر في هذه الحلقة فتفضلوا مشكورين.
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين في الحقيقة يمكن اختصار ما تقدم في الحلقة السابقة بأنه يطالب من قال بأن النبوة تمثل الافضل على الاطلاق هو الذي يطالب بالدليل نعم الانبياء من كمل خلق الله بلا شك ولاريب والا فأن جميع الاسلاميين متفقون ان الانبياء متفاوتون في الفضل في هذا المجال هناك الكثير من الادلة الذاتية التي نستدل بها لاثبات افضلية ائمتنا(ع)
على معظم الانبياء بأستثناء وبشكل قطعي النبي الاعظم(ص) والذي هو سيدهم وسيد الخلق اجمعين من الاولين والآخرين يمكن في هذا المجال ان نذكر فيما يرتبط بأمير المؤمنين الآية الشريفة آية المباهلة التي جعلت امير المؤمنين نفس الرسول الاعظم(ص)وهي الآية ٦۱ من سورة آل عمران قوله تعالى «فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين» اتفقت الكلمة في مصادر المسلمين جميعاً ان النبي(ص) لم يطبق وانفسنا وانفسكم الا على فرد واحد وهو علي بن ابي طالب(ع) فأنفسنا نفس النبي هو علي(ع) والنبي هو الافضل على الاطلاق من السابقين والقرآن كتاب كريم لا يأتي الباطل من بين يديه وليس الحديث حديث مجاملة بل هو قول فصل فعلى هذا الاساس...
المحاور: عفواً سماحة الشيخ هنا لو سمحتم هل ان الاحاديث الشريفة نظائر يا علي انت وانا من شجرة واحدة وسائر الناس من شجر شتى ونظائر هذه الاحاديث وهي كثيرة هل يمكن ان تكون تفسيراً او تأييداً لما تفضلتم به في تفسير الآية؟
الشيخ حسان سويدان: يمكن ان تذكر في هذا المجال الاحاديث وربما تلك البعض المقصود الناس الموجودين في زمان النبي(ص) لكن هذه الآية اوضح بكثير، اذا كان نفس النبي فلاشك عند احد المسلمين ان نفس النبي ارقى من نصوص الجميع بل البشر من الاولين والآخرين في هذا المجال ايضاً ونحن نتكلم عن التفضيل التفضيل يكون هو التكامل على اساس الكمال المعنوي الكمال العلمي والكمال العملي والكمال العلمي الحق والحقيقي لا ينفصل عن الكمال العملي لان الكمال العلمي الحقيقي لا يكون الا عند الكمل علماً وعملاً على هذا الاساس هناك حزمة مستفيضة من الروايات المعتبرة عندها في اهل البيت(ع) تتحدث عن من كان يمتلك الاسم الاعظم من الانبياء(ع) ومن الاولياء والاوصياء في هذا المجال وفي هذه العجالة لا يمكن استعراض هذه الروايات نستعرض منها رواية واحدة...
المحاور: هي مسك الختام اذا تفضلم.
الشيخ حسان سويدان: رواية معتبرة عن بصائر الدرجات يرويها بأسناد معتبر صاحب البصائر وينقلها صاحب البحار رحمه الله في الجزء السابع والعشرين صفحة ۲٦ بعد حذف السند وهو سند معتبر عن الامام الصادق(ع) قال كان مع عيسى بن مريم(ع) حرفان يعمل بهما وكان مع موسى اربعة احرف وكان مع ابراهيم(ع) ستة احرف وكان مع آدم خمسة وعشرين حرفاً وكان مع نوح ثمانية وجمع ذلك كله لرسول الله(ص) ان اسم الله ثلاثاً وسبعون حرفاً وحجب عنه حرف واحد، رواية ثانية تصرح ايضاً معتبرة ان الاحرف الاثني والسبعين التي كانت مع رسول الله هي ايضاً مع امير المؤمنين(ع)، اذا كان الاسم الاعظم ونحن لا نعرف حقيقته على وجه الدقة يرمز به الى الكمال الحقيقي والعلم الحقيقي لاشك ولاريب ان هذا يبين فضلاً في هذا المقام وهو بعض اهم اوجه الفضل والفضيلة لايسع الوقت للاسف ان ندخل في بيان حقيقة الامامة وان الامامة افضل من النبوة وهو مقام اعطي لابراهيم(ع)بعد ان كان شيخ الانبياء.
المحاور: سماحة الشيخ حسان سويدان شكراً جزيلاً وشكراً لكم احباءنا نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******