والـ29 من آب/أغسطس الماضي، فتحت إدارة شؤون الانتخابات في الكويت أبوابها لاستقبال الراغبين في الترشح لانتخابات مجلس الأمة للعام 2022.
وتهزّ البلاد التي تقع قرب إيران والعراق أزمات سياسية متكرّرة، تشمل الحكومة وشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان الذي تمّ حلّه مرات عدة.
وفي 22 حزيران/يونيو الماضي، أعلن ولي عهد الكويت مشعل الأحمد الصباح، نيابةً عن أمير البلاد نواف الأحمد الصباح، حلّ مجلس الأمة استناداً إلى الدستور الكويتي، داعياً إلى انتخابات عامة.
وغالباّ ما يكون السبب مطالبة نواب بمساءلة وزراء من العائلة الأميرية على خلفية قضايا تشمل الفساد.
والكويت من أكبر مصدّري النفط الخام في العالم، وهي أول دولة خليجية تعتمد نظاماً برلمانياً في 1962.
وتشارك في انتخابات يوم غد، وهي الـ18 في تاريخ الحياة السياسية، والسادسة في 10 سنوات، شخصيات معارضة وتيارات سياسية قاطعت الاقتراع منذ عقد، متّهمة السلطات التنفيذية بالتأثير في عمل البرلمان.
وقال المرشح عن "حركة العمل الشعبي"، التي قاطعت الانتخابات خلال السنوات الماضية، محمد مساعد الدوسري، لوكالة "فرانس برس" إنّ سبب هذه العودة هو مضمون الخطاب الذي ألقاه ولي عهد الكويت نيابةً عن أمير البلاد، في حزيران/يونيو الماضي.
وأضاف: "تضمّن تعهدات والتزامات صريحة وواضحة بعدم التدخل في الانتخابات، وحماية الديمقراطية".
وقال ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في خطابه: "لن نتدخل في اختيارات الشعب لممثليه، ولن نتدخل كذلك في اختيارات مجلس الأمة القادم في اختيار رئيسه أو لجانه ليكون المجلس سيد قراراته، ولن نقوم بدعم فئة على حساب فئة أخرى".
ودخل قرار حلّ البرلمان حيز التنفيذ في آب/أغسطس.
ويرى المحلل السياسي عايد المناع أنّ القيادة الكويتية في هذا الخطاب "طمأنت" الكويتيين، ما شجّع القوى السياسية والنواب السابقين المقاطعين على العودة لخوض الانتخابات.
وأصدر الأمير في 2021 عفواً عن معارضين سياسيين حوكموا على خلفية قضايا مختلفة.
ويتنافس 313 مرشحاً، بينهم 22 مرشحة، على 50 مقعداً يمثلون 5 دوائر انتخابية، وسط تطلعات بعودة المرأة إلى قاعة عبد الله السالم في مجلس الأمة، بعدما فقدت مقعدها الوحيد خلال الانتخابات التشريعية، التي جرت في كانون الأول/ديسمبر 2020.
وتمثّل النساء 51,2% من الناخبين البالغ عددهم 795920 ناخباً.
وعلى عكس الانتخابات السابقة التي خيّم عليها فيروس كورونا، سمحت السلطات للمرشحين بفتح مقرات انتخابية وتنظيم مهرجانات خطابية لعرض برامجهم الانتخابية، فيما كثّفت الأجهزة الأمنية جهودها لرصد أي محاولات لشراء الأصوات الانتخابية.
ومن المنتظر أنّ يُعلن عن النتائج رسمياً يوم الجمعة.
وتوقّع الدوسري "تعاون غالبية أعضاء مجلس الأمة الجديد مع الحكومة من أجل الإصلاح وتفكيك حالة الفساد التي طغت على البلاد مع إقرار خطة تنمية حقيقة".
وعلى غرار جيرانها، تطمح الكويت إلى تنويع اقتصادها المرتهن بشكل شبه كلي للنفط، لكن البيروقراطية وعدم وجود خطط تحول اقتصادي فعالة تهدد بوضع الدولة الحليفة للولايات المتحدة، والتي تستضيف آلاف الجنود الأميركيين، أمام صعوبات اقتصادية كبرى.
كذلك، تفتقد الكويت التي تضم خليطاً من المسلمين، ويبلغ عدد سكانها نحو 4,2 ملايين نسمة، إلى وجود قيادات شابة، على عكس الدول الخليجية الأخرى التي باتت تعيّن السياسيين والدبلوماسيين الشباب في مناصب عليا.
وأعرب الكويتيون في السنوات الأخيرة عن رغبتهم في الإصلاح والتغيير في البلد، حيث يشكل الوافدون 70% من السكان.
وتواجه الكويت تحدياً آخر يتعلق بمصير عشرات آلاف البدون، السكان الذين لا يحملون جنسية، وتتعرض لاتهامات بمعاملة هؤلاء بطريقة تمييزية.
إضافةً إلى ذلك، واجهت الكويت تحديات أمنية تمثّلت خصوصاً في وجود شبكات تدعم جماعات مسلحة في المنطقة. وقد شهدت هجمات دامية آخرها في 2015، حين فجّر انتحاري نفسه في مسجد فقتل 25 شخصاً وأصاب أكثر من 200 بجروح.
ووفق الدستور، ستقدّم الحكومة التي يرأسها الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح، نجل أمير البلاد، استقالتها غداة الإعلان عن نتائج الانتخابات.
وكانت المعارضة التي تضم في غالبيتها سياسيين اسلاميين، فازت بـ24 مقعداً من أصل 50 في الانتخابات السابقة، علماً أنّها كانت قد حصلت على انتصار تاريخي في 2012 حين حازت على أكثر من نصف مقاعد البرلمان، قبل أن يجري حلّ مجلس الأمة بعد فترة وجيزة.
وتشكّلت حكومة جديدة، في آب/أغسطس، على أثر استقالة مجلس الوزراء في نيسان/أبريل، حين كان نواب يستعدون لاستجواب رئيسه الشيخ صباح الخالد الصباح بشأن ممارسات تعتبر "غير دستورية". والحكومة التي شكلت هي الخامسة خلال عامين.