البث المباشر

تفسير موجز للآيات 38 الى 41 من سورة سبأ

الإثنين 13 إبريل 2020 - 15:31 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 783

بسم الله الرحمن الرحيم الحَمْدُ للهِ خالِقِ الخَلْقِ باسِطِ الرِّزْقِ، فالِقِ الاِصْباحِ، ذِي الجَلالِ وَالاِكْرامِ و صلى الله على سيد الأنام محمد واله الأئمة الكرام. السلام عليكم أحبتنا الكرام ورحمة الله وبركاته أهلا بكم إلى نهج الحياة ووقفة أخرى عند ألايات 38 إلى 41 من سورة سبأ المباركة . والبداية إليكم تلاوة مرتلة للاية 38 من هذه السورة:

وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَـٰئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ﴿٣٨﴾

انتهت آيات الحلقة الماضية بتأكيد حقيقة أن الأموال و الأولاد لا تأتي دائما بالسعادة الأخروية للانسان بل إن الإيمان والعمل الصالح هما الأساس في بلوغ الفرد السعادة في الأخرة . و جاءت هذه الآية لتصف الفريق المقابل لهؤلاء، لتؤكد أن هؤلاء الذين يسعون ويجتهدون لتسفيه آيات الله تعالى ، لا يؤمنون ولا يتركون غيرهم ليسيروا في طريق الإيمان، فيتوهّمون أنّهم يستطيعون الفرار من يد القدرة الالهية ، هؤلاء يحضرون في عذاب أليم يوم القيامة (والذين يسعون في آياتنا معاجزين اُولئك في العذاب محضرون).

هؤلاء هم الذين اعتمدوا على أموالهم وأولادهم وكثرة عددهم لتكذيب الأنبياء، وعملوا على إغواء عباد الله، حتّى بلغ غرورهم درجة أن توهّموا أنّهم يفلتون من قبضة العذاب الإلهي، ولكن هيهات فانّ مصيرهم في قلب جهنّم.

و إليكم الان بعضا من الدروس التي تقدمها الاية الشريفة:

  • أصحاب الثروات والأموال الذين يصرفون أموالهم في سبيل القضاء على الحق ومنع انتشاره في الأرض سيجزيهم الله على فعالهم تلك .
  • أعداء الدين في سعي دؤوب لمواجهة الدين الحق فأين نحن من تلك المساعي والمحاولات.
  • عبارة (اُولئك في العذاب محضرون) ليس فيها ما يدلّل على الزمان الآتي فقد تكون إشارة إلى كون هؤلاء مأسورين بالعذاب حتّى في الوقت الحاضر.

 

والان نستمع إلى تلاوة الاية 39 من سورة سبأ:

قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴿٣٩﴾

تعود هذه الآية لتؤكّد مرّة اُخرى خطأ الذين يتوهمون بأنّ أموالهم وأولادهم بسبب قربهم من الله. فمع أنّ محتوى هذه الآية يؤكّد ما عرضته الآيات السابقة إلاّ أنّ هناك لفتة جديدة من ناحيتين : الاُولى هي أنّ الآية السابقة التي عرضت نفس المفهوم، كانت تتحدّث عن أموال وأولاد الكفّار، بينما الآية محلّ البحث باحتوائها على كلمة "عباد" تشير إلى المؤمنين،فإنّ سعة وضيق الرزق لا يمكن أن يشكّل دليلا على أي شيء.الثّانية: هي ان الآية السابقة أشارت إلى سعة الرزق وضيقه بالنسبة إلى مجموعتين مختلفتين، في حين أنّ هذه الآية تشير إلى حالتين مختلفتين بالنسبة لشخص واحد، حيناً يتّسع رزقه وحيناً يضيق.

وإضافةً إلى أنّ ما جاء في بداية هذه الآية فهو في الحقيقة مقدّمة لما جاء في آخرها، وهو الترغيب في الإنفاق في سبيل الله.

ترشدنا الأية إلى دروس منها:

  • إن تفاوت الناس في مستوى أرزاقهم هو امر بيد الله وهذا التفاوت وسيلة من وسائل تربية الانسان وتهذيبه.
  • المهم هو الانفاق وليس مقداره.
  • ليس الانفاق بالمال وحده بل يكون بكل نعمة وهبها الله للانسان.

 

والان اليكم تلاوة الايتين 40 و41 من سورة سبأ المباركة:

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَـٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ ﴿٤٠﴾ 

قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم ۖ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ۖ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ ﴿٤١﴾

لقد كان من العقائد الباطلة لدى المشركين هو الاعتقاد بشفاعة الملائكة في يوم القيامة . ولذلك فقد كانوا يعبدون الملائكة ويكنون لهم احتراما خاصا ولذلك فقد ردّ القرآن على هذا الإدّعاء الباطل فقال: (ويوم يحشرهم جميعاً ثمّ يقول للملائكة أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون).و بديهي أنّ هذا السؤال ليس من باب الإستفهام عن الجواب، لأنّ الله تعالى عالم بكلّ شيء، ولكن الهدف هو أن تظهر الحقائق من إجابة الملائكة، لكي يخسأ هؤلاء الضالّون ويخيب ظنّهم، ويعلموا بأنّ الملائكة مستنكرون أعمالهم، فيصيبهم اليأس إلى الأبد . ولكن بم تجيب الملائكة ..؟ لقد إختارت الملائكة في الحقيقة أكثر الأجوبة شمولية وأعظمها أدباً (قالوا سبحانك أنت وليّنا من دونهم بل كانوا يعبدون الجنّ أكثرهم بهم مؤمنون). إنّ العامل الأساسي لهذا الفساد هم الشياطين، وإن كان الظاهر أنّهم يعبدون الملائكة ، فالمهمّ هو الكشف عن الوجه الحقيقي لهذا العمل أمام الملأ.

نستلهم من الايتين دروسا منها:

  • في بعض مراحل التاريخ البشري كان الناس يعبدون الملائكة اعتقادا منهم أنهم سيشفعونهم عند الله . فكانت عبادتهم لنيل شفاعتهم.
  • ينبغي أن ينتبه الانسان إلى مزالق الشياطين الذين يزينون الخبائث والأرجاس و يقدموها للانسان في قوالب جميلة.

 

ايها الاحبة كنتم مع برنامج نهج الحياة ... في الختام نشكركم على طيب متابعتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة