البث المباشر

تفسير موجز للآيات 125 حتى 128 من سورة النساء

الثلاثاء 28 يناير 2020 - 12:12 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 144

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والأخرين محمد واله الطاهرين، السلام عليكم مستمعينا الكرام واهلاً بكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج حيث وصلنا في تفسيرنا الميسر الى الآية الخامسة والعشرين بعد المئة من سورة النساء، وسنأتي الى تفسيرها وتفسير الآية التي تليها بعد الأستماع الى تلاوة لهما بعد هذا الفاصل:

ومن احسن ديناً ممن اسلم وجهه الله وهو محسن واتبع ملة ابراهيم حنيفاً واتخذ الله ابراهيم خليلاً ولله ما في السموات وما في الأرض وكان الله بكل شيء محيطاً

كما تتذكرون فأننا في تفسير الآيات السابقة ذكرنا بأن شرط الحصول على الأجر الالهي، الأيمان والعمل الصالح. اما هاتان الايتان فتتحدثان عن العوامل النفسية عند الانسان المؤمن والصالح وتبين ان الأيمان انما يكون كاملاَ اذا كان على اساس الأخلاص والتسليم لله تعالى شأنه. وما هي يا ترى فائدة الأقرار بالتوحيد باللسان والقلب من الأيمان خواء؟ والعمل الصالح انما يكون مقبولاً اذا كان بنية خالصة وسريرة نقية وبقصد الأحسان وقرية الى الله تعالى.

ومن بعد ذلك فأن الذي يبدو واضحاً ان العمل رياءاً او لخداع الناس لا قيمة له.

ويقدم القرآن الكريم هنا نموذجاً للأنسان المؤمن ذي العمل الصالح وهو خليل الرحمن النبي ابراهيم على نبينا واله وعليه الصلاة والسلام. ويصرح الذكر الحكيم ان اتباع ملة ابراهيم (ع) طريق الوصول الى السعادة والفلاح.

ولك عزيزي المستمع ان تعرف مكانة النبي ابراهيم (ع) عندما تعلم ان رسول الله (ص) قد امر باتباع ابراهيم الخليل وان الدين الأسلامي تابع للديانة الأبراهيمية السمحة وحتى ورد عن النبي (ص) بعثت بالحنيفية البيضاء وروي عنه (ص) انه قال  انا دعوة ابي ابراهيم.

اما ما نتعلمه من هاتين الأيتين:

اولاً: جوهر الأديان الألهية التسليم امام الله تعالى والأحسان للناس.

ثانياً: الأيمان والعمل الصالح يلازم احدهما الآخر.

ثالثاً: الله تعالى يدعو الناس الى الايمان والعمل الصالح لكنه تعالى ليس بحاجة لذلك ، لأن له ملك السموات والأرض وهو المحيط بكل شيء وهو الغني الحميد.

 

ويقول تعالى في الأية السابعة والعشرين بعد المئة من سورة النساء:

ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء التي لا تأتو هن ما كتب لهن وترغبون ان تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وان تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فأن الله كان به عليما

في الأيات الأولى من سورة النساء وردت احكام خاصة بالمرأة وارثها. اما هذه الأية فتأمر النبي (ص) ان يوضح ان كل ما بين من احكام خاصة بحقوق المرأة هي من عند الله تعالى، فاحكام الأرث والصداق واحكام الايامى واليتامى ذكوراً واناثاً كلها من لدن الشارع الحكيم والوحي الألهي المقدس.

وتبين هذه الأية ان المعيار العام في التعامل مع اليتامى والمحرومين العدل والقسط وهما بلاريب يؤجبان اداء الحقوق المالية والأسرية للنساء والاطفال والصغار واوصى تعالى كذلك وعلاوة على ذلك بالأحسان الى هؤلاء لانه تباركت اسماؤه يحب المحسنين.

وتبين لنا هذه الأية:

اولاً: ان الأسلام دافع عن حقوق المرأة وحقوق الأطفال في وقت كانت هذه الحقوق فيه مضيعة على نطاق الأسرة وفي اطار المجتمع.

ثانياً: ان التشريع من الله تعالى وحده والنبي (ص) مأمور بابلاغ الشرائع الربانية، وليس في هذا الكلام تناقض مع القول بأن سنة رسول الله (ص) تولاً وفعلاً وتقريراً هي احد مصادر التشريع ذلك ان الرسول (ص) ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى وسنته الشريفة جزء من وحي السماء.

 

ويقول تعالى في الأية الثامنة والعشرين بعد المئة من سورة النساء:

وان امرأة خافت من بعلها نشوزاً او اعراضاً فلا جناح عليهما ان يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير واحضرت الأنفس الشح وان تحسنوا وتتقوا فأن الله كان غفوراً رحيما

يدعو هذا النص من القرآن الكريم الزوجين الى ضرورة الحفاظ على كيان الأسرة والحؤول دون تداعيه وتندب الى الصلح وعدم الأختلاف. وتحث هذه الأية المباركة على اجتناب الطلاق والفصال ما امكن وعدم الجري وراء اهواء النفس والتعامل بالأحسان وصولاً الى توثيق الأواصر الأسرية وتمتينها.

والأمور التي يمكن ان نستقيها من هذه الأية الشريفة هي:

اولاً: لابد من تقوية روح التضحية والأيثار لدى الرجل والمرأة او لنقل الزوجين بغية الحفاظ على كيان الأسرة.

ثانياً: تاكيد الأسلام على مباشرة الزوجين حل المشاكل العالقة بينهما واجتناب ادخال الغرباء في مناحي النزاع الأسري.

ثالثاً: النظام الحقوقي في الأسلام يلازم النظام الأخلاقي فيه، فالى جانب حفظ حقوق الأسرة نجد دعوة للأحسان والأصلاح.

نسأل الله تبارك وتعالى ان يوفقنا لمعرفة احكام دينه القويم والعمل بها انه سميع الدعاء والسلام عليكم ورحمة الله.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة