وحظي الشق الاقتصادي بحيز أكبر في خطابات المتنافسين، بدءا من إدخال إصلاحات تنموية على المنظومة الاقتصادية والمؤسسية للبلاد، وصولا لتكريس الجهود لجعل الجزائر في مصاف الدول ذات الاقتصادات القوية وفق تطلعات المواطنين.
وحاول المتنافسون خلال الحملة الانتخابية التي استمرت 20 يوما الترويج لبرامجهم، عن طريق التجمعات الشعبية والمداخلات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي.
ودخل المترشحون فترة صمت انتخابي تستمر 3 أيام يحظر عليهم أو على ممثليهم القيام بأي نشاط انتخابي إلى يوم انطلاق عملية التصويت لاختيار رئيسٍ للجمهورية يقود الجزائر 5 سنوات قادمة.
وقال مرشح جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، إنه سيعمل على إرساء أسس اقتصاد وطني متنوع، قادر على خلق الثروة يضع الجزائر في مأمن من الصدمات الخارجية والتبعية للمحروقات (إيرادات قطاع النفط والغاز).
وتعهد أوشيش من خلال برنامجه "رؤية" بإنشاء وكالة وطنية للأمن الغذائي ورفع حجم الصادرات وتحسين مناخ الأعمال، وخلق أقطاب اقتصادية متكاملة للمساهمة في النهوض بالاقتصاد المحلي، مع تمكين المواطنين من المساهمة في التنمية.
ووعد بتشجيع الاستثمارات المهمة في النهضة بقطاعات الزراعة والفلاحة والسياحة، كما التزم بتطوير القطاع الصناعي خاصة ما تعلق بالصناعات التحويلية وبناء صناعة ثقيلة وإنشاء 4 أسواق كبرى لتسويق المنتج الزراعي.
من جهته التزم المترشح الحر عبد المجيد تبون، من خلال برنامجه الانتخابي "من أجل جزائر منتصرة"، بمواصلة الإنجازات والإصلاحات واستكمال بناء جزائر جديدة وتأسيس دولة عصرية تكون في مستوى تطلعات المواطنين، متعهدا بدعم القدرة الشرائية ومحاربة البطالة.
ووعد تبون- المترشح لعهد رئاسية ثانية- بتعزيز الإنتاج المحلي ومواصلة زيادة الأجور والرفع من قيمة الدينار، والعمل على الحفاظ على معدل النمو عند 4% وإطلاق 20 ألف مشروع استثماري.
وأكد تبون أن الأمن الغذائي ليس شعارا، متعهدا بتقديم الدعم للفلاحين حتى لا يستوردوا "غراما واحدًا" من القمح الصلب، والشعير، والذرة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، إضافة إلى إنهاء استيراد السكر والزيت في آفاق سنة 2027.
وقال إنه سيعمل على رفع الدخل القومي للبلاد ليصل مع سنة 2027 إلى 400 مليار دولار، مع توفير 450 ألف منصب شغل للشباب في حال انتخابه لعهدة ثانية.
تعهد مرشح حركة مجتمع السلم للرئاسيات، عبد العالي حساني شريف، بالمحافظة على الطابع الاجتماعي للاقتصاد المحلي وعلى حرية الاستثمار والكسب وحرية التجارة و الإدارة الاقتصادية.
كما تعهد حساني بجعل الاقتصاد الجزائري قادرا على ضمان تكافؤ الفرص الاقتصادية بين المستثمرين والتجاريين.
وترتكز تعهدات برنامج "فرصة" للمرشح حساني على مراجعة قانوني الاستثمار والضريبة بما يخفف الأعباء الضريبية على المستثمرين بجانب مراجعة المنظومة المصرفية في الجزائر.
كما وعد بإعادة تجديد العملة وخفض معدلات البطالة والتضخم والتحكم في الأسعار وتنظيم سوق الصرف لضمان استقرار سعر الدينار.
وتعهد مرشح حركة مجتمع السلم بتنمية المناطق الحدودية كونها ترتبط بالأمن القومي للبلاد، إضافة إلى تشجيع الفلاحة وزراعة الحبوب وإنتاج المواد الأساسية كالحليب.
يقول الخبير الاقتصادي مراد كوشي، إن الشعب أو الطبقة الناخبة في الجزائر لم تعد تستهويها الشعارات السياسية بقدر ما يهمها الرقي والتقدم الاقتصادي وما يجلبه من رفاهية اجتماعية، وهذا ما أدركه المترشحون لانتخابات الرئاسة الجزائرية.
ويؤكد كواشي في حديثه للجزيرة نت، أن برامج الناخبين ركزت على الجانب الاقتصادي من خلال تقديم حلول ووعود لتحسين مستوى معيشة المواطنين لاستمالة أكبر عدد منهم.
واعتبر كوشي أن بعض وعود المترشحين تبدو غير واقعية على غرار رفع الناتج الخام إلى أكثر من 450 مليار دولار وخفض معدل التضخم إلى 3% وزيادة حجم الصادرات 30 مليار دولار خلال 5 سنوات.
وعاد كوشي إلى وعود رفع المنح الاجتماعية لتحسين مستوى معيشة المواطنين من خلال زيادات كبيرة في الأجور ومنح البطالة، وقال إن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي، أحمد الحيدوسي، أن المترشحين الثلاث يهدفون -من خلال برامجهم- إلى رفع قدرات الاقتصاد الجزائري وتحسين معيشة المواطنين.
وقال في حديث للجزيرة نت إن هناك مترشحا يملك مقاربة يسارية تقدمية تسعى إلى بعث النسيج الصناعي العمومي، بينما يرى آخر ضرورة تكريس اقتصاد تضامني حر يهيمن عليه القطاع الخاص أما الثالث فيرغب في المزاوجة بين القطاع العام والخاص.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى وجود توافق بين المترشحين بشأن عدد من المفات على غرار اعتماد تقسيم جديد للولايات الجزائرية وفق نظرة اقتصادية جديدة تراعي موارد كل منطقة خلافا للتقسيم السابق.