البث المباشر

شرح فقرة: "... وتغنيني عن المسألة الى المخلوقين"

السبت 9 إبريل 2022 - 15:38 بتوقيت طهران
شرح فقرة: "... وتغنيني عن المسألة الى المخلوقين"

إذاعة طهران- شرح دعاء علقمة: الحلقة 18

 

لا زلنا نحدثك عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ (علقمة او صفوان) وهو الدعاء الذي يتلى بعد زيارة عاشوراء المشهورة وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع يقول اسألك ان تصلي على محمد وآل محمد، الى ان يقول:

وتجيرني من الفقر، وتجيرني من الفاقة، وتغنيني عن المسألة الى المخلوقين، هذا المقطع ـ كما كررنا في لقاءات سابقة ـ يتناول طابع كثير من الادعية قضايا فردية واجتماعية وعبادية، وهذا المقطع خاص بقضايا فردية اقتصادية تتصل بالدين والفقر والفاقة، وقد حدثناك عن هذه الظواهر ولكن بقي منها التوسل بالله تعالى بان يجيرنا من الفاقة ومن المسالة الى المخلوقين وهذا ما نبدأ بالقاء الانارة عليه.

لقد وردت هاتان العبارتان اللتان تسألان من الله تعالى ان يجيرنا من الفقر ومن الفاقة اما الفقر فقد حدثناك عنه في لقاء سابق واما الفاقة فنحدثك عنها الان ونقول ان الفقر والفاقة طالما يردان في كثير من النصوص وهما في نظر بعض المعنيين باللغة بمعنى واحد، ولكن الحق ليس كذلك لان المعصوم وهو معصوم من الخطأ البلاغي ايضاً لا يستخدم فضول الكلام لان الفقر اذا كان بمعنى الفاقة فلماذا يردان في آن واحد، لذلك فلابد ان نتجه الى المصادر اللغوية الدقيقة حيث تشير المصادر الى ان الفاقة هي الفقر والحاجة وهذا يتناسب تماماً مع سياق الدعاء الذي نحدثك عنه ... كيف ذلك؟

ان الفقر هو مقابل الغنى بمعنى ان الفقر هو من لا يمتلك من المال الفائض او الزائد او حتى الكفاف وهذا على العكس من المحتاج لان الحاجة هي نقص والنقص هو اشد حالة من الفقر ولذلك فان مقطع الدعاء عندما يحدثنا عن الفاقة انما يستهدف الاشارة الى حالة شديدة هي الحاجة مطلقاً أي تتجاوز الحاجة المادية وسواها كما لو احتاج الى جاه مثلاً ليشفع له، ولذلك نجد ان مقطع الدعاء عندما ينتقل بعد ذلك الى فقرة جديدة تقول وتغنيني عن المسالة الى المخلوقين، حيث ان المسالة الى المخلوقين تتجاوز الحاجة المادية الى مطلق الحاجات والسؤال الان هو ما هي النكات الكامنة وراء المتوسل بالله تعالى بان يغني قارئ الدعاء عن المسالة الى المخلوقين؟

من البين ان الادعية كما كررنا تتناول مفهومات تربوية عامة بالاضافة الى ما هو شعائري او وجداني ان الشخصية الاسلامية لعزيزة دون ادنى شك والله تعالى لا يريد لهذه الشخصية ان تذل وتهان لذلك فان الحاجة الى المخلوقين في الغالب تقترن بالذل حيث ان المخلوق قد يرد السائل وقد يعطيه الشيء القليل وقد يقترن ذلك بالمن، وكل هذه المستويات من سلوك المخلوق تقترن بالذل وبتردي الشخصية الى مهاوي الهوان حتى من قبل سائر الطبقات الاجتماعية.

طبيعياً ورد اكثر من حديث شرعي يقول أسأل الله سبحانه بان يغنيك عن شرار خلقه وليس مطلقاً وهذا صواب بلا ادنى شك، ولكن في الآن ذاته ان الحاجة اساساً الى الاخرين لو قارناها بالغنى عنهم فان الغنى عنهم هو احب الى الشخصية واكثر عزة لها كما هو واضح.

المهم ان المقطع المذكور من الدعاء يتناول مجموعة من ظواهر الحاجات الفردية ويسأل الله تعالى بان يجير القارئ للدعاء منها، ومن ذلك الحاجة الى المال، والى الاخر سواءاً كانت الحاجة بسبب الفقر او الفاقة او الدين او مطلقاً.

ختاماً نسأله تعالى ان يجعلنا محتاجين اليه فحسب وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة