البث المباشر

تفسير موجز للآيات 47 الى 49 من سورة الروم

الأحد 12 إبريل 2020 - 14:34 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياةك الحلقة 740

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الرحمة المهداة الى العالمين محمد واله الطاهرين

مستمعينا الكرام متابعي برنامج نهج الحياة السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

معكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج للاستنارة بايات اخرى من هذا السفر الخالد، القران العظيم و قد بلغ بنا المقام الى الاية السابعة والاربعين من سورة الروم المباركة .

دعونا ايها الاكارم لنشنف الاسماع بتلاوة هذه الاية اي 47 من سورة الروم :

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٤٧﴾ 

 

تحدثنا في الحلقة الماضية من هذا البرنامج حول ارسال الرياح وما يسبب ذلك في تعديل الحرارة و البرودة في المناخ و تنقية الهواء و استبدال الهواء الفاسد بالهواء السليم و ايضا ما يتعلق بتلقيح النباتات و حركة السفن الى ذلك ، و في هذه الاية يجري الحديث عن سنة بعث الانبياء وارسالهم و معاجزهم و عقاب المجرمين و نصرة المؤمنين . لكن السؤال الذي يعلق في الذهن هو ما علاقة موضوع الاية السابقة بهذه الاية؟ هل من صلة بين الايتين ؟ اي بين ارسال الرياح والحياة المادية على الارض وبين ارسال الرسل والانبياء؟

اجل، يبدو أن هناك نقطة مهمة يشير اليها سياق الايات و هي أن مبدء و مصدرالنظام الكوني والنظام التشريعي هو مبدء واحد ، وان الخالق هو المشرع نفسه ، بمعنى ان الله الذي سخر لكم ما في الارض وما في السماء من الشمس والسحاب والانهار والبحار وغيرها ليستخدمها الانسان من اجل حوائجه المادية والجسدية هو نفسه الذي ارسل الرسل والانبياء ليستنير بهم في ظلمات التيه والضلال نحو الهداية والرشاد . ولا شك فان الذي يدرك حقيقة الايمان سيحظى بالنصر الالهي و من يبقى على ضلاله وإجرامه فالانتقام الالهي لا مفرمنه، وعد مأتي لا محالة .

والان اليكم الاشارات القرانية التي تحملها الاية المباركة :

  • يشير قوله تعالى " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ " يشيرالى اهمية التاريخ و ان الاطلاع عليه يولد الطمأنية في النفوس فحتى النبي الاكرم يخبره الله تعالى بما جرى على الرسل والامم السابقة لتستقر نفسه الطاهرة .
  • كما يؤكد قوله تعالى "فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ، فَانْتَقَمْنَا " يؤكد ان عقاب المجرمين لا يحل عليهم الا بعد التثقيف والارشاد، فالعذاب بحق من لم تتم عليه الحجة هو ظلم وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
  • ثم ان المجرم هو الذي يكفر بالانبياء وهذا ما يدل اليه قوله تعالى " فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا " لانهم لم يرضخوا لتعاليم الانبياء والرسل فانتقم الله منهم لينصرالمؤمنين، لذلك فان النصرة الالهية الموعودة للمؤمنين تتجسد في الانتقام من المجرمين .

 

اما الان فلننصت خاشعين الى تلاوة الاية 48 و49 من سورة الروم المباركة :

اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴿۴۸﴾

وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ ﴿۴۹﴾

مستمعينا الكرام إن واحداً من الآثار المهمة عند نزول الغيث، يكون بواسطة الرياح، إذ تحمل قطعات السحاب من البحر إلى الأرض العطشى واليابسة، والرياح هي المكلفة ببسط السحاب والغيوم في السماء لتجعلها متراكمة بعضها فوق بعض، وبعد أن اصبح الجو لطيفا رطباً ينزل الغيث الى سكان الارض .

يمكن فهم عظمة هذا الامرعندما نشاهد الصعوبات البالغة التي يعانيها البشر من اجل نقل المياه الصالحة للشرب او لنقل مصادر الطاقة كالغاز و النفط من مكان الى اخر اذ لابد من مد الاف الكيلومترات من الانابيب بين تلك النقاط وبالتالي صرف مليارات الدولارات واستخدام الطاقات البشرية الهائلة و توفير محطات السيطرة و المراقبة الى اخره لتكون منطقة معينة تحظى بتلك الموارد . ولكن الله سبحانه وتعالى ينزل الماء الذي هو سر حياة الكائنات ينزله دون اي تكلفة يتحملها البشر ولجميع من يعيش على وجه البسيطة .

ان هطول الغيث الالهي لا يسعد جسم الانسان وحسب بل ان روح الانسان ومعنوياته تتأثر ايجابيا اثر مشاهدة هطول الرحمة الالهية التي تهب الحياة المادية والمعنوية كما يشير الى هذا قوله المبارك" وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِّن السَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطـنِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الاْقْدَامَ "

و الان الى الاشارات التي تحفل بها الايتان المباركتان :

  • يشيرهذا المقطع من قوله تعالى " الله الذي يرسل .. " الى ان المتغيرات الطبيعية هي دلالة القدرة والحكمة الالهية و لا يكون ذلك عبثا .
  • و ان الارادة الالهية تدور في محور قول الامام الصادق (ع) أَبَى اللَّهُ أَنْ يُجْرِيَ الْأَشْيَاءَ إِلَّا بِالْأَسْبَابِ فَجَعَلَ لِكُلِّ شَيْ ءٍ سَبَباً وَ جَعَلَ لِكُلِّ سَبَبٍ شَرْحاً وَ جَعَلَ لِكُلِّ شَرْحِ مِفْتَاحاً وَ جَعَلَ لِكُلِّ مِفْتَاحٍ عِلْماً وَ جَعَلَ لِكُلِّ عِلْمٍ بَاباً نَاطِقاً و هذا ما يؤكده قوله تعالى " يرسل الرياح فتثير سحابا " .ولا شك فان حركة الغيوم و نزول المطر امران خاضعان للارادة الالهية لقوله تعالى " كيف يشاء" .
  • ونستلهم من قوله تعالى "يستبشرون" ان المصاعب والابتلاءات تضاعف من الاحساس بلذة النعم لدى الانسان بعد ان كان مبلسا يائسا .

 

الى هنا ونصل الى ختام وقفتنا السريعة عند هذه الايات المباركة من سورة الروم المباركة حتى الحلقة القادمة نستودعكم الله الذي لا تضيع عنده الودائع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة