البث المباشر

تفسير موجز للآيات 43 الى 48 من سورة الأحزاب

الإثنين 13 إبريل 2020 - 07:04 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 767

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة على رسول الأنام محمد وآله الطاهرين .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة وأهلا بكم إلى نهج الحياة حيث نواصل التأمل في ايات أخرى من سورة الأحزاب المباركة وهي 43 حتى 48 .. دعونا في البداية ننصت إلى تلاوة الايتين 43 و44 من هذه السورة المباركة:

هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴿٤٣﴾

تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ۚ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ﴿٤٤﴾

حثت الايات السابقة المؤمنين على ذكر الله تعالى في جميع الأحوال والشؤون ليصل الدور في هذه الاية للحديث عن فائدة ذكر الله وهي أن من يذكر الله تعالى فالله تعالى يذكره أيضا أو كما يقول القران «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ...» هذه الآية بمثابة نتيجة التسبيح و ذكرالله في الواقع، فهي تعد المؤمنين بإخراجهم من ظلمات الشرك والكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم والتقوى وبسبب هذه الرحمة كتب على نفسه هداية البشر وإرشادهم، وأمر ملائكته أن تعينهم في ذلك. ولولا رحمته سبحانه فإنّ هذا الطريق المليء بالمنعطفات والعراقيل لا يكون من السهل سلوكه.

نستلهم من الايتين دروسا منها:

  •  إن العقل والعلم البشري لا يكفيان من أجل خلاص الانسان من ظلمات الجهل فهو بحاجة إلى المدد الالهي وذكره وتسبيحه ليتلقى الهداية والرحمة الالهية .
  •  إن الايمان الحقيقي هو مفتاح تلقي الرحمة الالهية ، التي تنزل بالهداية للانسان إلى ما فيه خيره وصلاحه .
  • إن أهل الجنة يتبادلون التحية فيما بينهم بالسلام وعليه فقد أكدت تعاليم الاسلام استخدام هذه الكلمة فيما بين المؤمنين عندما يلتقي بعضهم بعضا.

 

و الان ننصت إلى تلاوة الايتين 45 و46 من سورة الاحزاب المباركة:

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿٤٥﴾

 وَدَاعِيًا إِلَى اللَّـهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا ﴿٤٦﴾

"خمس صفات" للنبي(ص) تستعرضهما الايتان المباركتان و هي كالتالي :

تقول الآية: (إنّا أرسلناك شاهداً) فهو من جانب شاهد على أعمال اُمّته ومن جانب آخر شاهد على الأنبياء الماضين الذين كانوا شهوداً على اُممهم و قد جاء هذا المفهوم في ايات اخري. ثمّ تقول الآية: (ومبشّراً ونذيراً) فهو مبشّر للمحسنين بثواب الله اللامتناهي ونذير للكافرين والمنافقين من عذاب الله الأليم.

وأشارت الآية التالية إلى الصفة الرّابعة والخامسة، فقالت: (وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً). فكما أنّ بزوغ الشمس دليل على وجود الشمس، فكذلك وجوده (ص) دليل على كونه حقّاً، ودليل على أحقّيته.

ترشدنا الايتان إلى مفاهيم نذكر منها ما يلي:

  •  لم يكن رسول الله (ص) داعيا إلى الله تعالى بلسانه فحسب بل إنه خير مثال يجسد ما يقوله ويدعو الناس إليه .
  •  إن النبي الأكرم شاهد على أعمال أمته . إذن على الفرد أن يراقب سلوكه وتصرفاته لان الاعمال تعرض على النبي (ص) .
  •  إن التربية الناجحة تعتمد على اقتران التبشير والإنذار معا و لوفقد احدهما في العملية التربوية لأدى إلى ظهور حالة التكبر أو اليأس عند الأفراد.

 

و الان نستمع إلى تلاوة الايتين 47 و 48 من سورة الاحزاب المباركة:

وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّـهِ فَضْلًا كَبِيرًا ﴿٤٧﴾ 

وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا ﴿٤٨﴾

أشارت الايات السابقة إلى التبشير والانذار كاسلوبين تربويين مهمين امر الله نبيه بالاعتماد عليهما في الدعوة الى الله تعالى . فالبشارة لمن آمن وعمل صالحا و اجتنب المحرمات فهو من يتلقى بشارة الرحمة الالهية والاجر العظيم . و أما الانذار الالهي فهوموجه للمنافقين والكفار و ليسوا وحدهم يعيشون الانذار الالهي بل حتى اولئك الذين يسعون وراء إرضائهم و خدمتهم .

ثم تقول الاية مخاطبا النبي : وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ . فلا شكّ أنّ رسول الله (ص) لم يطع الكافرين والمنافقين مطلقاً، إلاّ أنّ هذا الموضوع من الأهميّة بمكان، ولذلك أكّدت الآية هذا الموضوع بالخصوص من باب التأكيد على النّبي (ص) وتحذير الآخرين، فهي تحذّرهم من الأخطار والعقبات المهمّة التي تعترض طريق القادة المخلصين، والتي تجرّهم إلى المساومة والتسليم أثناء المسيرة، وتتهيّأ أرضية هذا التسليم عن طريق التهديد تارةً، وعن طريق منح التنازلات تارةً اُخرى، حتّى أنّ الإنسان قد يشتبه أحياناً فيظنّ أنّ الخضوع والإمتثال لمثل هذه المساومة والإستسلام هو طريق الوصول إلى الهدف. في حين أنّ نتيجة هذا الإستسلام هي إجهاض كلّ الجهود والمساعي، وإحباط كلّ جهاد وكفاح. و لذلك فان الاية المباركة تقول: (ودع أذاهم وتوكّل على الله وكفى بالله وكيلا).

و إلى بعض الدروس التي تحفل بها الايتان:

  • إن من واجبات قادة الأمم هو بث روح الأمل والرحمة فيما بين المؤمنين والاخيار والتحذير والانذار فيما بين أعداء الدين والانسانية .
  • لا يستطيع الانسان ان يقاوم أمام أطماع الكفار والمنافقين إلا إذا كان يعتمد على المدد الالهي .
  •  يعيش المنافقون في اوساط المسلمين لكنهم في واقع الامر يسيرون في خط الكفار و عليه ينبغي تمييز هؤلاء و تحديدهم ومراقبة جميع تحركاتهم .

 

ايها الاكارم وصلنا الي ختام حلقة اخري حلقات برنامج نهج الحياة استمعتم له من طهران ... حتى الملتقى نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله ..

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة