البث المباشر

تفسير موجز للآيات 260 حتى 263 من سورة البقرة

الأحد 26 يناير 2020 - 10:25 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 68

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وآله الطاهرين، أيها الأخوة والأخوات، نحييكم تحية عطرة والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، يسرنا أن نكون معكم في لقاء قرآني جديد وتفسير لآيات أخرى من الذكر الحكيم، تستمعون اليها بصوت القارئ الأستاذ برهيزكار، كونوا معنا بعد هذا الفاصل.

أعزائنا المستمعين؛ يحدثنا التاريخ أن النبي ابراهيم (ع) مرّ ذات يوم بالقرب من بحر فرأى جثة حيوان ميت نصفها في الماء ونصفها في اليابسة، وقد تكالبت عليه الحيوانات البرية والبحرية، تقتسم أجزائها، فقال هذا النبي في نفسه: إذا كان مصير الإنسان مثل هذا فكيف يحيى جسده يوم القيامة؟ إنه عليه السلام كان يؤمن بالمعاد ومع هذا أراد من الله أن يريه كيف يحيي موتى تناثرت أجزاء جسدهم.

وتأتي الآية الستون بعد المئتين من سورة البقرة لتنقل لنا حوارا بهذا الشأن بين ابراهيم (ع) والله سبحانه تعالى حيث يقول:

وإذ قال ابراهيم ربِ أرني كيف تحيي الموتى................ عزيز حكيم.

نعم مستمعينا الكرام؛ وامتثل ابراهيم (ع) أمر ربه بذبح أربعة من الطيور وخلط لحومها ووزعها على عشرة جبال ثم نادى على الطيور الأربعة فأحييت الطيور بإذن الله وجئن سعيا الى ابراهيم.

وتعلمنا هذه الآية المباركة:

أولا: أن المعاد جسماني، وإن قدرة الله تحكم بقوانين الطبيعة وإنه تعالى قادر على كل شيء، يقول للشيء كن فيكون، فتبارك اسمه وهو أحسن الخالقين.

ثانيا: العقل يقنع بأسلوب المنطق والإستدلال، لكنه مع هذا لابد من حصول الإطمئنان القلبي.

 

ويقول تعالى في الآية الحادية والستين بعد المئتين من سورة البقرة؛

مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ............... والله واسع عليم.

هذه الآية الكريمة، أعزائنا المستمعين، وأربع عشرة آية تليها تتحدث عن الإنفاق وحرمة الربا وكما هو واضح فإن موارد الناس المالية ودخولهم ليست متساوية، إنها وفي مجتمع ما، تختلف باختلاف نوع العمل الذي يمارسه الإنسان.

إنه قد تحول بعض العوامل والأسباب دون الحياة الطبيعية للإنسان، ومن هذه الأسباب الكوارث الطبيعية، مثل السيول والزلازل والجفاف والمجاعات أو الحرائق والسرقات والأوبئة والأمراض والعجز والشيخوخة وأمثال هذا.

إذاً ما السبيل لحل هذه المشكلة، لابد أن يحترق الإنسان بنار الفقر ويريه، أم إنه لابد أن يمد يده للأثرياء مقترضا.

وقد يقربه الأثرياء بالفائدة فيصير هذا القرض وبالا عليه حتى آخر عمره.

وعلى أي حال فإن تعاطي الربا يعتبر من الأمراض الإقتصادية في المجتمع، إنه، أي هذا الربا اللعين، يجعل الغني أكثر غنى والفقير أشد إملاقا وهذا السبيل المعوج يقود المجتمع الى الطبقية والتمييز، وجاء في تعاليم الاسلام الحنيف لتحرم الربا سواء كان في المعاملة أو في القرض، كما يقسمه الفقهاء.

وأحيا الإسلام روح الأخوة بين المسلمين في المقابل وشجعهم على الإنفاق في سبيل الله وخدمة المجتمع.

وتعلمنا هذه الآية أن الإنفاق ومساعدة المحرومين إذا كان في سبيل الله وبنية خالصة ومن مال حلال، فإنه يزكي المال ويزيده وينميه ويحيي المجتمع والفرد من الناحية الإقتصادية.

 

مستمعينا الكرام مازلتم تستمعون الى برنامج نهج الحياة يقدم لحضراتكم من إذاعة طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.

يقول تعالى في الآيتين الثانية والستين بعد المئتين والثالثة والستين بعد المئتين من سورة البقرة؛

ينفقون أموالهم.......................... ........ غني حليم.

في هذه الآية الكريمة اعزائي المستمعين، بيان للأسلوب الصحيح للإنفاق، فما ينفق في سبيل الله، عليه أن لا يمنّ على المحرومين في إنفاقه عليهم وعليه أن يجتنب ما يؤذيهم من قول أو فعل، والقرآن يقول: (ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى). وليعلم الإنسان إنه إذا ما أنفقه من ماله شيئا على الفقراء والمعوزين فإنه إنما ينفق مال الله على عيال الله وإن في الإنفاق ثوابا وأجرا كبيرا في الدنيا والآخرة.

وإذا ما فقد أحدنا المال ولم يقوى على الإنفاق رضى لله فإن تعامله الحسن مع الفقير فيه أجر كبير؛ حتى روي عن النبي (ص) قال: (الكلمة الطيبة صدقة).

ولنا أن ننقل هنا أعزائي المستمعين قولاً لأمير المؤمنين سلام الله عليه حيث يقول: الجود ما كان ابتداءا فما كان عن مسألة فحياء وتذمر.

ولذلك فإن الشاعر يقول:

ولقد دعوت ندى الكرام فلم يجب فلأدعين ندا أجاب وما دعى

ومن العجائب والعجائب جمة شكر بطيء عن ندى متسرع

وتعلمنا هذه النصوص الشريفة؛ أن العمل، أي عمل كان، لابد ان يكون خالصا لوجه الله الكريم لا منة فيه، وعلينا أن نجتنب كل ما يبطل العمل الصالح في غرور وتكبر، ثم أن كرامة المؤمن وحفظ ماء وجهه أفضل وأهم من تأمين حاجاته المادية، نسأل الله تعالى أن ينأى بنا عن البخل والحرص والطمع وأن ينمي فينا روح الجود والإحسان والكرم، إنه خير محسن وجواد كريم.

طبتم مستمعينا الكرام وطابت أوقاتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة