البث المباشر

تفسير موجز للآيات 23 الى 28 من سورة النمل

الإثنين 6 إبريل 2020 - 12:54 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 681

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين والصلاة والسلام على خيرة خلقك المصطفى محمد وآله الأطهرين.

إخوة الإيمان السلام عليكم وأهلاً بكم في برنامج نهج الحياة وتفسير أي أخر من سورة النمل المباركة نستهله بالآيتين الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين:

إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ﴿٢٣﴾ 

وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّـهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴿٢٤﴾ 

 

سبق أن أشرنا الى ما برر به الهدهد غيبته عن موكب النبي وسليمان عليه السلام حين قال له "أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين".

وهاتان الآيتان تفصحان عما جاء به الهدهد من أخبار سبأ التي تختلف عن غيرها من المناطق، الى النبي سليمان.

ففي سبأ كما تقول الآية (إمرأة) تملك أهلها وتحكمهم أوتيت من كل شيء يحتاجه الملوك من زينة الدنيا وللمرأة هذه وهي كما قيل بلقيس بنت شرحبيل "عرش عظيم" أكبر من عرش النبي سليمان، مقدمه من ذهب مرصع بالياقوت الأحمر والزمرد الأخضر ومؤخره من فضة مكلل بألوان الجواهر وعليه سبعة أبيات وعلى كل بيت باب مغلق. وقيل المراد بالعرش الملك، وكانت بلقيس وقومها كما في الآية "يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم" هذه أي عبادة الشمس "قصدهم" الشيطان "عن السبيل" الحق "فهم لا يهتدون" الى الحق.

ما تعلمناه من الآيتين:

  •  امتلاك الحكم والإمكانات المادية ليس دليلاً على كون الإنسان صالحاً أو سيئاً، فقد ملك سليمان وملكت بلقيس أيضاًوأوتي كلاهما من كل شيء غير أن ذاك كان نبياً وهذه كافرة مشركة بالله الواحد.
  •  الناس عموماً على دين ملوكهم، فللحكم دوره الفاعل في بلورة عقائد الناس وما يؤمنون به.

والآن نستمع للآيتين الخامسة والعشرين والسادسة والعشرين من السورة:

 أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴿٢٥﴾ 

اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩ ﴿٢٦﴾

 

يتابع الهدهد تقريره بخصوص عبادة الشمس من قبل أبناء سبأ والسجود لها من دون الله، فيقول متعجباً لم لا يسجد القوم لله الواحد؟!

ويأتي الجواب على سؤاله بأن الشيطان زين لهم ضلالتهم بعبادة الشمس لكي لا يسجدوا لله وهو عزوجل "الذي يخرج الخبء في السموات والأرض" ومعنى الخبء المخبوء؛ وقيل إن خبّ السموات المطر وخب الأرض النبات والأشجار وعلى هذا، فمن مصاديق إخراج خفايا السموات والأرض، نزول المطر ونمو النبات بإذنه وقدرته جل وعلا الذي لا معبود إلا هو ولا أحد ينافسه في ذلك حتى سليمان الذي كما يرى الهدهد لا يمكن أن يعبد، رغم أنه نبي مرسل وملك عظيم، ذلك أن علمه محدود ولا يدري ما تشهده منطقة سبأ من أحداث.

أفهمتنا الآيتان:

  •  العبادة أمر فطري، ولكن الإنسان على مدى التاريخ يخطأ أحياناً في تشخيص المعبود الحقيقي فيعبد، كائنات من جماد وحيوان.
  •  للعوامل الطبيعية مثل الشمس، دورها الأساس في نمو النبات وحياة الكائنات، إلا أنها لم تخلقها، الأمر الذي يتم السجود لخالق الشمس، لا الشمس التي هي مما خلق.
  •  ما يترضاه الشيطان من تزيين القبائح وتجميلها لدى الناس هو ألا يسجدوا لخالق الكون.

والآن نصغي وإياكم إخوتنا المستمعين للآيتين السابعة والعشرين والثامنة والعشرين من سورة النمل المباركة:

قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿٢٧﴾

 اذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ﴿٢٨﴾

 

لما سمع النبي سليمان مقولة الهدهد وما اعتذر به في تأخره عن موكبه عليه السلام، قال "سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين" ثم كتب سليمان كتاباً وختمه فدفعه الى الهدهد وأمره أن يلقيه لكي يعرف من جوابهم عن كتابه حقيقة أمرهم.

علمتنا الآيتان:

  •  دعوة الناس الى الدين الحق، تستدعي في ضوء الظروف ومقتضى الحال، أدوات ومستلزمات شتى من خطاب أو رسالة حيناً أو إيفاد مندوب حيناً آخر.
  •  ما يقوله الغير أو يدعيه، يجب ألا يحول دون التحقيق والدراسة واستقصاء الحقيقة وواقع الأمر. فالبرغم مما قاله الهدهد وما جاء به من الخبر اليقين، سعى سليمان التأكد من صحة ذلك.
  •  يجب أن يكون اتخاذ أي قرار بخصوص المعارضين، مسبوقاً بالنصح والإرشاد والتوعية.

الى هنا أعزاءنا المستمعين نأتي الى نهاية هذه الحلقة، شكراً على المتابعة على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة من برنامج نهج الحياة نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة