نص الحديث
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ان لأنفسكم اثماناً، فلا تبيعوها إلا بالجنة.
دلالة الحديث
من الواضح، ان النفس او الشخصية كائن تقوم تركيبته علي آلية (البحث عن الاشباع) اي: كل حركة من الانسان هي: بحث عن تحقيق الامتاع او اللذة، سواء اكان الامتاع حسيّاً كالطعام والجنس او معنوياً: كالبحث عن الثواب والحديث المتقدم يتجه الي تقرير هو: ان الانسان بما انه بحث عن راحة او اشباع او امتاع الى آخره، فلابّد من دفع الثمن للحصول علي هذا الاشباع، فلكي تستمتع بلذة الطعام فعليك الثمن حيال ذلك بان تدفع نقودا وتشتري الطعام. وهذا انما يتصل بمطلق السلوك المرتبط بالانسان، ولكن النبّي (صلى الله عليه وآله وسلم) يذكر الشخصية الاسلامية بان وظيفتها هي: كسب رضاه تعالي والجنة وحينئذ فإن الكسب المشار اليه يظل هو، الثمن الذي ينبغي ان يدفعه الانسان للحصول علي الجنة.
وهذا ماعبرت الفقرة المذكورة عنه عندما قالت: "ان لأنفسكم اثماناً فلا تبيعوها إلا بالجنة"، اذن نحن الآن امام استعارة جميلة آن لنا ان نحدثك عنها بلاغياً.
بلاغة الحديث
ان النص خلع طابع (البيع) او الشراء علي سلوك الانسان للظفر برضاه تعالي وبالجنة، فذكر ان (الثمن) في عملية البيع والشراء هو العوض او المقابل للسلعة ونحوها، وفي تصورنا ان هذه الاستعارة من العمق والجمال والواقعية بمكان كبير.
نقول مادام البيع والشراء وتحقيق الاشباع وراء ذلك يتوقف علي دفع (الثمن)، حينئذ فان (الثمن) يظل هو: الوسيلة لتحقيق الاشباع، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل نفس الانسان ثمناً، اي الوسيلة لتحقيق الاشباع، ومن ثم ما يترتب علي الطاعة من الحصول علي رضاه تعالي وعلي الجنة، وهي قمة التحقيق للاشباع اي ان الجنة هي الاشباع الخالد حيث لا درجة اعلي منه، مع ملاحظة ان رضاه تعالي مقدم علي كل شيء، وهو قمة الاشباع الروحي والمادي، وهذا ما يتحقق في الحصول علي رضاه تعالي والجنة.