البث المباشر

تفسير موجز للآيات 69 الى 73 من سورة الأحزاب

الإثنين 13 إبريل 2020 - 10:13 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 773

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله الطيبين الطاهرين . احبائنا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته و طابت أوقاتكم و أهلا بكم إلى وقفتنا الأخيرة الايات الختامية من سورة الأحزاب المباركة .نصغ بداية إلى تلاوة مرتلة للاية التاسعة والستين منها:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ اللَّـهُ مِمَّا قَالُوا ۚ وَكَانَ عِندَ اللَّـهِ وَجِيهًا ﴿٦٩﴾

بعد البحوث التي مرّت في الحلقات السابقة حول وجوب إحترام مقام النّبي (ص)، وترك كلّ ما يؤذيه والإبتعاد عنه، فقد وجّهت هذه الآيات الخطاب للمؤمنين، وقالت: (ياأيّها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرّأه الله ممّا قالوا وكان عند الله وجيهاً). إنّ إختيار موسى (ع) من جميع الأنبياء الذين لطالما اُوذوا في سبيل الدعوة إلى الله تعالى هو بسبب أنّ النبي موسى (ع) تعرض للأذي أكثر من أي نبي آخر، إضافةً إلى أنّ بعض أنواع الأذى التي رآها كانت تشبه أذى المنافقين لنبي الإسلام (ص).

ترشدنا الاية المباركة الي تعاليم مهمة منها:

  • إن بث الإشاعات وإيكال التهم الموجهة إلى القيادات الدينية والتشكيك في صحتهم وسلامتهم الجسمية والنفسية من أساليب الأعداء للقضاء على الدين.
  • إن الإيمان بالانبياء وعصمتهم من الأخطاء والزلل وطهارة أرواحهم من الخبائث والأرجاس هو من لوازم الإيمان بعبودية الله تعالى .
  • إن كل إنسان طاهر ولا سيما من أرسلهم الله إلى البشر مبشرين ومنذرين فهم يحظون بتأييد الله تعالى ودفاعه عنهم أمام التهم و الإشاعات الكاذبة ويكرمهم تكريما . وهذا ما يجب علينا القيام به تجاه الانبياء والاولياء الصالحين .

 

والان دعونا ننصت إلى تلاوة الاية 70 و71 من سورة الاحزاب المباركة ..

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴿٧٠﴾ 

يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴿٧١﴾

تصدرهذه الآية أمراً هو في الحقيقة علاج لهذا المرض الإجتماعي الخطير، فتقول: (ياأيّها الذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولا سديداً)."القول السديد" من مادّة (سد) أي المحكم المنيع الذي لا يعتريه الخلل، والموافق للحقّ والواقع، ويعني القول الذي يقف كالسدّ المنيع أمام أمواج الفساد والباطل.ثمّ تبيّن الآية التالية نتيجة القول السديد، فتقول: (يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم).

إنّ التقوى في الواقع هي دعامة إصلاح اللسان وأساسه، ومصدر قول الحقّ، والقول الحقّ أحد العوامل المؤثّرة في إصلاح الأعمال، وإصلاح الأعمال سبب مغفرة الذنوب، وذلك لـ (انّ الحسنات يذهبن السيّئات).ومن الرائع جدّاً ما ورد في حديث آخر عن الإمام السجّاد (ع): "إنّ لسان ابن آدم يشرف كلّ يوم على جوارحه فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا.

نستلهم معاني ودروسا من هاتين الايتين نذكر منها:

  • لا يبلغ المرء الإيمان إلا بالتقوى ولا ينال التقوى إلا بالقول الحق أو القول السديد.
  • لا يكفي أن يكون الكلام جميلا بل يجب أن يكون ذات مضامين حقة وسديدة.
  • لو التزم الانسان بالتقوى قدر المستطاع فإن الله سيغفر له زلاته و يصلح أمره.

 

والان ننصت إلى تلاوة 72 و73 من سورة الاحزاب:

 إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴿٧٢﴾ 

لِّيُعَذِّبَ اللَّـهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّـهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿٧٣﴾

إنّ السموات والأرض والجبال تمتلك نوعاً من المعرفة الإلهية، فهي تسبّح الله ، وتخضع لعظمته بشكل ذاتي وتكويني، ولذلك ليس فيه تكامل ورقي، والكائن الوحيد الذي لا ينتهي منحنى صعوده ونزوله، وهو قادر على ارتقاء قمّة التكامل بصورة لا تعرف الحدود، وأن يقوم بكلّ هذه الأعمال بإرادته وإختياره، هو الإنسان، وهذه هي "الأمانة الإلهيّة" التي امتنعت من حملها الكائنات سوي الإنسان!

وإلى بعض من تعاليم الايتين:

  • إن من مصاديق الظلم هو عدم الاستثمار الصحيح للنعم والمواهب الإلهية للتكامل الروحي والنفسي لدى الانسان.
  • إن الأمانة الإلهية تحمل الانسان مسؤولية كبرى فإن قصر الانسان في أداء هذه الأمانة سيذوق العذاب الأليم.

 

الى هنا نصل الى ختام وقفتنا عند هذه الايات المباركة من سورة الاحزاب المباركة حتى الحلقة القادمة نستودعكم الله الذي لا تضيع عنده الودائع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة