البث المباشر

قال الإمام علي عليه السلام: دنياكم هذه لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها

الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 - 14:30 بتوقيت طهران
قال الإمام علي عليه السلام: دنياكم هذه لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 236

نص الحديث

قال الأمام علي عليه السلام: "دنياكم هذه لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها".

دلالة الحديث

الحديث المتقدم أعزائي المستمعين يجسد ما نطلق عليه إصطلاح التشبيه المتفاوت أي التشبيه الذي يقارن بين الطرفين أحدهما اعلى أو أدنى من الطرف الآخر والفرق بين التشبيه العادي والمتفاوت هو أن التشبيه العادي يماثل بين طرفي الصورة بينما المتفاوت يجعل أحدهما أدنى أو أعلى من الطرف الآخر، وفي ضوء هذه الفارقية نتقدم الى ملاحظة التشبيه الذي ورد في حديث الأمام علي عليه السلام.
لقد شبه الأمام عليه السلام الدنيا بورقة من الشجرة تقضمها الجرادة؛ ليس هذا فحسب حيث أن الورقة التي تقضمها الجرادة من الممكن ان تكون لها قيمة تافهة او هينة ولكن الأمام عليه السلام الذي جعل الدنيا أكثر تفاهة وهواناً من الورقة المذكورة والطرافة في التشبيه المتقدم تتمثل في جملة نكات بلاغية نعرضها الآن.

بلاغة الحديث

النكتة الأولى هي إنتخاب ورقة شجرة تسقط على الأرض ولاقيمة لها كالنواة مثلاً حيث تجتمع مع ساير مايماثلها في المزبلة ومجرد إنتخاب شيء تافه قبالة زينة الحياة الدنيا التي يلهث المنحرفون من اجل الحصول على زخارفها كافي بتحسيسنا بتفاهة الدنيا. النكتة الثانية أن هذه الورقة قد إقترن وجودها مع قضم الجرادة لها حيث أن إنتخاب الجرادة وهي طائر لايقترن بإحترام الصائد لها كافي في التحسيس أيضاً بتفاهتها. النكتة الثالثة هي أن عملية القضم نفسها تقترن بمظهر تافه لاقيمة له فإذا أضفنا ان هذه العملية التافهة مقترنة بقاضم تافه حينئذ نتحسس مدى تفاهة الدنيا. النكتة الرابعة هي أن الأمام عليه السلام لم يجعل تفاهة الجراد القاضم لورقة مماثلة لتفاهة الدنيا بل جعل تفاهة الدنيا أكثر هواناً او تفاهة من الجرادة المذكورة او من قضمها للورقة.
إذن أعزائي المستمعين إتضح لنا من خلال النكات الأربعة التي ذكرناها مدى ماينطوي عليه التشبيه المتقدم من طرافة ومن عمق ومن دقة وتشخيص الهدف وراء الصورة التشبيهية المذكورة وبهذا نأتي الى ختام حلقة اليوم من برنامج نور وبلاغة إستمعتم اليها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران سائلين الله تعالى ان يجعلنا من عرف تفاهة الحياة الدنيا ومن ثم إتجه الى ممارسة وظيفته العبادية التي خلق الله تعالى الإنسان من أجلها إنه سميع مجيب. وفي الختام ننور قلوبنا مرة اخرى بالإستماع الى الحديث الشريف الذي تناولناه في بداية اللقاء وهو:
قال الإمام علي عليه السلام: "دنياكم هذه لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها".
دمتم سالمين وفي امان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة