جاء ذلك في المؤتمر الصحفي للرئيس الايراني آية الله رئيسي مساء الخميس في نيويورك والذي شرح فيه المواقف الاساسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وقال: سياسة الجمهورية الإسلامية الايرانية ليست شرقية ولا غربية. أي أننا لا ننظم حياتنا السياسية وشؤوننا تحت سيطرة أي سلطة. المبدأ الأساسي في سياستنا الخارجية هو عدم الخضوع للهيمنة من قبل أي قوة وعدم الهيمنة على الآخرين.
واكد أن سياستنا الخارجية مبنية على التفاعل مع جميع الدول الشرقية والغربية على حد سواء وأضاف: قد يكون لدى البعض انطباع بأن علاقتنا مع دول الشرق مثل الصين أو روسيا هي أكثر من غيرها؛ يعود هذا الامر الى الانطباع بأن اهتمام الحكومة السابق كان على عدد قليل من البلدان المحددة في الغرب.
* رؤية الحكومة متوازنة ونحو جميع الدول
وتابع رئيس الجمهورية: ان نظرة الحكومة هي نظرة متوازنة ونحو جميع الدول. أي دولة تريد التعاون مع جمهورية إيران الإسلامية، ستكون لدينا سياسة التفاعل والتعاون معها، مع إعطاء الأولوية لدول الجوار، وسنتبع بالتأكيد أولوية سياسة الجوار.
واضاف رئيسي: إن أسلوب عملنا يظهر أننا نتبع هذه السياسة عمليًا وإذا أرادت دولة ما التعاون مع الجمهورية الإسلامية، فسنواصل بالتأكيد بنشاط هذا المجال من التعاون ولاسيما في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية.
* المجتمع البشري يعاني من الاستكبار
وصرح آية الله رئيسي بأن الغرور الذاتي امر مقيت، وأضاف: إن الذين يمارسون الاستكبار لا يظلمون أنفسهم فحسب، بل يظلمون المجتمعات أيضًا. اليوم، يعاني المجتمع البشري من الاستكبار.
وتابع: ما يعاني منه البشر على كوكب الأرض اليوم، عدا الآفات والأمراض التي يصابون بها، وجود أناس لديهم نوع من الغرور الذاتي والروح الاستكبارية، وهذه ليست فقط أسباب تدمير الذات، لكن تدمير المجتمعات ايضا.. وهذه تسبب مشاكل خطيرة. ما أشرت إليه في حديثي يوم أمس، هو وجوب نبذ الاستكبار، وعلى المجتمعات البشرية الا تفسح المجال للافراد او الحكام الذين يحملون روحا استكبارية تتبعها الاستبداد والاستعمار والاغلال.
*اغتيال الحاج قاسم كان اغتيال القائد البطل لمكافحة داعش
وصرح رئيسي انه اعتبر من واجبه رفع صورة الحاج قاسم سليماني خلال كلمته في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة: داعش أشعل النار في العراق وسوريا والكثير من الدول، لكن الشباب من إيران وأفغانستان وبعض دول المنطقة ضحوا بأرواحهم وقضوا على تنظيم داعش، وذلك بقيادة بطل الاسلام الحاج قاسم سليماني، وكان اغتياله اغتيال القائد البطل لمكافحة داعش.
وفي إشارة إلى اعتراف الأمريكيين بتشكيل داعش، أضاف: كما أعلنت في الأمم المتحدة أننا سنلاحق منفذي وآمري عملية اغتيال الحاج قاسم من خلال الإجراءات القانونية. إذا لم تجر محاكمة قتلة الحاج قاسم، فليس هناك ما يضمن أن هذا لن يحدث لغيرهم من المجاهدين والاحرار.
* لولا الحاج قاسم سليماني لكانت أوروبا اليوم تحترق في نيران الإرهابيين
وأوضح رئيس الجمهورية: لقد أخبرت السيد ماكرون قبل أيام، وأنا أقول لكم ايها الصحفيين الآن، إنه لو لم يقم الحاج قاسم سليماني وقوة "القدس" وقوات المقاومة بإيقاف داعش، لكانت اوروبا اليوم تشتعل في نيران الإرهابيين.
* بعض الدول الغربية تدعم الإرهابيين
وردا على سؤال حول ما إذا كانت الجمهورية الإسلامية لديها خطة لمقاضاة المنافقين على اغتيال 17 ألف إيراني بريء، قال: إن هذه الزمرة ارتكبت من الجرائم حدا بحيث تم وضعها على قائمة الارهاب السوداء التي تضم المنظمات الارهابية. ما حدث الآن أن الدول الغربية واميركا تتعاون مع هذه الزمرة مرة أخرى وتم ايواء بعض عناصرها في بلدانهم.
واعتبر ان هذه البلدان اصبحت ملاذا للإرهابيين وتساءل قائلا: لأي سبب ودليل أنشأت قاعدة آمنة لمنظمة أدرجتموها أنتم بانفسكم على القائمة السوداء؟
وقال آية الله رئيسي: لقد اغتالوا 17 ألف شخص في ايران، فلماذا يمارسون نشاطهم في هذه البلدان. هذا هو سؤال الشعوب الحرة في العالم.
واضاف: هؤلاء الأشخاص الذين تعاونوا مع صدام في عدوانه على الجمهورية الاسلامية على مدى 8 سنوات وفي الهجوم على الكويت وكانوا ضالعين مع صدام في جرائم كثيرة، فلماذا ينشطون الآن. هذا السؤال ينبغي على الجميع الاجابة عليه.
*اسعار النفط والغاز
كما أجاب رئيس الجمهورية على سؤال حول أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية قائلا: من الضروري أن يكون منتجو الغاز والنفط في تواصل مع بعضهم البعض وأن تتم إدارة السوق.
* الكرة الآن في ملعب الأميركيين وعليهم اتخاذ القرار
وردا على سؤال حول المفاوضات النووية قال رئيسي: أعلنا أوضاعنا الاقتصادية والسوق مرات عديدة، ولم ولن نعتمد على خطة العمل الشاملة المشتركة أو نتيجة المفاوضات. لأنه إذا تم ربط مائدة الشعب واقتصاده بالاتفاق، فسوف يتسبب ذلك في مشاكل خطيرة.
وأضاف: سياسة حكومتنا هي أن نشارك في المفاوضات ونرحب باتفاق جيد، لكن ربط اقتصاد البلاد بقضية خطة العمل المشتركة الشاملة يخلق مشاكل لاقتصاد البلاد.
وأوضح: فيما يتعلق بما يريد الأميركيون فعله بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة، فإن ادعاء الحكومة (الاميركية) الجديدة انهم يريدون ان يكونوا مختلفين عن الحكومة السابقة، وانهم يتبعون الاتفاق، وزعمهم انهم يريدون العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، الا ان السلوك الذي تم حتى الآن لم يكن مختلفا عن الحكومة السابقة أي في الممارسة والتنفيذ رأينا أن الأحداث التي كان متوقعا حدوثها أي رفع العقوبات لم تحدث. بل أضيفت بعض الامور الجديدة إلى العقوبات.
وقال: لقد أعلنا قرارنا، وعليهم اتخاذ القرار، أي أن الكرة الآن في ملعب الأميركيين، وعليهم أن يقرروا الالتزام بهذا الاتفاق. إذا أرادوا، والتزموا التزاما جادا فعليهم أن يعلنوا ويظهروا رسمياً التزامهم بهذا الاتفاق.
وقال رئيسي: إذا أظهر الأميركيون التزامهم بالاتفاق، فإننا بالتأكيد نرحب باتفاق عادل وجيد يمكن للجمهورية الإسلامية الاستفادة منه اقتصاديًا.
واضاف: "حسب تجربتنا، الأول هو خرق التزام الأميركيين، والثاني عدم وفاء الأوروبيين بالتزامهم، ويجب منحنا الحق في متابعة مطالبنا بشكل مطمئن وبطريقة مستقرة ".
* يجب إغلاق ملفات الضمان في الوكالة
وحول سؤال آخر حول الملف النووي الإيراني قال رئيس الجمهورية: لقد أكدنا دائما وأعلننا رسميا أن أهم قضية اليوم هي رفع العقوبات وأن الاتفاقية التي تجري مناقشتها لن تكون قابلة للاستمرار إذا لم يكن هناك حل للضمانات. وستكون جمهورية إيران الإسلامية دائمًا تحت التهديد ويمكن للوكالة أن تعرقلها تحت تأثير قوى خارجية أو داخلية.
وشدد آية الله رئيسي على أن إيران مستعدة للتوصل إلى اتفاق عادل ومستدام، وقال: إن مطلب هذه الاتفاقية هو تقديم ضمانات مطمئنة وحل وتسوية وإغلاق قضايا الضمان المتعلقة بإيران يعد أحد الشروط والأركان الأساسية للاتفاق.
وأضاف في الوقت نفسه: إن يد الوكالة كانت دائما مفتوحة للتحقيقات وعمليات التفتيش فيما يتعلق بالتحقق من الصناعة النووية الإيرانية، وكاميراتهم كانت تراقب دائما، وأعلنوا أكثر من 15 مرة أنه لا توجد انحرافات في أنشطتنا النووية وان أنشطتنا سلمية.
وردًا على سؤال عن سبب الاصرار على الحصول على ضمانات في الاتفاق مع الولايات المتحدة قال: الضمان مطلوب من اميركا بسبب التجربة التي نمتلكها تجاه سلوكهم، اذ ان سلوك الأميركيين يظهر أنهم ينسحبون فجأة من العقد المبرم ومن الالتزامات المترتبة عليهم ويعلنون أنهم غير مسؤولين عن الإجراءات التي كان ينبغي عليهم اتخاذها.
وذكر آية الله رئيسي: هذه تجربة وتوضح رؤيتنا المستقبلية اذ لو حصل اتفاق بدون ضمان سيتم ربطها بعقدة اخرى مثلما جرى سابقا، وبالتالي أعلنا أنه يجب عليهم تقديم ضمان للتاكد من تنفيذهم لالتزامهم.
وصرح رئيس الجمهورية أن الغربيين والأميركيين لم يلتزموا بتعهداتهم وتابع: الطرف الوحيد الذي أوفى بالتزاماته هو الجمهورية الإسلامية، ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أوفت بكل التزاماتها.
وقال رئيسي: الاتفاق لا ينبغي ان يكون شكليا بل ان تكون له نتائج ومزايا اقتصادية للجمهورية الإسلامية.
واضاف: ان قوة العقود تعتمد على الضمان وأساس الضمان والثقة هو ضمان هذا التفاهم والاتفاق، ويجب الاطمئنان الى الاتفاق موثوق ليتم على اساسها صياغة عقود اقتصادية.
* الحفاظ على حقوق الإنسان يعتمد على تجنب ازدواجية المعايير
وأشار آية الله رئيسي، إلى جرائم القتل التي تنفذها الشرطة في أميركا والدول الغربية، واعتبر حماية حقوق الإنسان بانها تعتمد على تجنب ازدواجية المعايير حتى يتم اعتبارها أمينة من قبل المواطنين.
وبشأن بعض الاحتجاجات في إيران، قال رئيس الجمهورية: الاحتجاجات، سواء كانت نقابية أو حول قضايا مختلفة، كانت دائمًا ولا تزال تُسمع. لكن يجب التمييز بين الاحتجاج والشغب. لا أحد يقبل الشغب.
وصرح آية الله رئيسي: اليوم، حرية التعبير متوفرة في جمهورية إيران الإسلامية هي بحيث يتم التعبير عن الآراء المختلفة في مختلف الأوساط السياسية والثقافية وفي وسائل الإعلام، لكن الاحتجاج يختلف عن الشغب.
وردا على سؤال حول وفاة الشابة مهسا أميني في إيران قال رئيس الجمهورية: إن الحادث الذي وقع قيد التحقيق والرأي النهائي في هذا الأمر هو للسلطة القضائية. ما يقال عن وفاة هذه السيدة، وإن كان بسبب الإهمال، سيتم التحقيق فيه بالتأكيد، وقد وعدت بمتابعة الموضوع بغض النظر عما إذا كانت المحافل الدولية تتخذ موقفا أم لا.
وأكد: نحن نبحث عن العدالة ولن نسمح بانتهاك حقوق هذه السيدة أو أي مواطن، ولكن لا ينبغي متابعة قضايا حقوق الإنسان بأسلوب مزدوج.
* يمكن لايران والدول الأعضاء في منظمة شنغهاي الاستفادة من امكانيات بعضهما البعض
وردا على رؤية إيران بشان العضوية في منظمة شنغهاي، قال: إن منظمة شنغهاي فرصة وإمكانية لجمهورية إيران الإسلامية، والجمهورية الإسلامية هي أيضا فرصة لمنظمة شنغهاي.
واشار الى ان منظمة شنغهاي تتالف من دول آسيوية، الأمر الذي يمكن أن يربطنا بالبنية التحتية الاقتصادية لآسيا، وتابع: إن تعاون الدول الأعضاء في شنغهاي بالتأكيد له فوائد للجمهورية الإسلامية ويمكنها الارتباط بالاقتصاد الموجود في هذه المنظمة والذي هو بحجم كبير. إن الصين والهند ودول أخرى أعضاء فيه وهي فرصة جيدة للغاية للتواصل مع هذه الدول في مجال القضايا الاقتصادية والتجارية وغيرها من المجالات.
وصرح آية الله رئيسي: إن عضوية إيران في هذه المنظمة هي استخدام روابط وعلاقات الجمهورية الإسلامية في الشمال والجنوب والشرق والغرب، ويمكن للجمهورية الإسلامية استغلال الفرص والقدرات الموجودة في هذه المنطقة الاقتصادية وإفادة الجانبين.
وقال رئيس الجمهورية: نعتزم متابعة التعاون التجاري والاقتصادي مع جميع الدول التي لديها أساس التفاعل مع الجمهورية الاسلامية في شرق وغرب ووسط آسيا وبين الجيران.
* يجب إنهاء الظلم ضد فلسطين
وقال آية الله رئيسي، في رده على سؤال مراسل "العربية" حول ما يمكن أن تفعله إيران حتى يحصل الفلسطينيون على حقوقهم: فلسطين محتلة من قبل المحتلين منذ 70 عامًا، ويعيش أهلها في أراضٍ أخرى مثل الأردن وسوريا ولبنان، الضفة الغربية ومناطق أخرى ونزح العديد الى غزة التي تحولت الى سجن كبير. إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، وهذا القمع ضد فلسطين يجب أن ينتهي.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن حلول الأميركيين والغربيين بابرام اتفاقيات مثل كامب ديفيد وأوسلو لم تفلح وفشلت في إعطاء الفلسطينيين حقوقهم. إنه لأمر جيد أن يؤخذ في الاعتبار اقتراح الجمهورية الإسلامية المسجل في الأمم المتحدة؛ الاقتراح هو أن يشارك الشعب الفلسطيني، من مسلمين ويهود ومسيحيين، في التصويت بصورة ديمقراطية تمامًا، ومن يُنتخب يستطيع أن يأخذ بيده زمام الامور لتحديد مصير فلسطين، وهو في الواقع طريق الحل الديمقراطي لحل القضية الفلسطينية.
وأضاف: من دون ذلك لا نعتبر أي حل يتجاهل حق فلسطين حلاً. الجمهورية الإسلامية وقائد الثورة طرحوا لاول مرة هذا الاقتراح وتم تسجيله في الأمم المتحدة وأن متابعة هذا الحل سيضع نهاية لهذا الوضع.
* شعوب المنطقة تعارض تطبيع حكوماتها العلاقات مع الكيان الصهيوني
وقال آية الله رئيسي: إن شعوب المنطقة بالتأكيد تعارض علاقات حكوماتها مع الكيان الصهيوني، وان أي علاقة مع هذا الكيان هي بمثابة خنجر في ظهر الشعب الفلسطيني. نعتقد أن هذه الحكومات مخطئة بشكل خطير فيما يتعلق بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.
* ينبغي اتباع نهج لإنهاء الحرب في أوكرانيا
وحول موقف إيران من الحرب في أوكرانيا قال رئيس الجمهورية: لقد أعلنا بأننا جاهزون للوساطة والان نعلن ذلك ايضا. يجب أن تنتهي الحرب، ويمكن متابعة جميع الخلافات من خلال الحوار.
وأضاف: في حديثي في الأمم المتحدة، قلت أيضًا إن الحل للخروج من الأزمات ليس فقط الحرب، والحرب يمكن أن تتحول إلى حوار، ويمكن حل الخلافات بالحوار. لإنهاء الحرب، يجب أن نتبع الحوار.
وردا على سؤال حول التعاون العسكري بين إيران وروسيا، قال: لدينا العديد من الاتفاقيات مع روسيا دفاعية واقتصادية وعلمية وفضائية... وهذه العلاقة مع روسيا قائمة منذ سنوات.