البث المباشر

إهتداء المحامي السوداني عبد المنعم حسن بركة

الأحد 28 أكتوبر 2018 - 09:24 بتوقيت طهران

السلام عليكم أحبتنا وأهلاً بكم في لقاءٍ آخر من هذا البرنامج معكم ووقفة مع الإحتجاجات الحسينية نختمها بنقل ما ذكره المفكر السوداني الإستاذ المحامي عبد المنعم حسن عن أثر الملحمة الحسينية في إهتدائه الى إعتناق مذهب مدرسة الثقلين القرآن الكريم وأهل بيت النبوة المحمدية(عليهم السلام)، كونوا معنا.

عن كتاب(الإمتاع والمؤانسة) لابن حيّان التوحيديّ، روى ابن عبد ربّه في(العقد الفريد) أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال يوماً: "ألا إنّ أبرارعترتي، وأطائب أرومتي، أحلم الناس صغارا، وأعلم الناس كبارا. ألا وإنّا – أهل البيت- من علم الله علمنا، وبحكم الله حكمنا، ومن قول صادقٍ سمعنا، فإن تتّبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا. معنا راية الحقّ، من تبعها لحق، ومن تأخّر عنها غرق".
 

نعم، أيّها الإخوة الأكارم، هؤلاء هم أهل البيت، ومنهم أبو عبد الله الحسين عليه السلام، وهو أحد العدول فيهم، وقد كتب الله تعالى بقلم مشيئته وحكمته وإرادته أن يكونوا سلام الله عليهم نافين عن دينه كلّ تحريفٍ يأتي به الغالون، وكلّ انتحالٍ يورده المبطلون، وكلّ تأويلٍ يتكلّفه الجاهلون!
 

روى البغداديّ في(تاريخ بغداد)، وابن سعدٍ في(الطبقات الكبرى)، وابن عساكر الدمشقيّ الشافعيّ في(تاريخ دمشق)، والذهبيّ الشافعيّ في(تاريخ الإسلام)، والكنجي الشافعيّ في(كفاية الطالب)، وكذا ابن حجر المكيّ الشافعيّ في(الصواعق المحرقة)، وغيرهم، أنّ الحسين عليه السلام جاء في صباه إلى الخليفة الثاني وهو على المنبر، فقال له: إنزل عن منبر أبي. فقال له الخليفة الثاني: منبر أبيك، لا منبر أبي. ثمّ أخذه فأقعده إلى جنبه وقال له: (وهل أنبت الشّعر على رؤوسنا إلاّ أبوك). وفي رواية ابن الأثير في(الإصابة في معرفة الصحابة) أنّه قال للحسين عليه السلام: "فإنّما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثمّ أنتم".
 

إخوتنا الأعزّة الأفاضل... إنّ العلم الذي تحلّى به أهل البيت، ومنهم أبو عبد الله الحسين سلام الله عليهم وعليه، هو علمٌ إلهيّ، فيه البصيرة القاطعة، وفيه الشجاعة الفائقة، وفيه الحكمة العالية، فحينذاك يكون ذلك العلم نافعاً هادياً، وحجّةً على كلّ من عاند أو غالط أو أصّر.
 

قيل لمعاوية يوماً: إنّ الناس قد رموا بأبصارهم إلى الحسين، أي أخذوا ينظرون إليه بإعجابٍ وإجلال، فلو قد أمرته يصعد المنبر و يخطب، فإنّ فيه حصراً(أي عجزاً)، أو في لسانه كلالة!
 

فقال لهم معاوية- وقد خشي من التورّط في هذا الأمر: قد ظننّا ذلك بالحسن، فلم يزل حتّى عظم في أعين الناس وفضحنا. فلم يزالوا بمعاوية يلحّون عليه حتّى قال للحسين عليه السلام: يا أبا عبد الله، لو صعدت المنبر فخطبت. فصعد الإمام الحسين المنبر، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، وصلّى على النبيّ صلّى الله عليه وآله، وهنا اعترض الجوّ رجلٌ قائلاً باستنكارٍ أو استجهال: من هذا الذي يخطب؟! فأجابه الحسين سلام الله عليه:
"نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسول الله الأقربون، وأهل بيته الطيّبون، واحد الثّقلين اللّذين جعلنا رسول الله صلّى الله عليه وآله ثاني كتاب الله تبارك وتعالى، الذي فيه تفصيل كلّ شيء، لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والمعوّل علينا في تفسيره، ولايبطينا تأويله، بل نتّبع حقايقه، فأطيعونا، فإنّ طاعتنا مفروضة، أن كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة". قال الله عزّوجلّ "أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ"(سورة النساء٥۹). وقال: "وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً"(سورة النساء۸۳).
 

ثمّ قال أبو عبد الله الحسين صلوات الله عليه يدلي في مجلس معاوية بحجّـته في نصائح كافية، ومواعظ شافية، يهتدي بها من ألقى السمع وهو شهيد... قال مخاطباً كلّ من حضر، وكلّ من سيأتي ويحضر: "أحذّركم الإصغاء إلى هتوف الشيطان بكم، فإنّه لكم عدوٌّ مبين، فتكونوا كأوليائه".
 

وهنا انهار معاوية وأحرج، فلم يطق السكوت والحسين يكشف الأمور الفاضحة لحكم بني أميّة وشياطينهم الغاوين، وينبّه الهمج الرّعاع التابعين لهم والناعقين! فصاح معاوية: حسبك يا أبا عبد الله، قد بلغت.
 

كانت تلك، أيّها الإخوة الأعزّة الأحبّة، إحدى احتجاجات الحسين عليه السلام، وقعت، كبقيّة احتجاجاته، حجّةً على المسلمين على امتداد التاريخ، فمن أصاب حظّه اهتدى بها، ومن أخطأ حظّه ولّى مجانباً للحقيقة هارباً منها. كذلك كانت له احتجاجاتٌ أخرى مع معاوية أيضاً حين أمر بلعن أمير المؤمنين عليٍّ صلوات الله عليه وقتل شيعته، وقتل من يروي شيئاً من فضائل عليٍّ سلام الله عليه، فانبرى الحسين يذكر فضائل أبيه الإمام بحقّ، وبيان محقّ وبأدلّةٍ ساطعة، وبراهين مقنعة، فأظهرت تلك الاحتجاجات ما كان خفي على الناس، على خلاف ما ابتغى معاوية، فقمعه وقمع بطانته ومنهم مروان بن الحكم، وأثبت الحجج على جميع الناس وعلى مدى التاريخ، فشقي من جحد تلك الحجج البيّنات، وفاز من قبلها واهتدى بأنوار الحسين.
 

إخوتنا الأحبة.... ومثلما إهتدى فريقٌ من الناس الى الدين الحق باحتجاجات سيد الشهداء(عليه السلام) فقد اهتدى أضعافهم وعلى مدى التأريخ الإسلامي ببركة الملحمة التي سطرها في واقعة كربلاء... وإهتدوا ببركة تضحياته العظيمة الى الدين الحق... ومن هؤلاء المفكر السوداني الأستاذ المحامي عبد المنعم حسن الذي أعلن إعتناقه مذهب أهل البيت النبوي(عليهم السلام) سنة ۱۹۹۲ للميلاد وها نحن ننقل لكم مقطعاً مما ذكره في كتابه(بنور فاطمة اهتديت)... تابعونا مشكورين... .
 

قال الإستاذ عبد المنعم حسن في معرض حديثه عن قصة إهتدائه في كتابه المذكور(بنور فاطمة إهتديت) قضية الحسين(عليه السلام)... هي من أولى القضايا التي أخذت مساحة من دواخلي وعمقت جرحاً أحسست به منذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها الحقائق تنكشف مزيحة جهلاً ووهماً كنّا نعيشه بايعاز وتخطيط من أولئك الذين حرفوا الحقائق وفقاً لأهوائهم ورغباتهم، قضية الحسين هي من القضايا التي أراد أعداء الإسلام أن لاتبرز للناس لأنها تمثل حلقة من حلقات الصراع بين الحق والباطل، وتعتبر من أنصع صفحات التأريخ في قضية الجهاد والتضحية في سبيل رسالة السماء... .
لقد إستوقفتني قضية الحسين(عليه السلام) كثيراً كما إستوقفتني قضية أمه الزهراء(عليها السلام) وأنا أبحث عن جهة الحق، قرأت وسمعت عن قصة الحسين وعشت معه(عليه السلام)، تارةً أبكي وأخرى ألعن من ظلمه، وتارة أتامل في واقع أمةٍ كهذه، لم اسمع بمثل هذه البشاعة من قبل، أو سمعت ولكن، كالعادة كنت مخدراً بمقولة أن ما جرى في صدر الإسلام مروراً بالأمويين والعباسيين لايجب علينا أن نبحث فيه ولا أن نتساءل ما هو جذر المشكلة لأن ذلك سيقودنا الى نتائج ربما تخدش في اولئك المقدسين... (كما يقول مروجو تلك المقولة) إن قضية الحسين(عليه السلام) تضعنا أمام أسئلة كثيرة وعلامات إستفهام، الإجابة عليها ستفضي بنا الى الحسين كقضية لم يقتل في كربلاء... بل إنّ أصل القضاء يرجع الى ما بعد وفاة رسول الله، صلّى الله عليه وآله.
كان هذا – إخواتنا وأخواتنا مستمعي اذاعة طهران، صوت الجمهورية في ايران- بعض ما قاله المفكر والمحامي السوداني الإستاذ عبد المنعم حسن في كتابه(بنور فاطمة إهتديت) وهو يتحدث عن أثر الملحمة الحسينية في إهتدائه وإعتناقه مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، وبذلك نختم لقاء اليوم من برنامج(بالحسين إهتديت)، تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعاية الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة