البث المباشر

تفسير موجز للآيات 23 الى 26 من سورة الروم

الأحد 12 إبريل 2020 - 11:31 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 734

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين وصل وسلم على النبي الخاتم محمد وآله الأطهرين.

مستمعينا الأعزاء إخوة وأخوات السلام عليكم وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحيوة وتفسير آي الذكر الحكيم.

 

نتابع في هذه الحلقة تفسير آيات أخرى من سورة الروم المباركة.. نستهله بالآيتين الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين فنصغي أولاً لهما خاشعين:

 وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴿٢٣﴾

 وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴿٢٤﴾

تتابع هاتان الآيتان ذكر الظواهر الدالة على توحيد الله ولزوم إخلاص العبادة له فتذكر فيها "منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله" والمراد هو التذكير بحكمته تعالى من تقسيم حيوة الإنسان الى الكدح والراحة، حيث لا تنتظم الحيوة إلا بهما.

وقوله تعالى "إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون" دعوة الله فيستجيبون لها، ومواعظه فيتعظون بها.

وقوله تعالى "}وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" يعني أن ما يدل على وحدانية الله أن يريكم النار تنقدح من السحاب يخافه المسافر ويطمع فيه المقيم، وقيل خوفاً من الصواعق وطمعاً في الغيث "وينزل من السماء ماء" أي غيثاً ومطراً "فيحيي به" أي بالماء "الأرض بعد موتها" أي بعد إنقطاع الماء عنها وجدوبها "إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون" أي للعقلاء المكلفين.

وفي الآيتين دروس عدة منها:

  • وجوب الشكر على النعم الإلهية وعدم تجاهلها أو الإستهانة بها، فمن نعمه الكبرى نظام النوم واليقظة.
  • العمل والكد لكسب العيش ولقمة الحلال وتأمين متطلبات الحيوة من الأمور الحميدة ومما أوصى بها الدين الحنيف.
  • البرق، المطر ونمو النبات في الأرض ليست أموراً عابرة أو ما يحدث عن طريق الصدفة، وإنما هي حوادث طبيعية قائمة على أساس برنامج دقيق ومنتظم من قبل الإله الخالق تدل الخلق على رحمته بالعباد.
  • علم الإلهيات أو معرفة الله يجب أن يعتمد أساساً العلم والفكر والعقل.

 

أما الآن فنصغي وإياكم، مستمعينا الأفاضل، إلى الآية الخامسة والعشرين من سورة الروم المباركة:

وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ ﴿٢٥﴾

كل موجود يفتقر لعناية الله في بقائه واستمراره تماماً كما يفتقر إليه تعالى في أصل الخلق والإيجاد، وما تخلت عناية الله عن شيء إلا صار هباء هو وجاذبيته ودعاؤه.

أمام قوله عزوجل "ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون" فهو يعني إن دعوة الله في الدنيا هي دعوة نصح وإرشاد يستجيب لها المتقون، ويعرض عنها المجرمون، أما دعوته في الآخرة فإنها دعوة التكوين والتنفيذ لا مفر منها للمدعو إلا إلى الداعي عظمت قدرته.

قوله تعالى في الآية الثانية والخمسين من سورة الإسراء: يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً" أي يوم يدعوكم الله يخرجكم من قبوركم مستجيبين لدعوته تعالى بعدما كنتم أمواتاً.

ما تعلمناه من الآية الكريمة هذه:

  • ثبات نظام الخلق أو التكوين واستقراره، أمر لم يكن عن طريق الصدفة أو من عمل الإنسان، بل هو مشيئة إلهية ومن تدبير الخالق سبحانه وتعالى وإرادته فحسب.
  • ليس الله مبدع الكون وخالقه فحسب، بل المدبر لأموره أيضاً أي ليس بمعنى أن الله خلق العالم فتخلى عنه، بل إنه سبحانه يتولى تدبير أمور ما خلق، مثلما يتولى البستاني أمر ما يزرع منذ البداية وحتى النهاية أي مرحلة القطاف.
  • إن خروج الإنسان من التراب أو القبر، دلالة على جسمانية المعاد فبعد الموت يدفن جسم الإنسان لا روحه!

 

حان الآن تفسير الآية السادسة والعشرين من سورة الروم المباركة؛ نصغي إليها أولاً:

وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ﴿٢٦﴾ 

ثم ذكر سبحانه بعد أن ذكر الدلالات المؤكدة لتوحيده فقوله عزوجل "وله من في السموات والأرض" يعني أن الكون بمن فيه وما فيه ملك لله وطوع إرادته وحده حتى الذين يعصون أمره ونهيه يتصرف فيهم بلا معارض ومعاند، أي أن جميعهم كما يقول تعتالى "كل له قانتون" مطيعون له في الحيوة والبقاء والموت والبعث وإن عصوا في العبادة.

أفادتنا الآية أنه:

  • ليس بوسع الجماد والنبات والحيوان فقط الخروج عن حكم الله وسلطانه، بل ليس بوسع الكائنات ذات المشاعر والأحاسيس كالإنسان والملائكة والجن أيضاً الخروج عن طاعته وحكمه جل وعلا.

 

وهكذا مستمعينا الأفاضل نأتي إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحيوة.

شكراً للمتابعة.. على أمل أن نلتقيكم في حلقة جديدة من البرنامج نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة