البث المباشر

قول الامام علي (ع): المعاصي حمى الله

السبت 9 نوفمبر 2019 - 11:04 بتوقيت طهران
قول الامام علي (ع): المعاصي حمى الله

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 293

نص الحديث

قال الامام علي عليه السلام: "المعاصي حمى الله فمن رتع حولها يوشك ان يقع فيها".

دلالة الحديث

الحديث المتقدم يجسد صورة تمثيلية او استعارية او استدلالية تعني: ان الله تعالى رسم لما هو مباح وممنوع، او رسم خطاً احمر ما بينهما، فاذا حام حول هذا الخط او اقترب منه، وتشهى ممارسة الممنوع وقع فيه، وهو المعصية، اذن: نحن الان امام صورة معدولة او انزياحية تعتمد عنصر (التمثيل الفني) تعبيراً عن واقع حي هو: ان من يحاول الاقتراب من سياج المعصية: يقع او يوشك في الدخول الى المعصية، هذه هي دلالة الحديث، ولكن بلاغته تتطلب تحليلاً لصورة (الحمى) و(المرتع) و(الوقوع) في الرموز التي تضمنها الحديث، وهذا ما نبدأ به الان.

بلاغة الحديث

يتميز النص المتقدم ببلاغة فائقة من حيث الدقة التي انتظمته، بحيث يستطيع القارئ للنص بان يحلل الصورة ومن ثم يندهش لما يجد فيها من واقعية السلوك البشري في نيته لممارسة المعصية او التفكير بها أو التشهي لها، واليك تحليل ذلك قلنا: (الحمى) هو بمثابة حد او خط احمر، ولكن التشبيه بالحمى اي الحد الممنوع تجاوزه اكثر دقة، بخاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الامام عليه السلام استخدم كلمة او عبارة (فمن رتع حولها)، حيث ان الرتع هو: تناول الاكل او الشرب في المكان الذي ترتع الحيوانات فيه: لذلك فان النص عندما استخدم (رتع): يكون بذلك قد توكأ على جملة نكات بلاغية لها اثارتها ودهشتها، كيف ذلك؟.
اولاً: استخدم النص عبارة (رتع) حيث قلنا ان الحيوانات غالباً هي التي ترتع في المكان الخصب، وهذا يعني ان النص شبه الحائم على المعصية بالانعام بنحو غير مباشر وهذا هو احد مبادئ البلاغة المدهشة، انه يجعلك متداعيا بذهنك الى الحيوان بالنسبة الى من يتطلع الى المعصية، هذا اولا: واما ثانيا: فان صورة (الحمى) الذي يعني: الحد الممنوع تجاوزه قد استخدمه النص للتدليل على ان لكل مرتع مثلاً حمى، او ان لكل وحدة مكانية حدوداً فاصلة، فمن اقترب من هذه الحدود وحاول الافادة من المكان الممنوع دخوله وهو: مرتع الحيوانات، عندئذ يكاد يقع في ممارسة المعصية، فمثلا ان الله تعالى جعل محاولة النظر الى المرأة الاجنبية المارة عليه: كمن رتع حول الحمى فاذا غض النظر عنها سلم، واذا حاول النظر اليها اوشك بان يقع في حبال الفتنة، وهكذا سائر المعاصي كما هو واضح.
اذن: امكننا ان نتبين مدى الدقة في الصورة المتقدمة وهذا ما يقتادنا الى ان نتحفظ من الوقوع في المعصية بحيث يتعين علينا ان نحذر الاقتراب او التفكير في ممارسة المقدمات التي تفضي الى المعصية: كالمحادثة مع الجنس الاخر بدون ضرورة او محاولة الاستمتاع مثلا بالنظر اليها الخ، من هنا نسأله تعالى ان يجنبنا الوقوع في المعصية وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة