البث المباشر

تفسير موجز للآيات 55 الى 58 من سورة الأحزاب

الإثنين 13 إبريل 2020 - 08:57 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 770

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد و اله الطيبين الطاهرين. مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مازلنا في أجواء سورة الاحزاب حيث نتوقف عند الايات 55 حتى الـ 58 منها. في بداية هذا اللقاء ننصت خاشعين الى تلاوة الاية 55 من سورة الاحزاب المباركة:

لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ۗ وَاتَّقِينَ اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ﴿٥٥﴾

جري الحديث في الحقلة الماضية عن الحكم حول حجاب نساء النّبي مطلقاً، ويمكن أن يوهم هذا الإطلاق بأنّ المحارم مكلّفون بتنفيذه أيضاً، وأن يحدّثوهنّ من وراء حجاب كالأجانب، فقد نزلت هذه الآية وفصلت حكم هذه المسألة. تقول الآية: (لا جناح عليهنّ في آبائهنّ ولا أبنائهنّ ولا إخوانهنّ ولا أبناء إخوانهنّ ولا أبناء أخواتهنّ ولا نسائهنّ ولا ما ملكت أيمانهنّ).

والجدير بالذكر أنّ كلمة "نسائهنّ " إشارة إلى النساء المسلمات، وذلك لأنّ من غير اللائق بالنساء المسلمات أن يكنّ بدون حجاب أمام غير المسلمات، إذ أنّ من الممكن أن يجري وصفهن علي لسان غير المسلمات لأزواجهنّ .

و لا شك ان الحجاب والستر وأمثالهما وسائل للحفظ والإبعاد عن الذنب والمعصية ليس إلاّ، و الدعامة الأساسية هي التقوى فحسب، ولولاها فسوف لا تنفع كلّ هذه الوسائل.

ترشدنا الاية الي مفاهيم نذكر منها ما يلي:

  • ليس في الإسلام احراج و عسر، فالأقارب من الدرجة الأولى والذين تكثرالزيارة فيما بينهم فقد اعتبرهم الاسلام من المحارم و قد حددهم في الاية.
  • ينبغي أن تبنى العلاقات الأسرية والمجتمعية سواء مع المحارم أوغير المحارم على أساس التقوى و العفاف وكون الفرد من المحارم لا يدعو إلى عدم مراعاة العفاف والتقوى.

و الان نستمع إلى تلاوة الاية 56 من سورة الاحزاب:

 إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿٥٦﴾ 

إنّ هذه الآية تتحدّث عن حب الله وملائكته للنّبي (ص) وتعظيمهم له، وبعد ذلك تأمرالمؤمنين بذلك. إنّ مقام النّبي (ص) ومنزلته من العظمة بمكان، بحيث أنّ خالق عالم الوجود، وكلّ الملائكة الموكّلين بتدبير أمر هذا العالم بأمر الله سبحانه يصلّون عليه، وإذا كان الأمر كذلك فتأمر المؤمنين بضم أصواتهم إلى نداء عالم الوجود هذا، فـ (ياأيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً).

إنّه جوهرة نفيسة لعالم الخلق، وقد جُعل بينكم ايها الناس بلطف الله، فلا تستصغروا قدره، ولا تنسوا مقامه ومنزلته عند الله وملائكته إنّه إنسان ظهر من بينكم، لكنّه ليس إنساناً عادياً، بل هو إنسان يتلخّص عالم الوجود في وجوده.

يروي "أبو حمزة الثمالي" عن "كعب" - وهو أحد أصحاب النّبي (ص) أنّه قال: لمّا نزلت هذه الآية قلنا: قد عرفنا السلام عليك، فكيف نصلّي عليك؟ فقال: "قولوا: اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك على محمّد وآل محمّد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد" نتعلم من الاية المباركة:

  • عندما يصلي الله وملائكته علي رسول الله (ص) تكريما على ما بذله من جهود مضنية في سبيل الاسلام على المؤمنين أن يظهروا تكريمهم لرسول الله قولا وعملا .
  • التسليم القولي يصدقه التسليم العملي للنبي (ص) ، لأنّ من يسلّم عليه ويرجو من الله سلامته، يعشقه ويعرفه كنبي مفترض الطاعة.

 

و الان ننصت الي تلاوة الاية 57و 58 من سورة الاحزاب:

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّـهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ﴿٥٧﴾

 وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴿٥٨﴾ 

تذكرالايتان العواقب المشؤومة الأليمة لاُولئك الذين يؤذون النّبي (ص) وتبيّن الاية التالية عظم ذنب الذين يؤذون المؤمنين بإتّهامهم والإفتراء عليهم.

إن لإيذاء نبي الإسلام (ص) معنى واسعا، ويشمل كلّ عمل يؤذيه، سواء كان الكفر والإلحاد ومخالفة أوامر الله والإفتراءات والتّهم، التي أشارت إليها الايات القرانية .ويستفاد من الرواية الواردة في ذيل الآية أنّ إيذاء أهل بيت النّبي وخاصّة علي وفاطمة (ع) ، يدخل ضمن الآية. نستلهم من الايتين مفاهيم نذكر منها:

  • إن أذية الأخرين القولية والعملية تسبب حرمان الفرد من الرحمة الالهية.
  • إن للاتهام والتحقير والاستهزاء اثارا وتبعات يراها الانسان في الدنيا قبل الاخرة.

والى هنا نحن مسمعينا الكرام وصلنا الى ختام حلقة اخري من برنامج نهج الحياة ... و السلام عليكم ورحمة وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة