وقال وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان في حوار مع التلفزيون الإيراني مساء يوم الثلاثاء حول عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون، إن السياسة الخارجية لحكومة السيد رئيسي، كما أعلنا عن عقيدة سياسته الخارجية منذ بداية حكومته، هي سياسة خارجية متوازنة ونشطة، تقوم على العلاقات الخارجية الشاملة وفي هذا الإطار يركز جزء كبير من برنامج سياستنا الخارجية على التنمية المستدامة للعلاقات الاقتصادية والتجارية مع العالم.
وأضاف: جزء من هذه العلاقات تم تشكيله بشكل ثنائي مع إعطاء الأولوية للجيران. نحن لا نتحدث عن التطلع إلى الشرق أو النظر إلى الغرب في السياسة الخارجية.
وصرح وزير الخارجية: مع إعطاء الأولوية للنظر إلى آسيا والدول المجاورة، جزء آخر في الصيغ الدولية متعددة الأطراف الموجودة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية. فعضوية إيران في شنغهاي عمل بدأ منذ سنوات، ولكن بسبب المناهج والاعتبارات الموجودة، لم يكتمل هذا العمل في الحكومات السابقة.
وأضاف أمير عبداللهيان: في الحكومة الجديدة، من خلال التفاعل مع الأعضاء الرئيسيين في شنغهاي وخلال زيارات السيد رئيس الجمهورية، نجحنا منذ البداية في تثبيت عضوية ايران الدائمة، وتم في الأيام الأخيرة انضمام إيران بشكل كامل.
وصرح وزير الخارجية: هذه العضوية الكاملة على الأرض ستحقق لنا إنجازات ونتائج، أولاً، في المجالات الاقتصادية والتجارية، نحن سنتمتع بجميع الإعفاءات والتسهيلات المتاحة لأعضاء شنغهاي. وثانيًا، شنغهاي ليست مجرد منظمة تركز على القضايا الاقتصادية.
وتابع: كما تشمل عضوية ايران، التعاون الأمني والثقافي والعسكري ومكافحة الإرهاب والتعاون العلمي والتكنولوجي. لقد قمنا في الأسبوع الماضي، بتعيين ممثلنا الخاص كممثل للسلطة الوطنية الإيرانية لدى منظمة شنغهاي للتعاون.
وصرح أمير عبد اللهيان: لقد بُذلت جهود كبيرة في الحكومة والبرلمان على حد سواء حتى نتمكن من اقرار الوثائق في الوقت المحدد، وهو أمر فريد من نوعه في تاريخ الثورة الإسلامية وقبلها، اذ تمت المصادقة على 49 وثيقة اقتصادية وأمنية وسياسية وثقافية مهمة من قبل الحكومة والبرلمان، بينما في بعض الدول الأعضاء في شنغهاي، تستغرق هذه العملية أكثر من خمس سنوات. في الأسابيع والأشهر القادمة، سنرى ثمار هذه العضوية على الأرض وعلى مائدة الناس.
وفيما يتعلق بخطوة إيران التالية، قال وزير الخارجية: بريكس هي المنظمة الإقليمية الثانية التي تضم أعضاء مهمين. ففي اواخر اب /اغسطس، تمت دعوة السيد رئيسي كضيف خاص على القمة، وفي الشهر الماضي، عقد اجتماع بريكس بلس في جنوب إفريقيا على مستوى وزراء الخارجية.
وتابع: هذا الموضوع كان مقدمة لقمة "بريكس +" التي ستعقد في اواخر اب/ اغسطس.
وقال عبد اللهيان: لقد حاولنا تقديم التوضيحات لجميع الدول الخمس المؤسسة لبريكس أنه بعد تحديد الأطر، ستكون إيران من بين المجموعة الأولى من الدول التي ستصبح بطبيعة الحال عضواً في بريكس، وبالطبع في المرحلة الأولى العضوية كمراقب ثم تدخل الخطوة التالية على أساس الآلية اللاحقة والتي هي مرحلة التعريف للانتماء الى عضوية هذه المنظمة.
وصرح وزير الخارجية: هذا يوفر لنا ميزة إضافية لنكون قادرين على الاستفادة من هذه الظرف من أفريقيا إلى آسيا، إلى أمريكا اللاتينية ودول أخرى. وبطبيعة الحال، تم تشكيل هذا النهج في الدبلوماسية لخلق انفتاح في علاقاتنا في مجال التجارة الخارجية، واستخدام مزايا بريكس وشنغهاي يعني أننا نتجه نحو التعددية.
وقال: إن العالم اليوم ليس عالمًا أحاديًا، بل يتم تشكيل نظام دولي جديد في العالم، ومن سمات هذا النظام الجديد تركيزالدول وجهودها للانتقال من الأحادية إلى التعددية.
وقال عبد اللهيان: إن استغلال فرص هذه المنظمات يعني التحرك نحو التعددية ومواجهة السياسات الأحادية بما في ذلك العقوبات.
وحول الآثار الإيجابية للعضوية في المنظمات الدولية على العلاقات المالية لإيران، قال وزير الخارجية: لدينا آليات محددة للتعاون المالي والجمركي في كلا المنظمتين. الآليات المتوخاة هناك تقوم على التعددية وليس الأحادية، وإغلاق جميع القضايا في إطار عقوبات أحادية الجانب لدولة معينة، لذلك عندما يتعلق الأمر بالتجارة والتداول بالعملات الأجنبية، فهذا يعني إبعاد الدولار عن الاقتصادات والقيود التي يفرضها الدولار في معاملات البنوك العالمية.
*نظام الدولار وهيمنة الدولار في الإقتصاد العالمي على وشك الإنتهاء
وأضاف: نظام الدولار وهيمنة الدولار في الاقتصاد العالمي على وشك الانتهاء. اليوم، ليست إيران هي التي تتحدث عن استخدام العملات المحلية غير الدولار. لقد عانى اقتصاد العديد من البلدان بسبب هذه النظرة الأحادية.
وقال عبد اللهيان: في الاتفاق النووي الذي أبرمته الحكومة السابقة، من النقاط التي ذكرت كنقطة سلبية هي أن الدولار لم يكن مشهودا في أي مكان في هذه الوثيقة. لا يمكن لأي مستثمر أمريكي أن يستثمر في إيران، ولا يمكن التداول حتى بدولار واحد في النظام المالي والنقدي.
وقال وزير الخارجية: إن احدى وثائق شنغهاي هذه حول كيفية اعتماد آليات التبادل والبنوك تمت المصادقة عليها من قبل الحكومة والبرلمان.
وبشأن الإجراءات المتخذة لإزالة الدولار في العلاقات، قال: هذا أمر بدأ منذ زمن طويل واكتسب زخما في العام الماضي. في مجال دبلوماسية الرؤساء، كان لرئيسي لحد الان حوالي 24 زيارة خارجية، ومن ناحية أخرى، زار 17 رئيس دولة إيران. طبعا في لقاءات السيد رئيسي كان من القضايا التي تناولها مع الدول التي لديها نقاط قوة في مجال التجارة والاستثمارات الاقتصادية هو الاتفاق على مسألتي استخدام العملات الوطنية والمقايضة.
وتابع عبد اللهيان: اليوم، وصل الوضع إلى درجة أنه خلال زيارتي الأخيرة إلى أربع دول مجاورة في الخليج الفارسي، أخبرني أحد قادة هذه الدول أنه وفقاً لآخر الإحصاءات، بلغ حجم التبادل التجاري بيننا 33 مليار دولار. بعد الاتفاق النووي، وصل حجم العلاقات التجارية مع أوروبا بأكملها، بما في ذلك مبيعات النفط، بالكاد إلى 10 مليارات دولار.
وأضاف وزير الخارجية: بلغ حجم تجارتنا اليوم مع جيراننا أكثر من 90 مليار دولار، وفي العام الماضي شهدنا زيادة في حجم التبادل التجاري من 37٪ إلى 271٪ فقط مع جيراننا.
*إيران والسعودية دخلتا مرحلة جديدة من العلاقات
وبشأن الاتفاق بين إيران والسعودية، قال: لقد أجرينا خمس جولات من المفاوضات الأمنية في بغداد وثلاث جولات في عمان قبل أشهر، وخلاصة هذه الجولات كانت الوصول إلى نقطة دخلنا فيها نحن والسعودية مرحلة جديدة من العلاقات، وليس خافيا على أحد ما قامت به بعض دول المنطقة وخارجها أثناء الاضطرابات.
وقال أمير عبد اللهيان: في الشأن السعودي توصل مسؤولو السعودية إلى استنتاج مفاده أن العلاقات بين البلدين يجب أن تكون على أساس حسن الجوار والاحترام المتبادل، بحيث توفر مصالح الجانبين وتوجه كذلك رسالة ايجابية للمنطقة.
وأضاف وزير الخارجية: قبل خمسة أشهر، في اجتماع بغداد 2 بالأردن، أجريت محادثة لبضع دقائق مع وزير الخارجية السعودي، وكان استخلاص ذلك ان عودة العلاقات بين البلدين إلى الوضع الطبيعي لا يخدم فقط مصلحة الطرفين بل يخدم مصلحة المنطقة بأسرها أيضًا.
وقال: بهذه التمهيدات والخلفية التي ذكرتها تم التوصل إلى اتفاق بيننا. احدى اولوياتنا في برنامج السياسة الخارجية الشامل للحكومة، الاقتصاد والتجارة والاستثمار. أخبرت السيد بن فرحان في أول لقاء لي معه في بكين باننا نريد علاقات تكتيكية.
وتابع عبد اللهيان: أولاً لدينا تباينات وخلافات، لا تحل بين عشية وضحاها، لكننا متفقون على بعض القضايا. يجب أن نتقدم بسرعة في القضايا التي نتفق عليها، ويجب أن نحاول التغلب على القضايا التي لدينا اختلاف في الرأي بشأنها.
وأضاف وزير الخارجية: تماشيا مع وجود علاقات مستقرة بين البلدين، كانت هناك اشكالية في علاقاتنا مع السعودية. حتى في أفضل فترة من العلاقات في زمن السيد هاشمي رفسنجاني وأثناء فترة السيد خاتمي، انخفض حجم الهجمات الإعلامية ضد بعضنا البعض.
وتابع: لكن هل تم بيننا اتفاق اقتصادي؟ لا. اتفاقنا هو أنه في هذه المرحلة، يجب علينا تعزيز العلاقات الثنائية والاستثمار من خلال ادراك أن لدينا وجهات نظر سياسية مختلفة في بعض المجالات، وتعاون اقتصادي مستدام من شأنه أن يساعد الجانبين.
*لا نتجاوز الخطوط الحمراء في المفاوضات مع أميركا
وقال عبد اللهيان: كنا نتبادل الرسائل بشكل غير مباشر مع الأطراف الغربية والولايات المتحدة، وكان الجانب الأمريكي يعتقد أننا كنا في أضعف حالة في فترة الاضطرابات والآن حان الوقت لاتفاق بيننا وبين الولايات المتحدة للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة.
وصرح وزير الخارجية: لقد أصروا على ان نتجاوز الخطوط الحمراء، ولكن بدعم من الشعب والدعم المتنوع الذي حصلنا عليه في إيران، وقفنا بثبات عند الخطوط الحمراء.
وتابع: "اليوم عندما نتحدث مع بعضنا البعض، إذا كان هناك تبادل للرسائل بيننا وبين أمريكا، أولاً، ما زلنا نواصل طريق التفاوض، وثانياً، التزام الخطوط الحمراء هو أحد مواقفنا الرئيسية".
*هناك الكثير من القواسم المشتركة بين إيران ومصر
وفيما يتعلق بالعلاقات مع مصر، قال وزير الخارجية: هنالك الآن مكتب رعاية المصالح لنا ولهم في القاهرة وطهران، وكلا المبعوثين يعملان بدرجة سفير.
وقال عبد اللهيان: هناك الكثير من القواسم المشتركة بيننا وبين مصر، فكل من الشعب المصري مهتم بإيران والشعب الإيراني مهتم بمصر. بغض النظر عن التحديات، كانت سوريا أول نقطة للتعاون المشترك بيننا. كان نهج السيد السيسي في سوريا هو محاربة الإرهاب والتطرف. نحن بدأنا محادثات أمنية.
وأضاف: كان سلطان عمان قد أجرى مباحثات مع السيد السيسي في القاهرة بشأن ضرورة العلاقات بين طهران والقاهرة، وخلال زيارته الى طهران قبل اسابيع حمل رسالة بهذا الخصوص تم استلامها على أعلى مستوى في إيران وحظي برد إيجابي.
وصرح وزير الخارجية: بعد ذلك نخطط لرؤية تحسين العلاقات في الوقت المناسب. ليس لدينا أي قيود على التنمية الشاملة للتعاون مع مصر.
*وفد تقني إيراني سيزور أفغانستان قريباً
وبشأن العلاقات الإيرانية الأفغانية، قال أمير عبد اللهيان: إننا نتقاسم حدودا طولها 900 كيلومتر مع أفغانستان، لذا فإن أي تطورات داخل أفغانستان يمكن أن تؤثر على أمننا وأوضاعنا الاجتماعية. إن أي حالة من عدم الاستقرار في أفغانستان لها تأثير مباشر على مناطقنا الحدودية. بالإضافة إلى ذلك، يعد التدفق الهائل للنازحين إلى إيران أحد تحدياتنا الخطيرة.
وتابع: القضية الثانية في أفغانستان هي انتشار الإرهاب في هذا البلد. لا يخفى على أحد أن قادة داعش قد نُقلوا إلى أفغانستان في هذه الأشهر. النقطة الثالثة هي الأوضاع السياسية للهيئة الحاكمة الحالية في أفغانستان. قلنا بوضوح أنه لا توجد مجموعة في أفغانستان تمكنت من إدارة نظام سياسي مستقر دون مشاركة جميع المجموعات العرقية، وبالتالي فإن تشكيل حكومة شاملة أمر ضروري.
وتابع وزير الخارجية: في الأشهر الماضية، تمت عمليات متابعة جادة للغاية. موقفنا هو أنه وفقًا لاتفاقية 1351 ه.ش (1972 م)، يجب أن نحصل على حقوقنا المائية. بالطبع، وعدوا في البداية لكنهم لم ينفذوا. أخيرًا، اتفقنا على طريقتين مع الهيئة الإدارية.
وصرح عبد اللهيان: الطريقة الأولى هي أن يذهب فريقنا التقني لتفقد النهرفي اعلى سد كجاكي، والطريقة الثانية هي أن نستخدم امكانياتنا ونتحقق من منسوب المياه.
وقال وزير الخارجية: "من الواضح لنا أنه حتى قبل نحو أسبوع كانت هناك مشكلة نقص المياه ومشكلة نقل المياه إلينا، لكن هذا لا يقلل شيئاً من طلبنا".
وحول إرسال الوفد التقني الإيراني إلى أفغانستان أوضح: أولاً، لم نعترف بحركة طالبان في المجال السياسي دون تشكيل حكومة شاملة. هذا، بالطبع، يسبب بعض الانزعاج من جانبهم، لكننا قلنا بوضوح أن هذه قضية لا يمكننا تجاهلها.
وقال عبد اللهيان: ليس كل الأفغان من البشتون وطالبان، فهؤلاء جزء من واقع أفغانستان. في أفغانستان، هناك حقائق ومجموعات عرقية أخرى في هذا الصدد.
وتابع: "بسبب جوارنا، لدينا مستويات مختلفة من التعاون مع الهيئة الحاكمة، بالنظر إلى أوضاع الجوار والتركيب الديموغرافي لأفغانستان، والنظر إلى حقيقة أننا إذا لم نحاول إرساء الاستقرار والأمن في أفغانستان سيحدث تدفق للاجئين الأفغان نحونا ويسبب مشاكل لنا. نحن مهتمون بأن يكون لشعب أفغانستان على الجانب الآخر من الحدود وضع يمكنهم فيه التعبير عن رضاهم.
وقال عبد اللهيان: بالنسبة للوفد الفني تبادلنا الملاحظات واتفقنا على الموعد، وسيغادر وفدنا قريباً للزيارة والمفاوضات.