البث المباشر

تفسير موجز للآيات 46 الى 50 من سورة الزمر

الأربعاء 15 إبريل 2020 - 00:18 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 861

بسم الله الرحمن الرحيم الرحيم الحمد لله وأزكى الصلاة والسلام على سيد الأنام محمد وآله الكرام أيها الاحبة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. معكم في حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة ووقفة جديدة عند تكملة ايات أخرى من سورة الزمر المباركة..آيات هذه الحلقة هي 46 حتى الاية 50 منها فلنبدء بالاستماع إلى تلاوة مرتلة للاية 46 من هذه السورة المباركة :

قُلِ اللَّـهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿٤٦﴾

بعد أن تقدم الكلام في الحلقة الماضية عن اشمئزاز المشركين من التوحيد وتعلقهم بالأصنام التي اعتبروها شفعاء لهم عند الله تأتي الأية المباركة لتأمر النبي الأكرم (ص) أن يتركهم ويتوجه الى الباري عزوجل و يشتكي إليه من هؤلاء بلحن مليء بالعواطف الرفيعة والعشق الالهى لكي يبعث على تسكين قلبه المليء بالغم من جهة، وعلى تحريك العواطف الهامدة عند اُولئك من جهة اُخرى: (قل الّلهم فاطر السمموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون). أجل، أنت الحاكم المطلق في يوم القيامة الذي تنتهي فيه الخلافات وتظهر فيه كلّ الحقائق المخفية، لانك خالق كلّ شيء في الوجود وعالم بكل الأسرار فتنتهي الاختلافات بحكمك العادل، وهناك يدرك المعاندون مدى خطئهم، ويفكرون في إصلاح ما مضى، ولكن ما الفائدة؟

والان نتأمل في بعض الدروس التي تقدمها الاية المباركة :

  • إن الذي خلق السموات والارض هو أعلم بظاهرها وباطنها .
  • إن الله يقضي بين العباد على أساس العلم والمعرفة بما أبداه الإنسان وما أخفاه .

والان نستمع إلى تلاوة مرتلة للايتين 47 و48 من سورة الزمر المباركة:

وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّـهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ﴿٤٧﴾

وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٤٨﴾ 

تؤكد الاية المباركة أن الذين ظلموا سيذوقون العذاب لا محالة ، العذاب الذي لم يكن يتوقعه أحد منهم، لأنّهم كانوا مغرورين بلطف الله، في حين كانوا في غفلة عن غضبه وقهره. وأحياناً كانوا يقومون بأعمال يتصورونها حسنة، في حين أنّها كانت من الذنوب الكبيرة.على أيّة حال، تظهر لهم في ذلك اليوم أُمور لم يكن يتصور أحد ظهورها. وفي الآية التالية توضيح أو تتمة لهذا الموضوع إذ تقول: (وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون).في الحقيقة هناك أربعة مواضيع تتعلق بالمشركين والظالمين طرحت في هذه الآيات:

  •  إنّ هول ورهبة العذاب الإلهي في ذلك اليوم ستكون من الشدّة بحيث تجعل المعذبين يتمنون لو أنّهم كانوا يمتلكون ثروات وأموال مثلما كانوا يمتلكونها في الدنيا ليفتدوا بها من سوء العذاب، ولكن من المستحيل أن يحدث مثل هذا الأمر في يوم القيامة.
  •  تظهر أمامهم أنواع من العذاب الإلهي الذي لم يكن أحد يتوقعه ولا يتصوره.
  •  تتجسد أعمالهم السيئة أمامهم .
  •  يشاهدون حقيقة المعاد الذي لم يأخذوه مأخذ الجد، ومن ثمّ تنغلق كلّ أبواب النجاة أمامهم.

 

والان نستمع إلى تلاوة الايتين 49 و50 من سورة الزمر المباركة:

فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ۚ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٤٩﴾ 

قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿٥٠﴾

الآيات هنا تتحدث مرّة اُخرى عن المشركين والظالمين، وتعكس صورة اُخرى من صورهم القبيحة هم الذين كانوا يشمئزون من ذكر اسم الله هم أنفسهم يلجؤون إلى الله عندما يصيبهم الضرّ ويتعرضون للشدائد. لكن هذا اللجوء مؤقت، فما إن يتفضّل عليهم الباريء عزّوجلّ ويكشف عنهم الضر والشدائد، حتى ينسوا هذا الفضل و يتبجحون ناكرين لهذه النعم، زاعمين بأنّهم هم الذين أنقذوا أنفسهم من ذلك الضر. ثم يجيب القرآن الكريم على أمثال هؤلاء المغرورين، الذين ينسون أنفسهم وخالقهم بمجرّد زوال المحنة وتوفّر النعمة، قائلا: (بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون).فالهدف من إبتلائهم بالحوادث الشديدة والصعبة، ومن ثمّ إغداق النعم الكبيرة عليهم هو اظهار خباياهم والكشف عن بواطنهم. تشير الاية إلى بعض الدروس منها :

  • من خلال الشدائد و أزمات الحياة يدرك الانسان كم هو ضعيف أمام قدرة الله ، الأمر الذي يدفعه للوعي واليقظة و اللجوء إلى الله تعالى .
  • في كثير الأحيان تمهد حالات الرخاء والترف لإصابة الانسان بالغفلة عن ذكر الله و الإصابة بالغرور والتكبر.
  • إن الشدائد و النعم كلاهما من أسباب اختبار الإنسان حتى يكشف الدهر عن جوهره الحقيقي فهو إمام أن يكون شاكرا أم كافرا.

 

إلى هنا وتنتهي حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة شكرا على المتابعة و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة