البث المباشر

حديث: منهومان لايشبعان طالب علم وطالب دنيا

الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 - 12:28 بتوقيت طهران
حديث: منهومان لايشبعان طالب علم وطالب دنيا

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 218

نص الحديث

قال الامام علي (عليه السَّلام): "منهومان لايشبعان، طالب علم وطالب دنيا".

دلالة الحديث

هذا النص من النصوص المتسمة بالفن وبالعمق وبالطرافة... انه يخلع على العلم والدنيا طابع النهم عند البشر اي: الجوع وعدم الاشباع والنكتة هي: ان النهم وهو طابع المعدة خلعه النص على عنصر بشري أيضاً كل ما في الامر نجد ان النص المذكور خلع على ما هو غير عضوي (وهو العلم) و(الدنيا) حيث ان الاول صفة معنوية والآخر صفة تجريدية... ويعيننا بعد هذه الاشارات: تحليل النص بلاغياً ودلالياً وهذا ما نبدأ به الآن... فماذا نستلهم ؟
واضح ان (العلم) لا حدود لظاهرته اي: مهما يتزود البشر بالمعرفة حينئذ يتحسس قصوره والاجماع قائم على ان التخصصات المعرفية في ميدان العلوم الانسانية والتجريبية والبحتة لا يمكن لأية شخصية ان تلم بها البتة... ومادام الامر كذلك فإن طالب العلم يظل متعطشاً للمزيد من العلم دون ان يرسو على شاطئ... والنكتة هي: العطش او النهم حيث لا ارتواء ولا اشباع للشخصية... وهذا فيما يتصل بالعلم... ولكن ماذا عن الدنيا؟
ان الدنيا كذلك اي: لا تشبع الشخصية من الدنيا بل تظل متطلعة الى متاعها مهما امتد بها العمر... واذا كان سبب النهم العلمي هو: غريزة الاطلاع او المعرفة بالاشياء فإن النهم الدنيوي هو: الدافع الى الحياة (كما يصفه علم النفس حيث ان هذا الدافع هو اقوى دوافع الشخصية بحيث ترضى الشخصية بالمرض والفقر وشدائد الحياة المتنوعة دون ان يحجزها ذلك عن التشبث بالحياة الدنيا حتى لو قطعت مئات السنين من العمر...
اذن: المنهومان هما: العلم والدنيا.

بلاغة الحديث

والسؤال هو: ماذا يستهدف الامام (عليه السَّلام) من هذين النموذجين؟ هل هو: مشروعية كليهما أو احدهما ام ماذا؟
بين ان الدنيا مرفوضة وان هدف النص هو: الايحاء بان غالبية الشخصيات تتشبث بزينة الحياة الدنيا... من هنا جاء بما يضادها وهو العلم حيث يقترن صاحبه بالنهم ايضا ولكنه نهم مرغوب فيه... ومن ثم فان المقارنة بينهما بنحو غير مباشر تكشف بأن العلم هو يتداعي اليه الذهن وهو سلوك ايجابي بعكس الدنيا حيث يتداعى الذهن منها الى ما هو السلبي من السلوك.
والان بعد معرفتنا بان الدافع الى الحياة يفسر نهم الشخصية حيال ذلك عندها نتبين الاسرار الدالالية والجمالية لمفهومين متضادين احدهما ايجابي والاخر سلبي، ولكن الصياغة البلاغية لهذين المفهومين تجعل الذهن متداعياً الى الحكم على نهم العلم بانه هو المطلوب وبان النهم في الدنيا هو المرفوض.
سائلين الله تعالى ان يجعلنا كذلك اي: يجعلنا نهمين في تلقي المعرفة الشرعية وزاهدين بمتاع الحياة الدنيا وان ننجح في ممارسة المهمة العبادية انه سميع مجيب.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة