البث المباشر

ورعه

الخميس 15 نوفمبر 2018 - 20:02 بتوقيت طهران
ورعه

والتورع عن البغي اصل من اصول نفسية الامام عليه السلام وخلق من اخلاقه الكريمة وهو مظهر من مظاهر التقوى التي يمتاز بها فهو يتحاشى البغي حتى على اشد الناس خصومة له وللحق الذي هو عليه, وحتى اذا بغي عليه يبقى مصراً على التزام خطه في النأي عما له صلة بأي لون من الوان البغي..

ومن اجل ذلك كان الامام عليه السلام داعية السلم الاكبر مع كثرة الشغب والفتن التي اثارها النفعيون والوصوليون في طريق مسيرته الاصلاحية:
بذل كل ما في وسعه ان يجنب الامة المسلمة سفك الدماء وتمزق الصف حين ألح على الزبير وطلحة ان يعدلوا عن موقفهم سواء من خلال المراسة ام الوفود ام اللقاءات الشخصية المباشرة مع زبير وطلحة.
ولقد بلغ الامر بالامام عليه السلام حين التقى الجيشان في البصرة ان يدعو الزبير فيخرج الامام عليه السلام بلاسلاح, ويعانقه طولا! وربما بكى علي عليه السلام في ذلك الموقف ثم عاتب الزبير على خروجه لقتاله وذكره بعلائق المودة القديمة بينهما كما ذكره بقول رسول الله صلي الله عليه وآله فيهما: (انشدك الله يا زبير اما تذكر, قال لك رسول الله صلي الله عليه وآله يا زبير اتحب عليا, فقلت: وما يمنعني من حبه, وهو ابن خالي, فقال صلي الله عليه وآله: اما انك ستخرج عليه وانت له ظالم. فقال الزبير: اللهم بلى قد كان ذلك).
وحين افلت الزمام واصر الناكثون على اشعال نار الحرب بقى الامام عليه السلام عند موقفه الرافض للبغي والعدوان, فلنصغ اليه وهو يخاطب جنوده: (ايها لناس انشدكم الله ان لا تقتلوا مدبراً, ولا تجهزوا على جريح ولا تستحلوا سبيا ولا تأخذوا سلاحا ولا متاعا).
وحتى بعد انتهاء المعركة بقي الامام عليه السلام عند موقفه النائي عن العدوان فاعلن العفو العام عن جميع المشتركين في حربه: القيادات والقواعد على حد سواء.
وذلك الخلق العلوي تجلي في حوادث صفين من بدايتها الى نهايتها يقطع البغاة عنه طريق الوصول الى الماء وهو في حيويته لجيش مقاتل كبير مثل جيشه فلا يبادر لاستعمال العنف, بل يرسل الوفود ويبذل المحاولات لتغيير الموقف بالتي هي احسن.. لكي لا تراق للمسلمين دماء..(ولكن البغي الاموي الحاقد الذي يجسده قولهم: (ولا قطرة حتى تموت ضمأ) حمله على اصدار اوامره لقواته بالتحرك لكسر الحصار وهكذا كان.. وحين امتلك الماء اباحه لجيش عدوه منذ الساعة الاولى من سيطرة قواته عليه.
ومع اصحاب النهروان بذل الامام عليه السلام كل مسعى لاجيل ابعاد الناس عن القتال ولكن اصرارهم على قتال الامام عليه السلام حال دون بلوغهم الصراط المستقيم فعاثوا في الارض فساداً وقتولا نفوسا برئيسة واثاروا البلبلة في البلاد مما اضطر علياً عليه السلام الى قتالهم ولكن بعد محاولات عديدة منه ايضا لجمع الصف ودعوات مستمرة لاقرار السلم والقاء السيف.
وفي وصايا الامام عليه السلام لجيوشه وجباة المال والولاة مؤشرات اخرى على التزام علي عليه السلام لمنهاج اللابغي واللاعدوان على احد كائناً من كان مما ذكرنا منه طرفا في الصفحات الماضية في هذا البحث.
وما اعظم علياً امير المؤمنين عليه السلام وهو ينص في عهده لمالك الاشتر على وجوب التزام الرفق بالناس وعدم التعامل بأي لون من الوان البغي والتعالي على الناس وغمط حقوقهم المفروضة في شرع الله العظيم: (... واشعر قلبك الرحمة للرعية واللطف بهم ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم اكلهم فانهم صنفان: اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق.. فاعطهم عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى ان يعطيك الله من عفوه وصفحه..).
انصف الله وانصف الناس من نفسك ومن خاصة اهلك ومن لك هوى فيه من رعيتك فانك الا تفعل تظلم ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده ومن خاصمه الله ادحض حجته وكان لله حربا حتى ينزع او يتوب).
ولم يكن منهاج علي عليه السلام هذا خاصا بأهل مصر, انما هو منهاج الشامل لكل البلاد التي رفرفت راية دولته الكريمة عليها.
ولقد كان الامام عليه السلام يعهد الى ولاته في الامصار مثل الذي عهده الى مالك(رض) في وجوب اشاعة العدل والرفق بالناس وعدم البغي عليهم بحال من الاحوال او معاملتهم باي لون من الوان الظلم..
ولقد ذكرنا بعضا من وصاياه للولاة فيما مضى في حديث.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة