البث المباشر

تفسير موجز للآيات 191 حتى 195 من سورة آل عمران

الإثنين 27 يناير 2020 - 11:37 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 110

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الرسل والنبيين ابي القاسم محمد (ص) وعلى اله الطيبين الطاهرين. السلام عليكم مستمعينا الأكارم اينما كنتم واهلاً بكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج القرآني.

 

يقول تعالى في الآية الحادية والتسعين بعد المئة من سورة آل عمران المباركة:

الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار

يستفاد من هذه الآية ان اولي الألباب هم اولئك الذين يتفكرون دوماً في خلق الوجود والكون ومن خلال رؤية علائم خلق الله يصلون الى هذه النتيجة وهي ان العالم قد خلق من اجل هدف سامي، وان له خالق ابدعه وكونه ومن يتفكر في خلق السموات والأرض ويتدبر فيهما يصل الى ان هذا الوجود المترامي الأطراف لم يخلق عبثاً وان خالقه عليم حكيم.

ومن بعد ذلك اذا ما ايقننا ان لهذا العالم هدف فما هو يا ترى دورنا ومكاننا فيه؟ وبقدر استفادتنا من هذا الكون ماهي الوظائف والتكاليف الملقاة على عاتقنا ازاء الخالق المتعال ربنا ذا الجلال والاكرام؟

وحسب ما يقرره القرآن الكريم فأن اولي الألباب هم على الدوام في تأمل في قضايا الخلق واسبابه وانهم يطلبون من الله تعالى ان يقيهم عذاب النار، بعد ان تيقنوا هدفية الخلق الألهي.

ونتعلم من هذه الأية المباركة الأمور التالية :

اولاً: علامة التعقل هي ذكر الله في كل هذا العالم وان اهل الفكر الحقيقيون هم اهل الذكر كذلك وما يتذكر الا اولوا الألباب.

ثانياً: ان الأيمان انما يكون له قيمة اذا كان قائماً على اساس الفكر والتأمل

ثالثاً: ان للوجود هدف محوري مهم هو القرب من الله عزوجل وكلما ابتعدنا عن ذلك اقتربنا من النار اعاذنا الله واياكم منها ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

 

ويقول جلت قدرته في الاية الثانية والتسعين بعد المئة من سورة آل عمران المباركة (ربنا انك من تدخل النار فقد اخزيته وما للظالمين من انصار) تشير هذه الأية الى نتائج العقاب الالهي وهي تقول على لسان اهل الفكر ان نارجهنم حارقة ومؤلمة، لكن الذي يؤذي اولي الألباب يوم القيامة هما الغم والحزن اذا ما استوليا عليهم.

ان عامة الناس يخافون النار فهذا امر واضح لا ريب فيه، بيد ان العقلاء يخافون في يوم الجزاء من الفضيحة ذلك انهم يعلمون ان الفضيحة امام الأخيار والصالحين على مدى التاريخ هي اشد على النفوس من نار جهنم مهما كانت حارقة

ونتعلم من هذه الاية القرآنية مايلي:

اولاً: الرؤية الخاطئة نحو الوجود والأستهزاء به لا قدر الله هما مدعاة لظلم النفس واهدار الرأسمال المعنوي الذي يمتلكه الأنسان بفضل ايمانه

ثانياً: الظالمون يوم القيامة لا شفيع لهم وما للظالمين من انصار كما يستفاد من آيات الذكر الحكيم.

 

ويقول تعالى في الايتين الرابعة والتسعين بعد المئة والخامسة والتسعين بعد المئة من سورة آل عمران المباركة:

ربنا اننا سمعنا منادياً ينادي للأيمان ان آمنوا بربكم فأمناء ربنا فاغفرلنا ذنوبنا وكفر عنا شيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد

ان اهل العقل يلبون نداء الفطرة والعقل ومن خلال التفكر في الخلق يصلون مرحلة الأيمان بالله. كما ائهم يستجيبون لنداء انبياء الله تعالى الذين يدعون الناس الى الأيمان. انهم يطلبون من الله ان يغفر لهم ذنوبهم الصغائر منها والكبائر ويريدون عاقبة الخير.

ولعل من الضروري الأشارة هنا الى ان الله تعالى قد جعل على الناس حجتين الأولى باطنة وهي العقل والفطرة والوجدان والضمير والثانية ظاهرة وهي الرسل والأنبياء (ع) فمن استجاب الى عقله ولبى نداء فطرته وآمن بالرسل والانبياء فقد هدي الى النهج القويم والحمدلله رب العالمين

ومما نتعلمه من دروس هنا فهي:

اولاً: قبول الحق من علائم التعقل

ثانياً: التوبة والأستغفار من الأثام والذنوب هي من خصائص المؤمنين العقلاء.

ثالثاً: الموت في زمرة الصالحين من علامات العقلاء المؤمنين

اللهم احشرنا مع الأخيار والصالحين يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم.

 

ويقول تعالى في الآية الخامسة والتسعين بعد المئة من سورة آل عمران المباركة:

فأستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عاملاً منكم من ذكر اوانثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم واوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولا دخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله والله عنده حسن الثواب 

لقد اتضح لنا من الايات السابقة ان المؤمنين من اولي الألباب والعلماء العاملين قد اقاموا ايمانهم على اساس الفكر والتعقل واذعنوا لربوبية الخالق الأحد والفرد الصمد الله تعالى، وانهم يعتذرون في ساحة القدس الربوبي عن اي تقصير صدر عنهم

وتأتي هذه الآية لتبين ان الله تعالى يجيب دعوة هؤلاء المؤمنين، وتوضح من بعد ذلك قانوناً عاماً في هذا الوجود وهو ان الله تعالى لا يضيع عمل من احسن عملاً وليس هنا من فرق بين الذكر والأنثى. اذ الناس بعضهم من بعض ولا فرق لاحد منهم على آخر الا بالتقوى ثم يأتي القرآن من بعد ذلك للأشارة الى فكرة دينية ثاقبة وهي الهجرة والجهاد وفيهما حياة المجتمع الأسلامي وعزته، فالايمان بمفرده غير كاف. كما ان العلم والعقل لوحدهما لا طائل منهما

على اي حال ما يمكن ان نصل اليه بعد كل ما ذكرنا هو انه لا يوجد عمل من غير جزاء حسن شريطة ان يكون ذلك العمل خالصاً لوجه الله الكريم وان الأنسان انما يكون جديراً بدخول جنات النعيم بعد ان يطهر نفسه وذاته من المعاصي والاثام.

 

حضرات المستمعين الأفاضل، هكذا انتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، نستودعكم الله والسلام خير ختام.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة